إرتبط إسم فرانك سيناترا المغني الأميركي من أصل إيطالي في الولايات المتحدة الأميركية، بالثقافة الأميركية وأصبح رمزاً لها، إذ يشكل أشهر نجوم الغناء الأميركي في القرن العشرين.

هو مغن وممثل تميّز بحنجرة رخيمة وصوت جمع بين القوة والإحساس، اشتهر بنمط الجاز والسوينغ ولديه أغنيات ضاربة، تنشد حتى في حفلات الرؤساء الأميركيين.

ولد في مدينة هوبوكن بولاية نيوجيرسي يوم 12 كانون الأول/ديسمبر عام 1915، واسمه الحقيقي عند الولادة فرانسيس ألبرت سيناترا، وقد تعرض لندوب في وجهه وثقب طبلة أذنه بعد ولادته المتعسرة، وهو الضرر الذي صاحبه طوال حياته.

هو الابن الوحيد لمهاجرَين من صقلية (جنوب إيطاليا)، فأمه ناتالي ديلا غارافنتا من جنوة وسمّيت بـ دوللي سيناترا، وكانت قابلة قانونية وعملت أيضاً مترجمة، أما والده أنتوني مارتن سيناترا فكان ملاكماً ثم انتقل لاحقاً ليعمل في سلك الإطفاء لمدة 24 عاما، ولم يكن متعلماً ثم امتلك حانة.

طفولته ودراسته

ذهب فرانك سيناترا إلى المدرسة الثانوية لكنه لم يتخرج منها، فقد تم فصله بعد 47 يوماً بسبب "الصخب العام"، وبعد ذلك إلتحق بمدرسة للأعمال لرغبته بإرضاء والدته، لكنه ترك المدرسة بعد 11 شهراً، وعمل بعدها بتوصيل الصحف لفترة من الزمن.

فرصته الذهبية

بدأت مواهب فرانك سيناترا من المدرسة، فشارك في كورال مدرسته الثانويةن لكن قراره التوجه لامتهان الغناء جاء بعد أن شاهد عرض أداء للمغني الشهير آنذاك بينغ كروسبي في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، فبدأ يغني في النوادي الليلية المحلية ويكسب المال لشراء السجائر أو العشاء.

فرصته الحقيقية الأولى كانت في عام 1935 عندما أقنعت والدته فرقة غنائية محلية تدعى The 3 Flashes، بالسماح لفرانك سيناترا بالإنضمام إليهم، وأجروا له تجربة أداء لبرنامج راديو مشهور، وربحوا عقداً لمدة 6 أشهر يسمح لهم بإقامة عروض على المسارح ووقنوات الإذاعة على امتداد الولايات المتحدة الأميركية، وأصبح المغني الرئيسي للفرقة.

عمل فرانك سيناترا في هذه الأثناء في استراحة على الطريق السريع، ثم دبّر له عازف الساكسفون فرانك ماين فرصة لتسجيل أول أغنية له باسم Our Love، ووصلت موهبته إلى عازف الترومبيت الأميركي المشهور هاري جيمس، بسبب بث أغاني سيناترا على الإذاعات، وقد وقّع عقداً لمدة سنتين معه وتسجيل أول مجموعة من أغانيه، ومن ضمنها All or Nothing at All بالتعاون معه.

في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1939، إنضم فرانك سيناترا لاحقاً لفرقة الجاز الخاصة بعازف الترومبون الشهير تومي دورسي، بعد أن وافق هاري على فسخ العقد بشكل ودي، لكنه إنفصل عن دورسي بعد سنتين، ليكمل مسيرته الفنية لوحده.

شهرة ومجد وأضواء

إستمر فرانك سيناترا بتصدر القوائم بين 1941 و1946، وظهر في أول فيلمين له عام 1943، وكانا باسم Reveille with Beverley و Higher and Higher، شوهدت مسيرته الفنية ركوداً خلال الحرب العالمية الأولى، لكنه عاد بقوة في الخمسينيات.

وكان عضواً مؤسساً لمجموعة Rat Pack المشهورة وظهروا سويةً في العديد من الأفلام، وكانت لهم قاعدة جماهيرية واسعة، كما أسس علامته التجارية الخاصة Reprise، بالإضافة إلى تأسيسه شركته الخاصة للإنتاج السينمائي Artanis.

عام 1966 فازت أغنية فرانك سيناترا الشهيرة Strangers in the Night بجائزة غرامي لأغنية العام، وأغنية Something Stupid مع ابنته نانسي سيناترا في 1967 تصدرت قوائم الاستماع، وحققت أغنيته My Way والتي كانت مقتبسة من لحن أغنية فرنسية (Comme d'habitude) ولكن بكلمات جديدة نجاحاً باهراً، وابتعد فرانك سيناتراً قليلاً ثم عاد بألبومه Ol' Blue Eyes Is Back في عام 1973.

نشاطه السياسي

نشط فرانك سيناترا على الصعيد السياسي أيضاً، وكان قد شارك سابقاً في الحملة الإنتخابية للرئيس فرانكلين روزفلت في 1944، وللرئيس جون كينيدي في عام 1960، ولكن في السبعينيات تخلى سيناترا بالتخلي عن ولائه للحزب الديمقراطي وانتقل للتغنّي بالحزب الجمهوري، عندما ساعد ريتشارد نيكسون في حملته الانتخابية، ومن بعده رونالد ريغان الذي منح سيناترا ميدالية الحرية الرئاسية عام 1985، وهي أعلى تكريم يمكن منحه من، قبل الرئيس لمواطن أميركي مدني.

وإنتشرت شائعات عن لعب فرانك سيناترا دور الوساطة بين جون كينيدي أيام ترشحه للرئاسة الأميركبية والمافيا، لمساعدته في تحقيق الأصوات اللازمة للترشح، فإن علاقات سيناترا بالمافيا (وصوره مع بعض رؤوس المافيا) كانت أشهر مِن نار على علَم.

جوائزه

ربح سيناترا جائزة غرامي 11 مرة، وجائزة غولدن غلوب أربع مرات، وجائزة "بيبادي" التي تُمنح لأكثر الشخصيات التلفزيونية والراديويّة تأثيراً في عام 1966، بالإضافة إلى امتلاكه لثلاثة نجوم على ممر الشهرة في هوليوود.

ربح جائزة أوسكار خاصة في عام 1945 عن فيلم قصير مدته 10 دقائق، يهدف إلى نشر التوعية وتقبل الاختلاف الديني والعرقي.

في عام 1953 تصدر واجهة الأحداث، عندما فاز بجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد عن دوره في الفيلم الكلاسيكي From Here to Eternity.

ترشح فرانك سيناترا مرة أخرى لجائزة الأوسكار، عن دوره في فيلم The Man with the Golden Arm في عام 1955.

معلومات قد لا تعرفها عنه

إعتُقِل مرةً لإغوائه إمرأة متزوجة أودت تصرفاته كزير نساء إلى السجن، إذ اعتقل في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1938، لإغوائه امرأةً اتضح أنها متزوجة.

كان يمقت أشهر أغنياته وهي My Way، ونُقِل عنه قوله "غنِّها أنت أيضاً لثماني سنواتٍ متواصلة، وستكرهها كذلك!"

في أحد الأفلام شارك في مواجهة الكاراتيه الأولى في تاريخ السينما الأميركية، ولكنه أُصيب في إصبعه إصابةً لازمته مدى الحياة.

تجذرت كراهية شديدة بين فرانك سيناترا والممثل مارلون براندو، سببها توزيع الأدوار في الفيلم الغنائي Guys & Dolls، إذ زعم سيناترا أنه كان الأحق بدور شخصية تيري مالوي، الذي أحرز لبراندو جائزة أوسكار.

من أشد المدافعين عن حقوق أصحاب البشرة الداكنة

كان فرانك سيناترا من المدافعين عن الأشخاص من ذوي البشرة السمراء في أميركا، لإيمانه بالمساواة، وتعاون كثيراً مع فنانين من ذوي البشرة السمراء، وكان لا يتعامل أبداً مع الأماكن التي لا تستقبل السمر، وخلال نزوله في الفنادق، كان يصرّ على اصطحاب أصدقائه من أصحاب البشرة السمراء. وكان ذلك كله في عصرٍ كانت به العنصرية البغيضة هي السائدة.

قدم فرانك سيناترا في السابع والعشرين من أيلول/سبتمبر عام 1979 حفلاً غنائياً ضخماً بمنطقة الأهرامات وأبو الهول، أمام الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات تكريماً له على جهوده في إحلال السلام مع إسرائيل، واستطاع الحفل حينها جمع تبرعات تخطت حاجز المليون دولار، لصالح الجمعيات الخيرية التي كانت تشرف عليها قرينة الرئيس الراحل جيهان السادات.

حياته الشخصية

تزوّج فرانك سيناترا 4 مرات، أولهم من نانسي بارباتو، التي ارتبط بها عام 1939، وإنفصل عنها عام 1951، وفي ذات العام تزوج من آفا غاردنر لمدة 6 سنوات فقط، وبعد 9 سنوات من الإنفصال إرتبط بالزوجة الثالثة ميا فارو، لكنه لم يستمر معها إلا عامين فقط، ليتزوج ا لأخيرة عام 1976، ويرحل وهي زوجته.

على الرغم من زيجاته المتعددة، إلا أن فرانك سيناترا لم ينجب سوى طفلين فقط، هما نانسي سيناترا وفرانك سيناترا جونيور، وتوفي عام 1998، عن عمر 82 عاماً.