صحيح انها ليست حفلته الاولى في لبنان هذا الصيف، وصحيح انه قدم باقة من اجمل اغنياته على معظم مسارح المهرجانات الدولية الا ان سهرتنا معه في طرابلس ليلة الجمعة تخطت التوقعات، فشمال لبنان انتظر هذه الليلة لفترة طويلة فكانت له حصة كبيرة من الفن الراقي ولأن "القلب عالشمال"، تسارعت نبضاته مع صوت اغرق ميناء طرابلس بالرومانسية والحب والشغف واصبح غذاءً طيباً للقلب المتلهف لهذا اللقاء.
توجهنا الى طرابلس الجميلة التي ظلمتها بعض الاقلام ولم تعطها حقها ولم تسلط الضوء على انجازاتها، هي التي يُشهد لها على التنظيم المدروس والمعاملة الطيبة. استقبال المنظمين لنا لم يكن عادياً لا بل دعينا الى المكان المخصص للشخصيات المهمة، وهذا تصرف نبيل وأخلاقي من قبلهم، يجب ان يكون قدوة لكل المهرجانات فـ "السلطة الرابعة" هي التي ستحكم على تعبهم وتعكس نتيجته للناس.
انتظرنا قليلاً وذلك لكثرة عدد المتوافدين الى الحدث الاضخم في المنطقة وعندما بدأت المدرجات تمتلئ، دخلنا لنجد النساء مسيطرات على الحضور. وهل نتفاجأ بذلك؟
بعد النشيد الوطني اللبناني وكلمة مقدمة الحفل المليئة بالتفاؤل، دخل كاظم المسرح على اغنية "عيد العشاق" التي باتت فهرس البرنامج الفني لحفلاته، يفتتح فيها معظم سهراته ليمنحنا أول جرعة حب.
جرعات كثيرة تتالت وبين الاغنية والاغنية نظرات خجل من كاظم لتصرفات الشابات والسيدات اللواتي لم يفوّتن فرصة للتعبير عن عشقهن لهذا الفنان. ولم تكن النساء وحدهن من لفتن نظر كاظم فحتى الرجال لم يترددوا في التأكيد على استمتاعهم بأعماله اذ صرخ أحدهم : "الله أكبر" وآخر: " زيديني عشقاً"، ولم يستسلم حتى سمع كاظم طلبه وردّ " حغنيها لأنني خفت على صوتك "! فضحك الجمهور لخفة دمه.
تواصُل كاظم مع الجمهور ومع كل فرد موجود على المسرح كان ملفتاً للغاية فهو يهتم لأدق التفاصيل فطلب تغيير لون ضوء المسرح مثلاً لأنه يؤثر على قراءة فرقته للنوتات الموسيقية وطلب من مهندس الصوت ان يتابع بعض الملاحظات مع العازفين.
وحتى المصورة الفوتوغرافية كانت لها حصتها، اذ انه طلب منها الصعود الى المسرح لكي يأخذ صورة مع الجمهور بعد ان استأذنهم لفعل ذلك.
امضى محبو كاظم اكثر من ساعتين برفقته، كثرت فيها الطلبات عليه من كل صوب لعل القيصر يلبيّ الطلب، فإذا بها تتعالى الصرخات بعد كل أمنية محققّة، وتنطلق الهتافات باسمه تعبيراً عن الحبّ الكبير.
وحين سألنا الحاضرين عن رأيهم بهذا الحفل لم يجد البعض كلمات تعبر عن سعادتهم، والبعض اكد لنا انه لن ينسى ابداً هذه الليلة.
حتى ان بعض النساء اكدن لنا انهن سيحضرن الليلة الثانية له في طرابلس مبررات الامر بـ "ليش بينشبع من كاظم"؟
فعلاً... ولا نحن ايضا شبعنا منه، او تخطينا فكرة ان هذه الحفلة انتهت واننا غادرنا المسرح وان لقاءنا بقيصر الغناء العربي مر بهذه السرعة ولم نشعر به الا كنسمة خفيفة داعبت وجوهنا فجعلتها مبتسمة طوال الليلة ورحلت.
اما الصعوبة فقد بدأت الآن، كيف نجعل الوقت يمر بسرعة حتى نلتقى به مجدداً؟
وختاماً هنيئاً للسيدة سليمة ريفي بهذا المهرجان .