مما لا شك فيه أن الموضة والمظهر وجهان لعملة واحدة، فكل إنسان يختار ما يتناسب معه من إطلالات قد لا تتناسب مع غيره، ولكن في عالم تتسق فيه الموضة بالفن والإعلام والرياضة والمشاهير يختلف الأمر كثيرا في تعامل كل نجم مع مصمم الأزياء، الذي يختار له تصميمات مُبهرة تناسب إطلالاته بمهرجانات سينمائية، أو في أماكن تجمع المشاهير والظهور على الفضائيات.
ولدى الجيل الجديد من مُصممي الأزياء العرب، العديد منهم ربطوا فن تصميم الأزياء بالثقافة والحضارات القديمة، حفاظاً على هويتهم العربية وإتساقها بالموضة العصرية، وتعتبر المُصممة المغربية وسيمة أشرنان واحدة مِن مَن يحافظ على الهوية العربية والمغربية في تصميماتها..
وفي حديث وسيمة أشرنان لـ"الفن" تكشف لنا عن نظرتها للقفطان المغربي وتأثرها بحضارات قديمة في تصميماتها، وتبين لنا من هن النجمات اللواتي تتمنى أن يرتدين من تصاميمها، وماذا قالت عن المصممين اللبنانيين العالميين إيلي صعب وزهير مراد ومُصممين آخرين، والكثير من التفاصيل في ما يخص تصميم الأزياء والموضة في اللقاء التالي:
في البداية.. متى بدأت علاقتك بتصميم الأزياء؟
علاقتي بدأت بتصميم الأزياء منذ طفولتي كأي بنت صغيرة أحببت كل ما له علاقة بالموضة والجمال، فلقد كنت أصمم الفساتين للدمى والعرائس الصغيرة، و بعد مدة بدأت أصمم ملابس المدرسة لي ولصديقاتي، ومع الوقت كبرت وكبر معي الحلم بأن أكون مصممة أزياء.
وكيف إنتقلتِ من مرحلة أن تكوني هاوية في تصميم الأزياء للإحتراف والشهرة؟
درست عدة مجالات مختلفة كالتدبير المعلوماتي والبرمجيات، وتصميم الديكور الداخلي للمنازل وكذلك درست الأدب الإنكليزي، ورغم تشعب المجالات التي درستها إلا أنني دائماً ما كنت أحس أن هذه المجالات ليست هي ما كنت أبحث عنه، حتى قررت أنه حان الوقت لأستغل موهبتي في حياتي العملية، بدأت الدراسة في معهد لتصميم الأزياء وبعد إكمال دراستي، أطلقت أول مجموعة بإسمي "مجموعة وسيمة أشرنان".
ومن إكتشف بكِ هذه الموهبة في تصميم الأزياء؟
امي هي من إكتشفت موهبتي، فعملَت جاهدة على تنميتها عن طريق توفير بعض المواد الخام اللازمة، وتعليمي بعض المهارات الضرورية والبسيطة في تصميم الأزياء.
أغلب مصممي الأزياء في الشرق الأوسط والدول العربية يشتقون تصميماتهم من خطوط الموضة الفرنسية والأوروبية لتنفيذها بما يتناسب مع مجتمعنا الشرقي، فهل هذه هي الطريقة الصحيحة أو أن الإبتكار هو الأفضل؟
تصميم القفطان المغربي يختلف عن تصميم الفساتين العادية، فهناك قاعدة يجب أن نحافظ عليها في تصميم القفطان المغربي، حتى لا تضيع تقاليدنا المتوارثة في ظل موجات الموضة الأوروبية، وعلى سبيل المثال نحن لا نستغني عن "العقاد سفيفة أو الحزام" مما يجعل التحدي أكبر على المصمم، ونستوحي الألوان من الطبيعة و التطريزات من حضارات أخرى سابقة، ممكن أن نغير في شكل القصات لكن مع الحفاظ على الأساس، أيضاً ممكن أن نحيي تصاميم من تراثنا القديم كما هو رائج حالياً في المغرب.
إذاً ماذا تفضلين في التصميم؟
أفضل أن يكون للمصمم مجال أكبر للإبتكار، فعلى المصمم أن يكون ملماً بالثقافات القديمة وبطريقة لبسهم والألوان والتطريزات، كما أنه من الممكن أن يستلهم تصاميمه من محيطه ومن الطبيعة والألوان والأشكال.
تتميزين في تنفيذ القفطان المغربي وإضفاء الثقافة والهوية المغربية عليه، فهل ترين أن القفطان انتشر في العديد من البلدان أو أنه ما زال محلياً إلى الآن؟
القفطان يمتلك قيمة كبيرة هو ليس فقط زياً عادياً، بل إنه تعبير واضح عن هويتنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ونورثه لأولادنا، هو عشق كل امرأة مغربية، وفي نظري إستطعنا أن نوصل هذا العشق عالمياً ليس عربياً فقط، و نسعى جاهدين لأن يصبح الخيار الأول لكل امرأة في مناسباتها خصوصاً المرأة العربية.
ومَن الممثلات من مصر ولبنان والعالم العربي اللواتي تتمنين أن يرتدين من تصميماتك؟
أتمنى أن ترتدي من تصميماتي هند صبري ودرّة ومي عز الدين وياسمين عبد العزيز، ومن لبنان نادين نجيم وسيرين عبد النور.
وهل مصممو الأزياء في الشرق الأوسط والدول العربية في منافسة أو أن هذا المجال ليس تنافسياً؟
لا أعتقد أن هذا المجال تنافسي بقدر ما هو إبداعي إبتكاري، هو مجال لتطبيق الأفكار، فلكل مصمم رؤية و أسلوب خاص به، وغالباً ما يكون نتيجة لمحيطه الذي عاش فيه، فهناك مصمم تمرّد عليه و هناك مصمم ينقل صورة عنه، ومصمم آخر يصمم أزياء غريبة فقط للعرض.
برأيك من الأنجح من بين مصممي الأزياء اللبنانيين والعرب والذين وصولوا إلى العالمية؟
من أبرز وأنجح المصممين اللبنانيين والعرب في العالم، هم إيلي صعب وزهير مراد وعز الدين عليّة ويوسف الجسمي وريم عكر ورامي العلي، والكثير من المصممين أيضاً أعتقد أنهم فخر لنا.
وما أهمية الأكسسوارات والعناصر الأخرى بالنسبة لتصميم الأزياء وخصوصاً أن المادة الخام وهي القماش هي الأهم في التنفيذ؟
الأكسسورات جزء لا يتجزأ من التصميم، وخصوصاً أنه يمكن للأكسسورات غير المناسبة أن تطفئ جمال القطعة بالكامل، كما يمكن للمصمم في العرض أن يستخدم أكسسوارات لثقافة معينة ليوصل فكرة التصميم للجمهور.
ما زالت مشاركاتك بمهرجانات الموضة والأزياء محلية وداخل المغرب، فلماذا؟
فعلاً شاركت في عدة مهرجانات و عروض أزياء محلية، لكن أيضاً شاركت في مهرجانات دولية أقيمت في المغرب، وخصوصاً أنني من عائلة محافظة جداً وفكرة المشاركة في عروض ومهرجانات خارج المغرب كانت غير مرحب بها إطلاقاً من العائلة، ولقد طرحت علي بالفعل مشاركات مهمة كانت ستساعدني كثيراً في مجالي، ولم أستطع ولكن آمل القيام بذلك وتحقيقه خلال الفترة المقبلة وخصوصاً أن هناك شيئاً سيكون في فرنسا واسبانيا في المستقبل، في ما يخص الأزياء والموضة.
هل تسعين لتنفيذ مهرجانات موضة عربية على نطاق واسع وعالمي في الوقت نفسه؟
نحن ننظم مهرجان اسمه "موضة العرب" لأربع دورات، ومن أهم أهدافنا في المستقبل أن ينظم كل سنة في دولة عربية ثم في دول أوروبية، لننشر ثقافتنا العربية في كل العالم.
ومن أين تستوحين أفكار تصميماتك؟
كل تشكيلة أستوحيها من فلكلور بلد معين، أدرس طريقة لبسهم وأكسسواراتهم والألوان وأشكال التطريزات، فمثلاً تشكيلة إستوحيتها من الحضارة العثمانية وتشكيلة من الفلكلور الروسي، وهكذا أستوحي تصميماتي من الحضارات القديمة.
وبماذا تنصحين الهواة الذين يرغبون في أن يصبحوا محترفين في فن تصميم الأزياء؟
الشرط الاول لدخول مجال التصميم أن تعشق هذا المجال، لأن عشقك له هو القوة التي ستساعدك على الاستمرار ومواجهة التحديات، خصوصاً في البداية ثم أيضاً يجب أن تمزج هذه الهواية بالدراسة والتطبيق، كما أنصح كل مصمم هاوٍ أن يحاول تنفيد أفكاره في التصميم وألا يثأتر بغيره حتى يتضح أسلوبه وتكون له طريقته التي تخصه من دون تقليد.
وكيف ترين برامج مسابقات تصميم الأزياء في الوطن العربي والتي تم تقديمها من قبل، هل هي مجرد عرض أو فعلاً للبحث عن مبدعين جُدد في تصميم الأزياء؟
أعتقد أن برامج مسابقات تصميم الأزياء في الوطن العربي تجمع ما بين الـ show العرض والبحث عن المبدعين في المجال بالوقت نفسه، فلو نظرنا لهذه البرامج سنرى أنها ساعدت العديد من المصممين من خلال النصائح والتحديات وأعطتهم شهرة في الوطن العربي، كما قدمت لجنة التحكيم خبرتها والعديد من النصائح للمتتبعين، وفي الوقت نفسه تسعى هذه البرامج للـ show والربح وهذا أمر طبيعي.
وفي النهاية.. كيف تقومين بإحداث التوازن في تصميماتك ما بين ما يتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا وما بين السير على درب وخطوط الموضة العالمية؟
أحاول الاعتماد على قصات عصرية ومراعاة تنسيق الألوان والتطريزات حتى تناسب عصرنا الحالي، وفي الوقت نفسه وبالنسبة للقفطان فإنني أسعى للحفاظ على حشمة القفطان وأساسياته من دون الإخلال بها.