كُرّمت الفنانة والإعلامية سحر طه بمناسبة ذكرى رحيلها بعد صراع مع مرض السرطان، يوم الإثنين 19 تشرين الثاني الجاري على مسرح المدينة في منطقة الحمرا بيروت، برعاية وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري. قدّمت الحفل الشاعرة إنعام فقيه، وبدأ الحفل بكلمة ترحيب بالممثلة والمخرجة نضال الأشقر، وإستعادت فقيه صفات سحر الهادئة الحساسة الحنونة، فوصفتها بملكة الغناء لانها تغني حتّى تُسكر السامعين.

من جهتها الأشقر أشارت الى أن سحر هزمت المرض مرتين، وأن الأوفياء لسحر لم يسامحوا السرطان بعدما سلبها منهم، بدءاً من خصل شعرها ودموعها التي ذرفتها أمام الكاميرات. فلم يلتزموا الصمت، بل قرروا في ذكراها أن يرفعوا الصوت ويغنوا أغنيات سحر الصوفية بصوت عالٍ ضد السرطان والفقر والقهر والفساد والحروب والموت المجاني في الأوطان.

مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد

إستذكر الصمد، الذي مثل الوزير غطاس خوري، حلم سحر وهو "بغداد"، وأشار الى أنها بقيت شامخة حتى النهاية، فلم تغيّر موقفها من الوجود والحياة والفن. وأضاف :"إستطاعت أن تترك أثراً بصمتها وأن تقول للزمن الذي لا يعير إهتماما الى أحد، لا شيء يجعلك تنتبه إلينا سوى الإبداع"، ورغم صراعها مع المرض إنتصرت عليه في أكثر من جولة، وبقيت متجذرة في الأرض تحاكي غزّة والعراق ولبنان وتتمسك بتراثها الموسيقي، حيث استطاعت في آخر أيامها أن تجدّد أعمالها بصوتها وحثّها الفني الراقي. ولفت الإنتباه الى أن "كل من عرفها قال إنها السِّحر والسَّحر معاً، أعطت بكل حب ومحبة من دون مقابل".

الشاعر زاهي وهبي

إستذكر أيام الحرب والشوارع والبيوت الخاوية والمقفلة في تلك الفترة إلا بيت سحر وسعيد طه الذي بقي مفتوحاً للآتين من وحشة ملاجئهم. فآنست ضيوفها في وحدتهم وخوفهم. كما أشاد بتاريخ سحر وجذورها وفنها، وأشار الى الجرح الذي تركته في قلوب محبيها بعد رحيلها، جرح لا تضمده سوى الذكرى الجميلة.

وسط هذا الحنين والإشتياق لسحر، كان لابد من سماع أغنيات تحبها بصوت مي نصر، عُرض فيلم قصير لمدّة 7 دقائق من أصل 31 دقيقة أعدته الشاعرة أمل الجهوري في لندن، توثق فيه كيف عوضت سحر عن ألمها في فراق العراق ومحنتها أثناء العلاج، من خلال الموسيقى. وأكّدت سحر في مقابلة سابقة لها أن مرض السرطان لا يجب أن يحتّم على المصاب الموت، بل يجب أن يتحلى صاحبه بالحافز والدافع والوسيلة كي يتخطى المرض، وهي إختارت الموسيقى.

أمّا رسالتها الأخيرة لكل مريض بالسرطان، فهي أن يؤمّن له أهله وأصدقاؤه الراحة النفسية، والتمسّك الدائم بالأمل والحياة.

إطلاق بطاقة بريدية بصورة سحر

وأطلق النادي اللّبناني للطوابع، بالتعاون مع جمعية طريق الحوار اللبناني الصيني، بطاقة بريدية تذكارية تحمل صورة سحر، قدمها الأستاذ وارف قميحة.

وشكر سعيد طه زوج الراحلة، أصدقاء سحر والمقربين منه ومن زوجته بمناسبة الإحتفال بذكرى رحيل زوجته، وأعلن عن تأسيس مؤسسة "سحر طه للموسيقى" التي تعنى بتمكين المرأة من تعلم الموسيقى والغناء بهدف العزف والغناء، بالإضافة الى ورشات عمل لتعليم الأطفال الموسيقى مع مطلع عام 2019، بالتعاون مع جمعية "مدى"، كما تبنّت هذه الجمعية فرقة "عشتروت" التي أسستها سحر قبل وفاتها، والمؤلفة من عازفات نساء لتشجيعهن على العزف والغناء، وستصدر الجمعية كل سنة ألبوماً غنائياً من حفلات سحر وأغنياتها، بالإضافة الى كتاب يحمل كتاباتها.

وفي حديث خاص لموقع الفن، أكد طه أنه يحاول قدر الإمكان تحقيق شيء من الذي كانت تحلم به سحر، وأهمه رسالة السرطان لمرضاه من ناحية الإيمان والتمسك بالحياة بعد إصابتها ثلاث مرات وشفائها مرتين، وبعد معاناة 15 عاما بحب ورخاء، بسبب حرب العراق والحرب الطائفية والقتل على الهوية وخوف سحر على أهلها العالقين هناك، فكانت تقول دائماً :"وطني وجعي". وعبّر طه عن أن روح زوجته مازالت تعيش معه في كل مكان بعد 40 عاماً من الارتباط.

صديق سحر الإعلامي جهاد أيوب قال :"كانت تطبخ لأصدقائها الأكل العراقي اللذيذ وعلّمتهم كيفية تحضيره، مثل (رز الملفوف بالبصل). رفضت مقابلتها في مرحلتها الأخيرة، ولم أستطع رؤيتها مريضة، فضلت أن أراها شعلة من العطاء أيقونة للمحبة". ولفت الإنتباه الى أنها :"بدأت كفنانة تشكيلية في بغداد، وبعدها إنتقلت الى الموسيقى والنقد في جريدة المستقبل، وكانت تغني أغنيات صباح، كانت أبوابها دائماً مفتوحة، بيروت أعطتها والعراق ساكن في داخلها. إيمانها بالله والسعادة والفن أنقذها من الموت عدة مرات. سحر طه أصدق من الصدق وأوفى من الوفاء.

وإختتم الإحتفال بقصيدة وإلقاء الشاعر سليم علاء الدين.

لمشاهدة ألبوم الصور إضغط هنا.