هي سيدة لبنانية هاجرت الى أستراليا على وقع الحرب اللبنانية المدمرة، إبنة قرية الجية الشوفية، غابت عن لبنان 30 عاماً، كانت تخاف العودة بعدما تحول حلمها بلبنان الجميل الى كابوس تغلبت عليه، وعادت لتطلق كتابها الاول "ذاكرة المسافات".
الشاعرة ريتا قزي بحيويتها وحبها للبنان، تضع نفسها اليوم في تصرف هذا البلد، وتحاول من خلال مجهودها ان تصصح الصورة السوداوية المنتشرة عن لبنان الجميل، عن طريق كتاباتها وشعرها والسطور التي تخطها باللبنانية العامية والإنكليزية.
موقع الفن كان له اللقاء الآتي مع قزي.
كيف بدأت بمسيرتك في الشعر؟
بدأت بكتابة الخواطر والشعر منذ الطفولة، حيث كنت أهرب من ويلات الحرب في طفولتي لأعبر عن حزني على لبنان بكتابات أخطها، واحتفظت بها لسنوات طويلة في غربتي حيث أننا هاجرنا الى أستراليا حين كنت بعمر الـ13 عاماً.
بقيت لثلاثين عاماً في الغربة لم آتِ الى لبنان، وعندما قررت العودة اصطحبت معي بعض الكتابات الخاصة بي، فإطلع عليها بعض الأصدقاء وأعجبتهم، ومنهم الشاعر حبيب يونس الذي نصحني بأن أصدر كتابا خاصا بي وأوقعه، فرفضت الفكرة في بادئ الأمر لأنني غريبة عن لبنان، خصوصاً أنني غبت عنه 30 عاماً وليس لدي أصدقاء فيه وكل عائلتي خارج لبنان، حيث كنت ارفض العودة الى لبنان بسبب أنني اعاني من مشكلة نفسية تتمثل في خوفي من العودة، فدرست علم النفس ولجأت الى بعض المعالجين، فتبين لي أن من كثرة محبتي للبنان والخوف الذي عشته فيه وتهجيرنا من الجية والمجازر التي حصلت في محيطنا، تحولت محبتي الى خوف منعني لسنوات أن أتِ الى لبنان.
بعد عودتك الى لبنان أصدرت "ذاكرة المسافات".. ماذا تخبرينا عن العمل؟
كان عملي الأول "ذاكرة المسافات" لكنني لم أروج له بشكل جيد عند إطلاقه، واليوم أسعى لإعادة ترويج العمل من جديد، من ثم سأصدر عملا جديدا وربما عملين، لأن كتبي تتضمن "خواطر، شعر، وأدباً باللغة الإنكليزية".
كم هي مؤثرة اليوم كلمة الشاعر في المجتمع بلبنان؟
للشاعر أهمية في لبنان، هذا ما لمسته منذ عودتي لبنان، وبإستطاعتي أن أغير من خلال ما أكتب، حيث أسعى للإضاءة على الجانب الإيجابي للبنان، الجانب المضيء، ومن هنا يكون دوري أن أغير النظرة السلبية التي تتشكل عند البعض خارج لبنان، والتي يأخذونها من خلال لبنانيي الداخل الذين يعيشون ظروفاً صعبة.
أقدر جداً ظروف اللبنانيين اليوم، والمشاكل التي يعيشون بها، لكن ربما عليهم ترك المسؤولية على الدولة وعلى المسؤولين المقصرين، وعليهم أن يساندوا بلدهم ويعملوا لإنقاذه وإعطاء صورة جميلة عنه، والإبتعاد عن بث صورة سلبية تضر بهذا البلد الجميل الذي لا نعرف قيمته.
أتيت للبنان كي أساعد وطني، أعيش ظروفاً مريحة جداً في أستراليا، لكنني أتيت الى هنا لأساعد، قدر استطاعتي، ويمكنني أن أقنع كل من هاجر من لبنان من عائلتي أن يعودوا الى هنا.
كتبتِ بالهجة اللبنانية العامية، كم هي مهمة الكلمة اللبنانية؟
اللهجة اللبنانية مهمة جداً، وأنا أحزن عندما أرى الكثير من اللبنانيين يتحدثون بلغات أجنبية وكأنهم يخجلون من التكلم بالعربية أو باللبنانية، هذا الأمر حصل مع إبنتي، حيث طلب منها رفاقها أن تتكلم بالإنكليزية وليس باللبنانية.. لماذا هذا الخجل من لغتنا؟لا يجب أن نخجل، بل يجب أن نفتخر بلبنان وبلهجته.
عندما أتيت الى لبنان قمت بتصميم منزلي على الطريقة اللبنانية، وخصصت غرفة وضعت فيها كل التراث القروي "المطحنة والجاروشة وغيرهما"، ولامني الكثير من أصدقائي على دفعي مبالغ مادية مرتفعة، لكنني سعيدة بأنني إستعدت هذا التراث الذي غاب عني 30 عاماً.
هل من الممكن أن نرى قصة حياتك في كتاب أو رواية أو في عمل سينمائي؟
بالعادة لا أخطط للأعمال التي أقوم بها، أعمل يوماً بيوم، ربما تتحول قصة حياتي الى كتاب أو إلى أي شيء آخر، لم أخطط لكل الخطوات التي قمت بها، بل جاءت تلقائية.
نصحني البعض بأن أقدم برنامجاً تلفزيونياً أتحدث فيه عن الغربة والعودة الى الوطن لتحفيز المغتربين ليعودوا الى لبنان، لأنني أملك حباً كبيراً للبنان.
كلمة أخيرة.
إختبرت الكثير من المواقف في حياتي، لكنني تيقنت أن السعادة الحقيقية هي العائلة والسلام، يجب أن نعرف قيمة أرضنا وبلدنا، وأن نعمل كي نحسن بلدنا، ونعمل لتطويره وإعلاء شأنه، رغم كل التحديثات والظروف الصعبة، ومن هنا أضع نفسي بتصرف هذا البلد.
كما أدعو الجميع أن ينشروا الاشياء الجميلة عن لبنان، تماماً كما ينشرون الأخبار السيئة وأخبار الأزمات اليومية، فيجب علينا إنصاف هذا البلد الجميل وليس إعطاء صورة سوداوية عنه، نعم يوجد هناك مشاكل، لكن هناك أيضاً أشياء جميلة لا نجدها في العالم كله، نجدها في لبنان.