وتجدد اللقاء، والشعار يبقى نفسه "الحب"، ولكن هذه المرة كانت "بقايا من ثورة حب"، ربما إسمها بقايا، ولكنها نهر متدفق من الحب، فهي أمسية شعرية مميزة جداً أقيمت في القاعة الكبرى في بلدية سن الفيل، إستمتعنا خلالها بسماع أجمل القصائد التي ألقاها الإعلامية الشاعرة رلى الحلو والعميد الياس أبو خليل.
رلى التي تنظّم وللسنة الثالثة على التوالي هذه الأمسية الشعرية لمناسبة عيد الحب، والتي تجمعها للسنة الثانية بالعميد الياس أبو خليل، إستقبلت والعميد كل الحاضرين، من أهل الفكر والثقافة والفن والصحافة والإعلام، بالقلوب الحمر وبالطرابيش، وألقت والعميد وأبو خليل أروع القصائد باللهجة العامية واللغة العربية الفصحى، على أنغام عزف الفنان سهيل اللحام على العود وأدى أغنية "إنتي اللي فهمتي راسي"، والعازف طليع خليل على الكمان، وقدمت الحفل الزميلة سلام اللحام، وكان ضيف الحفل الكاتب الصحفي عماد جانبيه الذي كرمته رلى.
وكانت مشاركة للشاعرة جوليات أنطونيوس التي ألقت قصيدة "كيف أبادلك التحايا"، ومشاركة للتينور غبريال عبد النور الذي أدى مقطعاً من "لكم لبنانكم ولي لبناني" للكاتب والفيلسوف جبران.
الزميل زكريا فحام كان حاضراً أيضاً بعد أن إتصلت به رلى لتكون له كلمة على المنبر في هذه الأمسية، فقال متحدثاً عن رلى :"هي أنثى تجلس على كرسي متحرك به أربع عجلات، تسير في خطى صادقة وناجحة، فهي واثقة الخطى تمشي، ويداها الناعمتان كالحرير تلامس هذا الكرسي وتغازله وتتفاعل معه، كما لو كان جزءًا منها. هذا الكرسي المتحرك لم يعقها من اللحاق بأحلامها، وأصبحت من أبرز الشخصيات المؤثرة في المجتمع، بفضل الله أولًا، وبالإرادة والعزيمة الصلبة ثانيًا، ونجحت في تحدي ذاتها وبكسب قلوب الآخرين وعقولهم".
وأضاف :"أنا فخور بأنني أقف الآن أمام شخصية ذكية، قررت ألا توقف حياتها وتحول المحنة إلى منحة، وتبرهن للجميع أن الإعاقة ليست في الجسد، فهناك عدد كبير من الوزراء والسياسيين في لبنان ممن منحهم الله القدرة على الحركة، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً، بل أساؤوا إستخدام هذه النعمة في طرق غير مشروعة، ولكن هذه السيدة نرفع لها القبعة لأنها نفعت البشرية بعلمها وذكائها".
كما حيّا زكريا العميد الياس أبو خليل، وأثنى على إبداعه في الشعر.
موقع "الفن" عاد بهذه الكلمات الخاصة.
الإعلامية الشاعرة رلى حلو قالت :"ثورة الحب باقية ومتجددة لدى محبي القصائد والشعر والكلمة الحلوة، والحب بنظري متجدد دائماً لدى كل الناس، ولا ينتهي، ويجب على الناس أن يحتفلوا دائماً بعيد الحب، وألا يخجلوا من ذلك، من دون أن يطغى علينا وجع السياسة وهموم الناس والفقر والبطالة، فمهما توجعنا في هذا الوطن، نحن إيجابيون ومستمرون".
وأضافت :"لا يمكننا أن نصطنع الكتابة، فلكي نكون أشخاصاً متجددين ولدينا عطاء، يجب أن نكون صادقين، وهذا ما يخلق هذا التجدد وهذه الروح إيجابية وهذا الحب الساطع وثورة الحب هذه".
وتابعت رلى :"لا أحب أن نغيّر من مفهوم الحب، فهو ينحصر بين حبيب وحبيبته، والمحبة تختلف وتكون بين صديق وصديقة، وهناك كذلك محبة الأم وغيرها".
وعن إختيارها العميد الياس أبو خليل لمشاركتها للسنة الثانية على التوالي في أمسية خاصة بعيد الحب، قالت :"أشعر بأن هناك إنسجاماً بيننا وتناسقاً بالأفكار، على الرغم من أن العميد يكتب بالعامية وأنا أكتب بالفصحى، وعندما تكون موجوداً مع شاعر متمكن ولديه صلابة في الكتابة وخلق دائم، تكرر معه التجربة، وأنا أفتخر بأني أحيي أمسية شعرية ثانية مع العميد الياس أبو خليل".
وعن مدى إهتمام الناس بثورة الحب في ظل إستمرار ثورة شعبية منذ أكثرمن أربعة أشهر، قالت رلى :"اللبناني يخلق نكتة من وجعه، ويخلق تجدداً من همّه، فاللبناني لا يتغير، ورأسه دائماً مرفوع وعليه طربوش، وهو يقول نعم لثورة الحب".
وفي إجابة على سؤال "ما الذي يغيّر المجتمع كلمة الحب أم كلمة الشاعر؟"، قالت :"الإثنان يكملان بعضهما البعض، فمن غير المعقول أن يكون الشاعر قادراً على العطاء إن لم يكن يعيش حالة حب، ولا يمكنني أن أحب من دون أن أعبّر، فالتعبير لدى الشاعر يكون فيه إبداع أكثر من الأشخاص الآخرين، ويكون الحب لديه فيه خلق أكثر في الصور والأفكار. هذه البقايا من ثورة حب، هي البقايا الإيجابية التي يجب أن تكون موجودة لدى كل الناس، وما دمنا أشخاصاً إيجابيين، سنكمل في وطننا بمحبة وبحب عظيم لأنه يجب أن نثبت أنفسنا وحضورنا".
العميد الياس أبو خليل قال :"رلى هي شاعرة كبيرة ولا يمكنك إلا أن تحبها، وأنا فوجئت خلال أمسية العام الماضي، بالحضور الراقي والمحب للشعر، وكان موضوع الأمسية مميزاً وهو الحب، وهو عنوان يجمع كثيرين، وفي أمسية هذا العام هناك تجدد أكثر وأفكار إضافية مميزة".
وأضاف :"في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها في لبنان، الناس بحاجة إلى متنفس للحب والمحبة ولتهدئة أعصابهم لأنهم محقونون ويبحثون عن لقمة عيشهم، ولكن من يحبنا حضر ليكون معنا في هذه الأمسية".
وتابع العميد أبو خليل :"المحبة هي الأساس وهي التي تبني، وإذا كان لدى الشاعر أفكار، ويشغّل عقله ومخيّلته، يستطيع أن يعطيك صورة تشبيهية تشعر بأنها حالة تعيشها أنت، وهذا إبداع منه".
الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ قال :"أنا حاضر في هذه الأمسية لأني جئت أبحث عن لبنان الجميل، وعن الإنسان اللبناني الجميل وعن الجمال، وأنا أتمنى أن أكون كلمة في "بقايا من ثورة حب"، فما أجمل من أن يكون كل واحد منا حرفاً أو كلمة في قصيدة لبنان الجميل،وأن يكون كل منا الإنسان الذي لازال يبحث عن الفن وفي الجمال، عن إمكانية تخطي حالة اليأس التي نعيشها في البلد".
وأضاف :"الفن يولد من القهر، الشعر يولد من المعاناة، والأوطان تولد من المآسي، فعندما تجتمع كل هذه القلوب وتتضامن معاً تبني وطناً، فالوطن يُبنى بالقلب والعقل قبل أن يُبنى على الأرض".
وتابع الصايغ :"نحن بحاجة للفن والشعر والإبداع لكي نقول إنه ليس من المستحيل أن يعيش الإنسان في لبنان، هل نحن وطن مُرتجَل؟ وهل تاريخنا بدأ بالأمس؟ دعونا نعود إلى أصولنا وجذورنا لنعرف أين نحن اليوم، ولنواجه المستبقل. أمسية اليوم إسمها "بقايا ثورة حب"، وربما مع البقية الباقية يمكننا أن نعمّر كل شيءونصنع تاريخاً".
الكاتب الصحفي عماد جانبيه قال :"أشارك اليوم في هذه الأمسية بحكم علاقة الزمالة التي تربطني برلى منذ أن كنا نعمل معاً في إحدى الوسائل المكتوبة، ورلى شاهدة على أكثرمن عمل لي، ونحن اليوم في عصر الثورات التي عملت قفزات وحددت مسارات، ولكننا أيضاً في عصر إنحلال وتفكك بسبب الفقر، أما "بقايا ثورة حب" فهي تؤكد الإلتزام بين الرجل والمرأة".
وأضاف :"أنا اليوم مكرَّم، وهناك غيري من الذين يستحقون التكريم، تكريمي اليوم هو بوجود حضور جاء ليستمع إلى كلمة مني وكلمة من العميد وكلمة من رلى، ودوركم أنتم كإعلام، كبير جداً لأنه يعطينا دفعاً نحو الأمام كي نحافظ على الكلمة التي نقولها، ونثبتها بين الناس، فأنتم تنقلون صورتنا الحقيقية، وكلمتنا التي تنبع من داخلنا".
وتابع جانبيه :"الشاعر والثائر لديهما نفس المشروع، فالإثنان لديهما قضية ليوصلا الفكرة، أنت لديك مطالب محقة، وأنا كذلك، والثورة الحاصلة في لبنان منذ أكثر من أربعة أشهر تم خرقها، وصار فيها بعض الفوضى، وأنا أعتبر أن الثورة تتطلب وجود قيادة لها، أظن أن الثورة يمكنها أن تصحح مسارها في حال تم تشكيل لجان تضم الثوار، ولابد أن تتحقق مطالبنا جميعاً، والتي هي حق لكل إنسان يعيش في هذا الوطن".
الزميلة سلام اللحام قالت :"هذه مشاركة غالية على قلبي، عاماً بعد عام نلتقي لنقول "نعم للحب، نعم للشعر ولمحبيه ولمتذوقيه" لأننا شبعنا حروباً ووضعاً إقتصادياً مزرياً، فاليوم نفتح قلوبنا لنقول إننا نحب الشعر، نحب رلى الحلو، نحب العميد الشاعر الياس أبو خليل، فنحن بحاجة لتكون لدينا فسحة أمل، والشعر هو هذه الفسحة، ومعه تكون صريحاً مع ذاتك ومع البيئة التي تعيش فيها، والحب هو الأساس، وهو الذي يغيّر عيوننا لنرى بطريقة أفضل وأرقى".
وأضافت :"برأيي أن الزعماء السياسيين هم بحاجة إلى حب، لأنهم لا يقدرّون وضع الشعب اللبناني ووجعه، وأنا أهدي "بقايا من ثورة الحب" والتي كلها حب، إلى كل سياسي في بلدي لينتفض على ذاته، أقله أن يغيّر شيئاً في بلده، وإن لم يكن قادراً على ذلك، فلتسقط كل الأقنعة ويقدم إستقالته".