في الأمس حط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منزل السيدة فيروز، هذا هو الحدث بحد ذاته الذي خطف الأنظار وأضواء الاعلام اللبناني والعربي والعالمي.
فيروز، ومهما قيل فيها من مدائح، فهي تخطت رتبة الكلام ورصفه إلى مرحلة تسمو كما صوتها الملائكي. فيروز التي وإن قلنا فيها إنها قامة بحجم الوطن فلا نبالغ. فيروز الوجدان والإيمان والذاكرة والتاريخ والثقافة. فيروز لبنان، ولبنان فيروز.
أن يأتي رئيس دولة عظمى الى بيروت، مشترطاً أن يبدأ جولته بزيارة فيروز قبل زيارة أي مسؤول سياسي، هو تصرف في قمة الادب والفخامة والرقي. فالرئيس الفرنسي يعلم أن الأوطان تموت عند بعض سياسييها، بينما تحيا الى الابد بصوت فنانيها ومبدعيها.
ماكرون يدرك جيدا قيمة السيدة فيروز، ومعجب بأغانيها كما العالم كله، يحلو له صباح باريسي على وقع أغنية لبيروت.
ماكرون يدرك جيدا إن لفيروز قيمة لا تقدر عند الفرنسيين، فهي حاضرة بصوتها في قلوبهم وعقولهم ومنازلهم وأحيائهم وشاشاتهم ومسارحهم ، هي كداليا وإديث بياف بالنسبة لهم.
بالأمس حمل ماكرون أعلى وسام فرنسي، فقلد فيروز وسام جوقة الشرف، وهو يقول فيها إنها السيدة الجميلة والقوية.
أكثر من ساعة وربع الساعة دام اللقاء بينهما على مأدبة عشاء. تبادلا أطراف الحديث، فالرئيس الفرنسي معجب بسيدة بحجم وطن، يستمع إليها وهي الحاضرة بشباب لبنانها، وراسخة بإيمانها بقدرتهم على صنع المستقبل الذي يليق بهذا الوطن.
هل أدرك أحدكم كم من مليون شخص حسد الرئيس على مجالسته هذه القامة التاريخية الفنية العظيمة؟ ماكرون يعرف جيدا في قرارة نفسه أن زيارة لبنان لا تكتمل إلا بزيارة العظماء فيه، وهو أصاب بإختيار العظيمة فيروز في بداية هذه زيارته إلى لبنان.
ماكرون وقف بهيبة أمام فيروز، فيما لم يبذل أي رئيس لبناني أي جهد لزيارة فيروز والوقوف على خاطرها، وهنا يصح القول "ويل لأمة وساسة لم يكرموا عظماءهم".
لقد كانت رسالة واضحة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة فيروز، لقد أراد أن يقولها بالفم الملآن "لكم أيها الساسة شجونكم ولي فيروز... فيروز لبنان والحب والسلام".
ويبقى صوت فيروز هو سكرة الله بمجد المحبة، ومجد لبنان أعطي لها، وهي طريق السلام من لبنان إلى فرنسا والعالم.