يصادف عيدها على مسافة يوم واحد من عيد الاستقلال، لربما كانت صدفة او تدبيرا كونيا ليرتبط مولدها بهذه المناسبة الوطنية، حتى بات قامة بحجم وطن رسمته ولونته وأظهرته إلى العالم بأجمل حلله.
شمس فيروز التي أشرقت ذات مرة في الواحد والعشرين من تشرين الثاني، أبرقت إلى العالم صوتا ملائكيا مذهبا لا يشيخ، رطبا مشعا نادرا وعابقا برحيق الحب والوطن والانسان والمدائن.
فيروز الأيقونة مهما قيل فيها من مدائح، الصوت في حضرتها حلم... ذاك الحلم الجميل الذي نسجته من ورقيات أيلول وأثلجته من ليل الاوضة المنسية، واعادته إلى ارض الواقع وطنا أحبته كما لا يحبه مسؤول او إنسان، فبات حبها ذاك النشيد الذي ردده الملايين حول العالم... بحبك يا لبنان.
في وطن العيد، فيروز العيد، وفي وطن الألم والموت والظلم، فيروز الامل وإيه في امل... ولو لم نراهن يوما على فسحة الامل الفيروزية لكان الوطن حالكا مريرا كالحنظل.
في عيد فيروز، تعود إلينا أحلام الطفولة والاعياد، وينتفض ذاك الصوت من صمت الانين رافعا معه كيانا إنسانيا وفنيا بحجم وطن.
ولا نبالغ لو قلناها بالفم الملآن ان فيروز بحجم وطن، فحين نلفظ على شفاهنا اسم لبنان لا يمكننا إلا ان نتلفظ بإسم فيروز... فيروز التي صدرت لبنانها إلى العالم، لم يشبه الا عالمها المتواضع المتحامل على أوجاعه بأمل الغد، عالم فيروز أشبه بعاصفة من الحنين والتعلق بالأرض والتراب.
وما الفارق بينها وبين الوطن، حدودها لم تترسم خلف الوديان والتلال والمعابر، حدودها سماء لاقت شموح أرزتها، حتى باتت الصوت الكوني الذي ينتظره صباح العالم وغروبه.
أطال الله بعمر فيروزتنا، أعاد الله عيدها عليها وعلينا بكثير من الصحة، لتبقى سفيرتنا إلى النجوم خالدة الصوت والصدى...