الواقعية في التمثيل هو فن لا يدركه إلا من يعملون بشغف في مجال الفن والتمثيل، وإنسياق الممثل لطبيعة الدور الذي يُقدمه من أهم مهامه في التحضير للدور، بناء على العوامل النفسية والسيكولوجية وكذلك في ما يتعلق بالشكل الخارجي، فلقد شاهدنا الكثير من نجمات الزمن الجميل وأجيال أخرى بعدهن يتخلين تماماً عن المكياج من أجل الإنسياق للأدوار التي يقدمونها، ومن بين هؤلاء فاتن حمامة وشادية وسميحة أيوب وسلوى خطاب وأسماء أخرى كبيرة في مجال التمثيل على مدار عصور مختلفة، ولكن مع إنتشار عمليات التجميل ورغبات الممثلات في الظهور والإطلالة من خلال الأعمال الفنية بأبهى صورة شكلية ممكنة، حتى ولو على حساب الدور إنتشرت الكثير من الأخطاء والبدع التمثيلية الجديدة، التي أفسدت أدواراً مهمة على ممثلات متميزات خلال موسم رمضان.
."الفن" يعرض لكم البدع التمثيلية الجديدة والأخطاء التي وقعت فيها بعض الممثلات، ممن ظهرن بموسم رمضان وآراء طارق الشناوي وخيرية البشلاوي في الأمر في السطور المقبلة:
"مكياج كامل" ياسمين صبري
وقعت الممثلة المصرية ياسمين صبري في خطأ كبير هذا العام ضمن مسلسلها الذي عرض في رمضان وهو "فرصة تانية"، فعلى الرغم من أن بشرة ياسمين صبري عادة لا تحتاج للمكياج الزائد بسبب إستخدام الألوان "الباستيل" وهي ألوان هادئة تتناسب مع بشرتها، إلا أننا شاهدنا بدعة تمثيلية جديدة هذا العام بشخصية "ملك" التي أدتها ضمن أحداث "فرصة تانية"، فعندما تعرضت ياسمين لحادث جعل سيارتها تنقلب وتتواجد في المستشفى لأيام وكانت قد فقدت الذاكرة في ما بعد، فوجئنا بمكياج زائد على وجه ياسمين صبري في حين أنها فقدت الذاكرة وقد مكثت في المستشفى لأيام، وهذا ما تكرر بالفعل في عدة حلقات أخرى إستخدمت فيها ياسمين المكياج الزائد الذي طغى على الكثير من المواقف في المسلسل، والتي لم تكن تتطلب ذلك.
ملابس ومكياج غادة عبد الرازق
وعلى غير عادة الممثلة المصرية غادة عبد الرازق في الإلتزام بالمعايير الخاصة بكل شخصية ودور تقدمه، إذ سبق وظهرت طيلة أحداث مسلسل "الكابوس" بدون مكياج وحصلت على إشادات كبيرة وقتها، إلا أنها خالفت ما فعلته ضمن أحداث مسلسلها الذي عرض في رمضان وهو "سلطانة المعز"، فمن المفترض أن غادة عبد الرازق تُقدم دور "سلطانة" وهي في الأساس "بائعة كبدة" من محدودي الدخل، ولكنها إستخدمت مكياجاً زائداً للغاية وإرتدت ملابس فارهة تُبرز جمالها من دون الإهتمام إذا كان ذلك يتماشى مع طبيعة الدور والمرحلة من عدمه.
هيثم شاكر وخطأ بأولى بطولاته
ومن ناحية أخرى وقع الفنان المصري هيثم شاكر في خطأ كبير ضمن مسلسله الذي عرض في رمضان "حب عمري"، الذي يُعتبر أولى بطولاته المطلقة في الدراما، فبعد أن ظهر بأحد المشاهد وهو يتشاجر مع أحد وحصل على "لكمات" على وجهه، ظهر في المشهد التالي وكأن شيئاً لم يحدث له، وهذه بدعة تمثيلية جديدة لا تتماشى مع مصداقية العمل والشخصية.
يوسف الشريف وأخطاء في "النهاية"
وعلى عكس ما هو مألوف عن يوسف الشريف بأعماله ومسلسلاته الدرامية، وقع هذا العام بعدة أخطاء ضمن أحداث مسلسل "النهاية" الذي قام ببطولته، إذ أنه من المفترض أن العمل يُحاكي فترة أول عقدين من القرن الـ22 بجو خيال علمي، وهذه فترة ليست بعيدة ومليئة بعوامل تكنولوجية أبعد من الخيال كما ورد في أحداث المسلسل، وهذا لا يجعل "الفحم" كلمة غير معروفة بالنسبة لشخص يعيش بهذا الزمن، وخصوصا في مشهد ذكروا فيه الفحم كمصدر للطاقة ولم يعرفه الطلاب الصغار في الملجأ، ومشهد آخر يتضمن تشغيل الممثل المصري عمرو عبد الجليل سيارته بـ"البنزين" في وقت نضبت فيه مصادر الطاقة منذ سنوات طويلة.
دينا الشربيني والشعر المستعار...وخطأ أحمد داوود في "لعبة النسيان"
تعرض الممثل المصري أحمد داوود لبعض التعليقات خلال مروره بمسلسل "لعبة النسيان" بدور التوأم، واللافت أن الشخصيتين كان لديهما جرح فوق العين، فليس ضروري ان يكون التوأم لديهما نفس الجرح.
ولم تسلم بطلة العمل الممثلة المصرية دينا الشربيني من انتقادات الشعر المستعار الذي بدى واضحاً.
طارق الشناوي: المخرجون لا يتمتعون بمسؤولية السيطرة على الممثل، وشكل الممثل ومظهره جزء من أدواته
سألنا الناقد طارق الشناوي عن رأيه في هذه البدع التمثيلية الجديدة المُدخلة على التمثيل، وقال: "أرى أن ملامح الممثل وشكله الخارجي ومظهره جزء من أدوات التمثيل، وبالتالي يجب أن تكون مُحايدة بمعنى أن تصلح كي تُقدم دور عامل قمامة أو وزير سواء كان غنياً أو فقيراً، و"هوليوود سمايل" تتناقض مبدئياً مع فكرة الحياد لأنها تفسد بعض الحالات بالنسبة للممثل، وأرى أن "هوليوود سمايل" ضد التمثيل وتضع الممثل في إطار معين ولا تمنحه الحرية".
وتابع الشناوي قائلا: "أرى أن هذا الدور الخاص بالبدع التمثيلية هو دور المخرج في المقام الأول، وأغلب المخرجين ليست لديهم القدرة على توجيه الممثل، بدليل أنك تجد ممثلات بمكياج زائد وهذا ما حدث مع ياسمين صبري بالمكياج الكامل أثناء وجودها في العناية المركزة، وهذا الأمر مشكلة مخرج.
خيرية البشلاوي: الممثل لا بد أن يخضع لتفاصيل دوره ويراعي عوامله النفسية والخارجية
ومن جانبها أكدت الناقدة خيرية البشلاوي أنه لا يجوز إستخدام "هوليوود سمايل" والرموش الصناعية والمكياج الكامل في كثير من الأدوار، إذ تقول إن الممثل لا بد أن ينساق ويخضع للدور ويراعي تفاصيله وعوامله النفسية والسيكولوجية والخارجية، وأشارت في الوقت نفسه أن هذه الأمور كلها هي مسؤولية مخرج وقائد العمل في المقام الأول وكذلك مسؤولية الممثل، وقد أشارت إلى سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة ومدى توافق الشكل الخارجي في أدوارها بالسينما والدراما مع طبيعة الشخصيات التي قدمتها طيلة مشوارها.
وأضافت البشلاوي: "أعتقد أن ممثلات الجيل الحالي يفتقدن إلى الشغف في التمثيل بالقدر نفسه الذي كانت تتبعه الكثير من فنانات الزمن الجميل، فأنا ضد هذه البدع التمثيلية التي تجعل الممثل يقع في أخطاء غير مقبولة تمثيلياً، وفي الوقت نفسه الممثل له أدوات من الضروري أن يراعي كيف يستخدمها من دون أن يُفسد أداءه بشيء لا قيمة له بالدور، مثل المكياج أو الهوليوود سمايل أو ما شابه ذلك من أمور".