حنان الطويل هي أول متحولة جنـ ـسياً شاركت في أفلام مصرية خلال حياتها القصيرة، إذ توفيت ولم يتخط عمرها عتبة الـ 38 عاماً، وفي رصيدها 7 أفلام، في بعضها مساحة دورها كانت أكبر، وفي البعض الآخر ظهرت في مشهد واحد.
واجهت حقيقتها وأقرت بأنها تشعر من داخلها بأنها أنثى، وإتخذت قراراً في تلك الحقبة من الزمن يعتبر جريئاً، بأن تقدم على تحويل جنـ ـسها من ذكر إلى أنثى، وعلى الرغم من أنها كانت متقبلة لنفسها، ويتطلب الأمر شجاعة كبيرة، إلا أن محيطها نبذها وتعرضت للسخرية والاضطهاد، الذي أنهى حياتها في ريعان الشباب.
تحولها من طارق إلى حنان
ولدت حنان الطويل ذكراً وكان اسمها طارق، في 12 شباط/فبراير عام 1966، ونشأت وهي تشعر بأنها فتاة فكانت تميل إلى وضع الماكياج. وفي ما بعد لاحظ المحيطون بأن مشية "طارق" حنان أنثوية وكذلك سلوكياته، سواء في أسلوب الحديث أو في الحركات أثناء المحادثة لدرجة أنه كان يُربي شعره مثل الفتيات ويتصرف على أساس أنه فتاة، والبعض كان يشعر تجاهه بالشفقة في حين كان البعض الآخر يسخر منه.كان طارق منبوذاً من مجتمعه وبيئته التي يعيش فيها ولم يتقبله أحد، وقرر أن يفعل ما يراه صواباً فتحدث مع عائلته عن نيته إجراء عملية تحول جنـ ـسي، ولكنه تعرض للسخرية والإهانة بل ومحاولة ضربه، فاضطر طارق للهروب وقرر خلال سفراته المتعددة للدول العربية أن يجري عملية في إحداها ليصبح ويتحول في ما بعد من طارق إلى النجمة السينمائية الشهيرة حنان الطويل. وبعدها عادت "حنان" بشكلها الجديد لأسرتها التي احتضنتها ولم تغضب من قرارها، لعله بسبب معرفتهم بمعاناتها الطويلة في إنكار جسدها كرجل.لكن عائلة حنان لم تسلم من الأذى فتعرضت للنقد والسخرية من المحيطين بها، ولم تجد حنان إلا كلمات الإهانة والايذاء من الناس لأنها ببساطة أصبحت بعد العملية امرأة، لكن لم تبدُ جميلة ولم يتقبلها أحد، وكذلك صوتها كان خشناً عريضاً لا يتلاءم مع صوت أنثى، فقررت حنان الطويل أن تهرب من هذا الواقع الأليم من خلال الفن والتمثيل اللذين وجدت فيهما متنفساً عن كل ما مرت به من أزمات نفسية وجسدية وإجتماعية.
من الغناء إلى التمثيل
حاولت حنان الطويل أن تجد فرصة لها في التمثيل واستطاعت بعد عناء أن تشارك في تقديم أدوار صغيرة، ولكنها لم تكن تعلم أنها ستكون علامة فارقة في تاريخ السينما.
بدأت في الغناء وحققت حلمها بأن انضمت إلى إحدى فرق الفنون الاستعراضية، الأمر الذي أهّلها للعمل والإلتحاق بنقابة المهن الموسيقية بعد نجاحها في كافة تجارب الأداء، بسبب مساحة صوتها الواسعة الذي استطاعت تسخيره في أداء كل الطبقات.
ورغم نجاحها كفنانة إلا أنها دخلت في مجال عالم السينما، وذلك في عام 1999 عندما أدت مشهداً وحيداً في فيلم "عبود على الحدود"، كإحدى زبائن الكوافير، التي أحرق شعرها الفنان أحمد حلمي، ليلتفت لها المخرج شريف عرفة الذي رشحها لفيلم "الناظر"، عام 2000، لتؤدي واحداً من أشهر أدوارها والمعروفة حتى وقتنا هذا "ميس انشراح"، ومن ثم توالت شهرتها وخاصة عندما جسدت شخصية "الراقصة كوريا" في فيلم "عسكر في المعسكر"، و التي عرفها الجمهور المصري فيه بعبارة "البيت ده طاهر وهيفضل طول عمرو طاهر..يا أم المطهّر رشّي الملح 7 مرات".
إكتئاب وإدخالها مصحة عقلية
بعد فيلم "عاوز حقي"، وهو آخر فيلم قدمته في حياتها، عانت حنان الطويل من حالة إكتئاب حادة، فدخلت إلى غرفتها ونظرت في المرآة متسائلة: "هل أنا قبيحة لهذه الدرجة كي لا يجبني أحد ولا يريد أحد أن يتحدث معي؟ وبدأت بالصراخ فقام أهلها بإدخالها إلى مصحة عقلية، لأنهم كانوا يعتبرون أنها جلبت لهم العار وأن وجودها بحد ذاته أمر معيب، وذلك لإخفائها عن أعين الناس ولم يحاولوا أبداً مساعدتها أو الوقوف إلى جانبها في محنتها، والبعض كان يقول إن جيرانها تقدموا بشكوى ضدها بتهمة الجنون، وقد عانت حنان الطويل كثيراً وتعرضت لعذابات لا توصف، فكلما حاولت أن تتحدث أو ترفض ما يحصل لها، كانوا يخضعونها لجلسات علاجية بالكهرباء ويعطونها المهدئات.
وفاتها الغامضة
تضاربت الأقاويل والروايات حول سبب وفاة حنان الطويل، فالبعض كان يقول إنها لم تعد تطيق العيش فقررت إنهاء حياتها بنفسها فانتحرت، إذ وجدت في غرفتها بالمصحة ميتة، فيما ذهب البعض الآخر للقول إنها توفيت بسبب الصدمات الكهربائية التي سببت لها شللاً في المخ، وآخرون عزوا السبب لأزمة قلبية، ولكن الرواية الأكثر انتشاراً هي أن وفاتها كانت طبيعية إثر أزمة نفسية وحزن شديد.
وأياً كان سبب وفاتها، إلا أن الأمر المؤكد هو أن عدم تقبل أهلها والمجتمع لها وإحساسها بأنها منبوذة وغير محبوبة وإدخالها إلى مصحة، كل ذلك جعلها تشعر بأن حياتها انتهت وأن لا سبب يدفعها للأمل والاستمرار، وهذا وحده كان له أكبر أثر عليها ما أدى إلى فقدانها الرغبة في الحياة.
وقد توفيت حنان الطويل في الأول من كانون الأول/ديسمبر عام 2004، ورفض أهلها تسلم جثمانها، فتكفلت نقابة الممثلين بشخص النقيب أشرف زكي، بالإشراف على تسلم جثتها ودفنها.