تمثال الحرية رمز الولايات المتحدة الأميركية، هو منحوت كلاسيكي مذهل نحتَ بالقرب من جزيرة ليبرتي في مدينة نيويورك، تم تصميم هذا التمثال كهدية من شعب فرنسا إلى شعب الولايات المتحدة، من قبل النحات الفرنسي فريدريك أوغست بارثولدي، وبنيَ من قبل غوستاف إيفل في 28 تشرين الأول 1886.
وتمثال الحرية هو شخصية أنثى سائغة تمثل "ليبيرتاس"، الإلهة الرومانية، وهي تحمل شعلة فوق رأسها، وفي ذراعها اليسرى تحمل علامة أنساتا منقوشة بالأرقام الرومانية مع "يوليو الرابع مدكلكسفي" (4 تموز 1776)، وهو تاريخ إعلان الإستقلال الأميركي، وقد أصبح هذا التمثال رمزاً للحرية في الولايات المتحدة، وهو نوع من الترحيب بالمهاجرين القادمين من الخارج، استلهم بارثولدي من أستاذ القانون الفرنسي والسياسي إدوارد رينيه دي لابولاي، الذي قيل إنه علق في عام 1865 بأن أي نصب تذكاري سيكون مشروعاً مشتركاً بين الشعبين الفرنسي والأميركي، ولم يبدأ العمل على التمثال حتى أوائل 1870، وقد بات رمزاً ومزاراً لكل السياح.
الخديوي إسماعيل والتكاليف
تبدأ القصة بنحات فرنسي عبقري هو فريدريك أوجست بارثولدي الذي جاءته أولا فكرة التمثال، من دون أن تكون أميركا قد خطرت على باله، بل كانت فكرة إنسانية عامة تجسد الحرية والحضارة الإنسانية في شكل إمرأة تحمل شعلة تنير بها جنبات الدنيا، وإن كان التصميم قد قصد به أن يطل التمثال على موقع ساحلي، لأن التاج الذي يعلو رأس المرأة له سبعة أسنة (تبدو كسبعة مصادر مشعة)، وهي ترمز للبحار السبعة التي تطل عليها قارات العالم.
وعندما وضع بارثولدي تصميم تمثال الحرية، أخذه إلى الخديوي إسماعيل في مصر، في أعقاب افتتاح قناة السويس للملاحة (1869)، واقترح عليه أن ينصب على مدخل القناة ليكون رمزا لحرية الملاحة أمام العالم، وباعتبار أن التمثال يمثل مصر وهي تحمل شعلة الحرية.
ولما سئل الخديوي إسماعيل عن تكاليف بناء التمثال (كان حتى ذلك الحين مجرد تصميم على الورق) قدرها بارثولدي بستمائة ألف دولار، وهو ما اعتبره حاكم مصر مبلغا هائلا وضخما لا يقدر عليه بعد ما أنفقته مصر على حفر وافتتاح قناة السويس، وهو ما أوقع البلاد بعد ذلك في الديون كما هو معروف.
وكان أن اعتذر إسماعيل لبارتولدي مقدرا له حبه لمصر، وحماسته لتمجيد المكانة العالمية لقناة السويس.
لماذا اختير مرفأ نيويورك لإقامة نصب تمثال الحرية فيه؟
هذا المرفأ كان يرمز إلى الحرية بالنسبة إلى ملايين المهاجرين، كان بمثابة الأرض الموعودة لقلوب مليئة بالآمال، وعبقة بالطموح، كان مفتاح الأرض الجديدة التي فتحت ذراعيها لجميع الناس، على اختلاف مشاربهم، خلال عشرات السنين كانوا نساءاً ورجالاً وأطفالاً، يعتمرون القبعات المهترئة ويشدون على ظهورهم الحقائب البالية أو علب الكرتون المربوطة بخيطان سميكة، وكان هؤلاء يقفون صفاً طويلاً أمام مكتب الهجرة في ايليس ايسلند وينتظرون، لم تكن هذه البقعة من الأرض تشكل إلا جزءاً صغيراً جداً من أميركا، إلا أنها كانت المعبر إلى الحرية. وفوقها أقيم نصب تمثال الحرية.
القاعدة أهم من التمثال
القاعدة التي صممها المعماري الأمريكي ريتشارد موريس هانت بنيويورك هي أهم من التمثال نفسه كفن معماري، وهي ضخمة من الإسمنت والغرانيت وعرضها 47 متراً، أي أطول بمتر واحد من ارتفاع التمثال بدءا من قدميه إلى أعلى الشعلة المضاءة دائما.
لذلك يبلغ ارتفاع أشهر معلم سياحي في الولايات المتحدة 93 متراً من أرض القاعدة إلى أعلى التمثال، المحاط بجدار على شكل نجمة ذات 10 رؤوس.
ويرتاد "مزار الحرية الدولي" في نيويورك أكثر من 3 ملايين و500 ألف سائح بالعام، ومن الصعب أن تجد من يعرف منهم بأن "الليدي ليبرتي" كما يسمون صاحبة التمثال، وهي شارلوت بيسر، والدة بارثولدي نفسه، ليست في الحقيقة سوى فلاحة مصرية رآها بارثولدي في مدينة القصر في مصر.
معلومات عن تمثال الحرية
خضعت الشعلة على مر السنين للعديد من التعديلات، ففي عام 1916 تم تحويلها إلى الطاقة الكهربائية، كما أعيد تصميمها في منتصف الثمانينات، عندما تم إصلاح التمثال من قبل عمال فرنسيين وأميركيين للاحتفال بالذكرى المئوية للتمثال، والتي عقدت في تموز سنة 1986.
أضيف تمثال الحرية سنة 1984 إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو.
كان التمثال حتى الحادي عشر من أيلول سنة 2001 متاحاً للزوار، وكانوا قادرين على الحصول على منظر خلاب لمدينة نيويورك، من خلال تسلق الدرج داخل التمثال وصولاً إلى أعلى التاج.
تتواجد الشعلة الأصلية للتمثال في المتحف الخاص بتمثال الحرية.
يوجد 25 نافذة و7 رؤوس مدبّبة في تاج تمثال الحرية، ويقال بأنّ هذه الرؤوس السبعة ترمز إلى البحار السبعة.
تمثال الحرية بالأرقام
- ارتفاع التمثال من الكعب للرأس 33.86 متر.
- ارتفاعه من القاعدة حتى الشعلة 46.05 متر.
- ارتفاعه من الأرض حتى أقصى طرف الشعلة 92.99 متر.
- طول اليد 5 أمتار.
- طول الإصبع السبابة 2.44 متر.
- طول الرأس من الذقن إلى الجمجمة 5.26 أمتار.
- طول الأنف 1.37 متر.
- وزن النحاس في التمثال 31 طنا.
- وزن القاعدة الخرسانية 27 ألف طن.
- الوزن الإجمالي للصلب في التمثال بكامله 125 طنا.
- توجد تماثيل أخرى تحمل نفس الاسم "تمثال الحرية" في بلدان أخرى، منها فرنسا وإيطاليا ولاتفيا والهند وسان مارينو.