رغم أن صراع الإخوة ليس قصة مستجدة على الدراما التلفزيونية، فإن التناول الدرامي لمسلسل "البرنس" يطرح صورة البطل، رضوان البرنس (محمد رمضان)، الذي يحظى بمحبة والده الشديدة (عبد العزيز مخيون)، بما يجعل إخوته ضده فيكيدون له بالإنتقام، ما جعل بعض المتابعين يربطون بين ملامح المسلسل، وإستلهام المغزى الإنساني من قصة النبي يوسف وكيد إخوته له.
إلا أن مؤلف المسلسل ومخرجه محمد سامي، لم يعلن إقتباسهلملامح مسلسله من ملامح قصة النبي يوسف وإخوته، وقال إنه إستلهم القصة من باب "بريد الجمعة" الشهير، الذي كان يكتبه الصحافي الراحل عبد الوهاب مطاوع في جريدة "الأهرام" المصرية لسنوات طويلة، وكان يتواصل فيها الراحل مع القصص الإنسانية التي كان يرسلها له القراء، بما فيها من تعقيدات عائلية جمّة، ومنها التقط سامي، على حد تعبيره، فكرة مسلسل "البرنس"، الذي قضى نحو خمس سنوات في كتابته.
يكشف السياق الدرامي بعد قرار الميراث، عن خبايا نفوس الإخوة، الذين وصل بهم حد الكراهية لرضوان لذروته، الذي يقرر تنفيذ وصية والده رغم تهديداتهم له ولزوجته (نجلاء بدر)، وهذا ما يدفعهم لقرار قتله هو وأسرته بوحشية، حتى لا يبقى له من ورثة غيرهم.
يعشق أشقاء رضوان كل أنواع الشرور، ففتحي (أحمد زاهر) هو تجسيد شيطاني للغرور والغضب والغيرة، وهو الذي يتزعم حركة العداء والتحريض على قتل رضوان، وعبد المحسن (إدوارد) يجسد المعاني الحرفية للخنوع لإهانات زوجته الراقصة، وياسر (محمد علاء) يقيم علاقة مع زوجة أخيه، ونظرات عبير (رحاب الجمل) تحمل كماً رهيباً من الحسد، وعادل (أحمد داش) يعبر عن الشراهة بإدمانه على المخدرات وإقامته علاقة مع فتاة من دون زواج.
فكرة صراعات الأشقاء على الميراث قريبة جداً من الواقع، وتعاني منها الملايين من الأسر، وكم سمعنا من قصص وأخبار عن أشقاء أصبحوا أعداء طمعاً بالميراث والمال، وحتى في بعض الأحيان تصل الأمور الى القتل.
محمد سامي كان مجرماً بأفكاره وفي كل تفاصيل كتابته لكل دور من الأشقاء الأعداء لرضوان، فنرى تجسيد الحقد والطمع والكره والشر وحب الإنتقام المكتوبة في النص، بتعابير وجوه الأشقاء وكأنه واقع نعيشه، فلا يمكن إلا للمشاهدين أن يقفوا مع المظلوم ضد الظالم، والبعض قد يعتبر أن فكرة المسلسل تعاني من الشطط في رسم السلوك الإنتقامي لشخصياته، التي لا تتماشى كثيراً مع الواقع، لكن واقعنا ليس وردياً كما نتمنى أن يكون، فالشخصيات التي ركبها محمد سامي بتفاصيلها النفسية والسلوكية، نجد منها الكثير في كل بيت وعائلة.
قد نؤيد أو نرفض قصة المسلسل، لكن لا يمكننا أن ندفن رأسنا في الرمال حتى لا ننظر الى واقعنا كما هو.. المسلسل عبرة ودرس لكل إنسان في الحياة، فإذا خسر الحق جولة لن يربح الظلم المعركة.
وفي النهاية "البرنس" عمل رائع جداً.