سندريلا من أكثر قصص الأطفال الخرافية شهرة حول العالم وتعني فتاة الرماد نظراً للغبار الذي كان يلتصق بثيابها الرثة وهي تجسد الظلم والشر وكذلك أنه لن يدوم والخير ينتصر في النهاية وتروي قصة فتاة حلمت منذ صغرها بفارس أحلام ولكن على الرغم من المعوقات التي صادفتها إلا أنها حققت حلمها في النهاية.
وقد تم تمثيل قصة سندريلا في العديد من الأفلام والبرامج بلغات، وقد اختلفت بعض التفاصيل في القصة من روايةٍ إلى أخرى، إلا أنه يوجد الكثير من التشابهات في الإطار العام للقصة، وكلما أردنا وصف امرأة ساحرة الجمال شبهناها بسندريلا وقد نالت الممثلة الراحلة سعاد حسني لقب السندريلا لأنها كانت ملئية بالأنوثة والسحر والجمال.
قصة سندريلا
يحكى أنه كان في قديم الزمان رجل نبيل يعيش مع زوجته الثانية وله منها ابنتان قبيحتان كما كانت له ابنة حسناء من زواجه الأول، وكانت الفتاة الجميلة تدعى سندريلا ولم تحظ بمعاملة جيدة من زوجدة أبيها بل كانت تلزمها بكل الأعمال المنزلية من جلي الأطباق وغسل الثياب ومسح الأرض ولم تسمح لها بالجلوس قرب المدفأة فكانت تغتنم فرصة نوم زوجة أبيها وشقيقتيها حتى تستطيع أن تشعر بالدفئ للحظات قبل أن تنطفئ نار الموقد حيث كان الرماد يتطاير على ثيابها الرثة.
زوجة الأب كان ترفه ابنتيها بينما كانت تجبر سندريلا على النوم على سرير من القش القذر، وقد تحملت سندريلا المسكينة كل الأذى الذي كانت تتلقاه من زوجة أبيها وبناتها، ولم تجرؤ يوماً على إخبار أبيها بما كانت تقاسيه من معاملة سيئة في بيته، فهي على يقين بأنه سيوبّخها بدلاً من أن يساعدها، لأنه كان يصدّق زوجته المتسلّطة في كل شيء، وما كان ليعارضها في الرأي.
دعوة الأمير
في يوم من الأيام وصلت دعوة من قصر الملك تفيد أن الأمير أي ابن الملك قد حضر حفلة كبيرة دعا إليها جميع فتيات البلدة ليختار من بينهن عروسا، ولكن زوجة أب سندريلا منعتها من حضور الحفلة بل وأجبرت سندريلا على تزيين الفساتين التي سترتديها هي وبناتها في الحفلة، وجعلتها تقوم بكيّها وتجهيزها، وجعلتها تسرّح شعرها وشعر ابنتيها.
وبعد يومين، جاء الموعد المنتظر، وذهبت الزوجة مع ابنتيها إلى القاعة الملكية التي كان الأمير قد جهّزها لإقامة الحفل وتركن سندريلا في المنزل خلفهن، وانهمرت الدموع من عيني سندريلا أكثر، هي التي كانت أكثرهن رغبة في حضور الحفل.
الطيف والعصا السحرية
وبينما كانت سندريلا تبكي أمام المنزل سمعت صوتاً يناديها فرأت طيفاً لامرأة وقورة وجميلة، هذا الطيف كان طيف أم سندريلا. تحوّل شعور الخوف عند سندريلا إلى إثارة عندما قالت لها أنا جئت لأنّي أعرف كم ترغبين بحضور حفل الأمير، ولذلك عليك مساعدتي بإحضار بعض الأغراض كي أستطيع أن أنقلك إلى الحفلة، فطلبت منها إحضار لي أكبر حبّة قرعٍ تجدها وستة فئران صغيرة وواحداً كبيراً ست سحليات، وتعجّبت سندريلا من طلبات المرأة، ولكنها نفّذت كلّ ما طلبته منها، وغابت لبرهة من الزمن، وعادت بستة فئران وست سحليات وحبّة قرع كبيرة، وأعطتها للمرأة التي كانت تقف هذه المرّة وبيدها عصاً ذهبيّة اللون، تتلألأُ في الليل فأشارت المرأة بعصاها إلى حبة القرع، فتحولت للتو إلى عربة فارهة لم ترى سندريلا مثلها حتى عند الملك. ثم أشارت المرأة إلى الفئران الستة بعصاها، فتحولت الفئران إلى أحصنة أصيلة نظيفة قوية ليس لها مثيل، وأشارت للفأر الكبير، فصار سائقاً يرتدي زيّاً أنيقاً، وأخذ يربط الأحصنة إلى العربة. ثم أشارت مرّة أخرى بعصاها إلى السحليات، فتحولت إلى خدمٍ يرتدون زيّاً أنيقاً كالذي يرتديه السائق.
وقفت سندريلا مذهولة أمام العربة والجياد والخدم لا تدري ما تقول، ثم نظرت إلى ثيابها الرثة ، فقامت المرأة بالإشارة بعصاها إلى سندريلا، فتحولت ثيابها البالية إلى أجمل فستان رأته سندريلا في حياتها، والتف عقد من المجوهرات حول رقبتها كان من أثمن العقود التي يمكن أن تقتنيها فتاة في البلدة، وكذلك فقد صار في قدميها حذاء زجاجيّ يلمع أكثر مما يلمع الألماس ليس له مثيل قط. وقبل أن تنطق سندريلا بكلمة واحدة، قالت لها المرأة: "لا وقت لدينا الآن لنتحدث، اذهبي إلى الحفلة واستمتعي بليلتك يا سندريلا فأنت تستحقين ذلك. ولكن هناك أمر واحد يجب أن تعرفيه جيّدا وتلتزمي به، وهو أن عليك مغادرة الحفلة والرجوع إلى المنزل قبل أن ينتصف الليل، فإذا دقّت الساعة الثانية عشرة؛ ستعود كل الأشياء إلى سابق عهدها، فترجع العربة قرعة، والجياد فئراناً، والخدم سحليّات، وفستانك سيرجع إلى ثياب المطبخ الممزقة التي كنت ترتدينها، فأسرعي الآن واركبي العربة كي ترجعي قبل منتصف الليل. ثم فتح الخدم باب العربة لسندريلا، فركبتها وانطلقت إلى قصر الملك.
الحفلة ومنتصف الليل
أحدث وصول سندريلا إلى حفلة الأمير جلبةً كبيرة، وراح الحرس على باب القصر يرحبّون بهذه الأميرة التي لم يسبق لأحد أن رآها أو سمع عنها، وعندما رأى الأمير سندريلا فُتن بجمالها، واهتم بها وحدها دون باقي الحضور، بقي جالساً جنبها طوال الوقت، وتناول العشاء معها، ولم يكفّ عن محادثتها. لم يكن الأمير وحده من سحر بجمال سندريلا وأناقتها، فقد شاركه في ذلك الحضور متسائلين عن هذه الأميرة التي ظهرت فجأة، ومن أين جاءت، وزوجة أبي سندريلا وابنتيها لم يكنّ استثناءً، فقد أُعجبا بها وأخذن يتحدثن عنها طوال الحفل، وأثناء طريق العودة، وحتى بعد وصولهنّ إلى المنزل، فقد أخذن يخبرن سندريلا عن تلك الأميرة التي سلبت عقل الأمير، لم تنس سندريلا وصية المرأة، فقبل أن تدق الساعة الثانية عشرة، استأذنت الأمير والحضور، وغادرت الحفلة بعد أن وعدت الأمير أن ترجع إلى الحفلة في الغد. ودّعها الأمير، ورجع إلى قصره منتظراً عودة هذه الأميرة الفاتنة في الغد. في الليلة التالية أعيدت الكرّة. فغادرت الزوجة وابنتيها إلى الحفلة، وتركن سندريلا بثيابها البالية لتقوم بأعمال المنزل، ورجعت المرأة وفعلت مع سندريلا ما فعلته الليلة السابقة، ولكن فستان الليلة كان أكثر جمالاً. وانطلقت سندريلا إلى الحفلة بعد أن ودّعتها المرأة وذكّرتها بضرورة عودتها قبل انتصاف الليل.
وصلت سندريلا الحفلة، وحبس الحضور أنفاسهم لجمالها وأناقتها، ورافقها الأمير كظلّها طوال الحفلة، ولم يلتفت لفتاة سواها، ولم يرقص إلّا معها. وسندريلا بدورها كانت سعيدة بكل هذا لدرجة أنّها نسيت نفسها، ونسيت أن عليها المغادرة، ولم تنتبه للوقت الذي انقضى سريعاً إلّا عندما دقت الساعة معلنة انتصاف الليل. كان الأمير في تلك اللحظة يقدم خطبة للحضور، ونظر حوله فانتبه لغياب الفتاة الجميلة، فقد انطلقت سندريلا تركض مسرعة خارج القاعة قبل أن يرجع فستانها إلى حالته الأولى. ولأنها ركضت مسرعة ففقدت فردة من حذائها على الدرج، ولم تستطع أن تلتقطه خشية أن يفوتها الوقت، لحقها الأمير راكضا خلفها، وتاركاً الحفل وراءه، إلّا أن أميرته كانت قد اختفت، وعربتها، وجيادها، وخدمها كلها قد اختفوا الأخرى، ولم يبقَ أي أثر لها سوى فردة الحذاء الزجاجي الذي أفلت من قدمها على الدرج، فالتقطه الأمير، وعاد إلى قصره حزيناً.
حذاء سندريلا
مضت أيام على الأمير وهو في حالة من الحزن والاكتئاب بسبب اختفاء تلك الفتاة ولم يعرف كيف يمكن أن يجدها. وبقي الحال كذلك إلى أن نادى كبير الحرس في قصره، وأمره أن يأخذ فردة الحذاء الصغيرة تلك، ويلف بها على كل بيوت البلد، معلناً أن الأمير سيتزوّج بالفتاة التي سيناسب الحذاء قدمها، وانطلق كبير الحرس فوراً لتنفيذ ما قاله الأمير. وطال الأمر، فلم تدخل قدم أي فتاة في الحذاء الزجاجي إلى أن وصل الحرس إلى بيت سندريلا. بالطبع، تسابقت الأختان على قياس الحذاء الذي لم يكن حتى قريباً من قياس أقدامهما.
ثم كانت المفاجأة دخلت قدم سندريلا في الحذاء بسلاسةٍ ودون أدنى مجهود، فقد كان ملائماً لقدمها تماماً، صُعقت الفتاتان وأمهما عندما شهدن ما حدث، خاصّة بعد أن أخرجت سندريلا الفردة الثانية للحذاء من جيبها، ولم يقف الأمر عند ذلك، فقد ظهر طيف أمها مرّة أخرى، ولم يكن باستطاعة أحد أن يراه سوى سندريلا، وأشارت المرأة الطيف بعصاها إلى سندريلا كما فعلت سابقاً، فتحولت ملابس سندريلا البالية مرة أخرى إلى ملابس فاتنة تماماً كتلك التي حضرت بها حفلات الأمير، وارتسمت بسمة كبيرة على وجه كبير الحرس الذي كان فرحاً لأنه استطاع أن يجد الفتاة التي يبحث عنها أميره، وبالتالي فقد استطاع أن ينهي معاناة الأمير. ألقت الفتاتان بنفسيهما أمام سندريلا، وطلبتا منها السماح على ما فعلنه بها، وسندريلا بدورها عفت عنهما، وقالت لهما أنّها لا تحمل في قلبها أي كره أو حقد عليهما، وودّعتهما وانطلقت مع الحرس إلى قصر الأمير، الذي سعد كثيراً برؤيتها، فزال همّه، وعادت الحياة لتدب في عروقه من جديد. وبعد أيّام تزّوجت سندريلا من الأمير، وأقاما حفل زفاف مهيب، وسندريلا بقلبها ناصع البياض وروحها الطيبة، دعت الفتاتان لتعيشا في قصر الملك، وزوّجتهما باثنين من كبار الموظّفين في البلاط الملكيّ.