لليوم الرابع على التوالي يواصل موظفو تلفزيون المستقبل اضرابهم الذي بدأوه يوم الإربعاء الماضي، حين توقفت نشرات الأخبار وبرنامج "إنترفيوز" وتبعه في اليوم التالي توقف البرامج الإجتماعية والسياسية مثل عالم الصباح، أخبار الصباح، تيلي ستار وغيرها من البرامج.
لا يختلف إثنان على أن تلفزيون المستقبل قبل الإضراب كان يعاني منذ سنوات من أزمة مالية خانقة لم تكن خافية على أحد، تُرجمت بغياب منافسة الشاشة لباقي المحطات اللبنانية، في وقت غابت الحلول والأفكار على المستوى الإداري لقيادة المرحلة الصعبة، وغابت معها إقتراحات حقيقية لإدارة خطة التخلص من الأزمة.
في المستقبل أزمة إمتدت لأكثر من أربع سنوات عاش خلالها الموظفون ظروفاً مادية صعبة، فلم يتقاضوا منذ سنوات رواتبهم بطريقة منتظمة، وكانوا يتقاضون تارة راتبا واحدا وتارة أخرى نصف راتب، وأحياناً كانت تغيب الرواتب لأشهر حتى وصل الأمر لحدود الكارثة، وللموظفين في ذمة الإدارة اليوم أكثر من 14 راتباً لم يتقاضوها، فكان الموظفون يرفعون الصوت عبر تشكيل لجنة تفاوض تتواصل مع الإدارة، وبعدها يتلقون وعوداً لم يتم تنفيذها، وبالتالي كانت مستحقات الموظفين المادية تتفاقم.
تحمل الموظفون في القناة الأزمة المالية وخاضوا المعارك الإعلامية للإنتخابات النيابية وقبلها البلدية، وبعدها تشكيل الحكومة من دون وجود حلول لأزمتهم، في وقت لم ينقطعوا عن دواماتهم ولم يتذمروا، بل كانوا يعملون رغم كل الضغوطات الواقعة على عاتقهم.
قبل أشهر تقريباً تم اتخاذ قرار بإقفال صحيفة المستقبل الورقية وصرف العمال من دون تسديد الرواتب غير المسددة للموظفين وتعويضات نهاية الخدمة، وتم تحويل الصحيفة الى موقع إلكتروني، الفاجعة التي أصابت موظفي الصحيفة كان وقعها كبيراً على موظفي التلفزيون أيضاً، خصوصاً أنهم بدأوا يشعرون بأنهم على مقربة من مصير مشابه لمصير موظفي الصحيفة.
قبل شهر ونصف تقريباً وبعد إستنفاذ كل الحلول من قبل الموظفين، إتخذوا قراراً بالإضراب عن العمل، فلم تُبث نشرة منتصف النهار (الساعة 3)، فسارعت الإدارة الى إجتماع سريع مع الموظفين وأخبرتهم أن الأمور ستحل بشكل نهائي خلال شهرين، فوافق الموظفون على العودة الى العمل بشرط أن يتم خلال شهرين تأمين راتب لهم، وهذا ما لم يحصل، ما جعل الموظفين يعودون الى الإضراب من جديد تحت مطلب محدد وهو تأمين راتب شهر واحد.
غابت نشرة الثالثة من جديد، وتوقع الموظفون أن تتدخل الإدارة لتأمين الراتب لكن أحداً لم يتحرك، فتواصل الإضراب وتحول من قسم الأخبار الى قسم البرامج، ودخل اليوم الخامس على التوالي وسط غياب الحلول من الإدارة.. فهل يستحق راتب شهر واحد أن تتوقف هذه المحطة؟ وهل هؤلاء الموظفون الذين وقفوا لسنوات مع هذه المحطة بأزمتها يستحقون ردة الفعل هذه؟
من المؤسف أن يصل تلفزيون المستقبل، الذي حقق الكثير من النجاحات منذ بداياته وخرج العديد من الإعلاميين والنجوم وقدم أقوى البرامج، الى هذه المرحلة، فهل تولد هذه الأزمة إنفراجاً لمستقبل "المستقبل"؟ أم أن المحطة ستواجه النهايات الحزينة بإقفال رسمي، وبالتالي دخول الموظفين في دوامة جديدة عنوانها تحصيل تعويضاتهم؟.