في زمن الانفلات والانفلاش الاعلامي وتشريع الابواب لما هب ودب من اهل وغير اهل، كان لابد من وقفة مع الذات الاعلامية لنعي يقين واقعنا الاعلامي المزري الذي بلغ حداً من المهانة فاقداً لما تبقى له من هيبة في بلد يشهد له انه صانع الاعلام ومصدره إلى الدول العربية كافة.
"الله يسامح" من إخترع موضة مواقع التواصل التي استسهلت فكرة النقد وسمحت لارباع المواهب ولوج عالم الصحافة طمعاً بالشهرة على حساب النجوم بعدما تحول الجزء الاكبر منهم إلى صبية في بلاطهم لا حول لهم ولا قوة الا بالطلي والتسييف والغسيل والتفويح.
واقع الاعلام في حالة يرثى لها... ليس على حضيض الكلمة بل في نعش طعن بحربة المتطفلين الذي لم يوفروا وسيلة الا لتسويق سخافاتهم وترهاتم الحمقاء كعقول البعض منهم.
ما عاد للقلم قيمة ولا للرأي اي اعتبار مع وجود المتطفلين الذي اسهبوا في التهليل والتمجيد للنجوم عبر مواقع التواصل ومعظمهم "من دون دف بيرقص".
اما الرقصة الأخيرة والتي نحن على مشارف رقصها، فهي رقصة الندب على اطلال الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب.
في المرئي اسفاف وانحطاط وسخافة الرايتنغ باستثناء القليل والقليل نستخلصه كالشعرة من العجين.
المسموع غارق في تأوهات مذيعات الصباح اللواتي فرغن من كل شيء إلا الدلع الزائد والذي افرغهن حتى الصميم وما عاد يليق بعمر البعض منهن اللواتي بتن عالقات في عنق الزجاجة رتابة وفلسفة ومللاً. وعن فترات ما بعد الظهر حدث ولا حرج من سخافة وانفلات تفلت من كل قيود الرقابة ونقصد رقابة ادارة الاذاعة ذاتها على بعض المذيعين الذين امتطوا صهوة خيل جامح في قلة الادب والاخلاق والتقليل من شأن ذكاء المستمع بطرح موضوعات اكثر سخفا من السخافة في حين اخفق البعض بالميوعة ولوهلة ما عدنا نميز الهوية الجنسية لاهوائهم واصواتهم ووو....
اما الاعلام المكتوب وهنا الكارثة الاكبر اذ بتنا نخجل ورعاً من المشاركة في بعض المؤتمرات الصحافية والمناسبات الفنية كي لا نفقد ما تبقى لنا من هيبة امام "فانزات" النجمات الذين تحولوا إلى صحافيين وصحافيات همهم وشغلهم الشاغل التملق والتبخير والتبجيل والاستعراض على حساب المضمون. ناهيك عن رغبة دفينة لدى البعض في استعبادهم من قِبل بعض النجوم ليتحولوا إلى "ممسحة" واقل شأناً من ذلك في خدمة التمسيح داخل قصور بعض النجوم الفارهة. أما ما يرتكب في حق اللغة العربية فأقل ما يقال فيه انه مجزرة برسم التاريخ والثقافة والحضارة والعلم والادب.