في عصر أصبح المسرح يُختصر بكلمات لا معنى لها، وصوت هدفه إضحاك الغير لا غير، وقف الأخوان فريد وماهر الصبّاغ بعمل طرحاه على خشبة مسرح قصر المؤتمرات ليل أمس الخميس، مع شعلة من الأمل لعلّها تنير وتنشر هذا الفن العريق من خلال "حركة 6 أيّار"، يوم عيد الشهداء في لبنان حيث كانت غالبية الحضور من نخبة الشخصيات السياسية الثقافية والطبية والدينية والفنية والإعلامية .
ما ان فتحت ستائر هذا المسرح حتّى فُتح معها ملف السلطة الرابعة، قضيّة الفساد الإعلامي وأهميّة الحفاظ على الرأي والحريّات... نعم، كل هذه القضايا اختصرها الأخوان بهذا العمل، الّذي يحاكي الواقع الأليم للإعلام المسيّس.
"حركة 6 أيار" يشارك في بطولتها الممثّل يوسف الخال في دورين "رئيس الجمهورية" و"روكز"، والفنانة كارين رميا بدور كارمينا، الإعلامية المناضلة في تلفزيون لبنان، إضافة إلى الممثلين طوني مهنا، بياريت قطريب،زاهر قيس، رفيق فخري، الان العيلي، سبع البعقليني، طارق شاهين، عايدة الخوري... أبدعوا بموهبتهم من أجل طرح تلك القضايا وإيصالها بقالب فني إبداعي.
وفي عمل لا يتعدى الساعتين، حكت المسرحية بصداها العميق عن أهمية الإعلام ودوره الكبير في وطن باتت فيه حريّة الكلمة محصورة، وكذلك إيصال الحقيقة بموضوعية. فمن قصّة ضحايا تحطّموا مهنياً بسبب الإعلام، وشعب هاجر من أرضٍ ترعرع فيها، ومن قصّة لبناني تحوّل إلى لاجئ في المخيّمات بعدما استلم الأجانب زمام السلطة، إلى وطن رُفعت فيه الكاميرات كسلاح يدير ثورة استعادته.
فمن على خشبة مسرحٍ حضر عليها تمثال الشهداء وخلفية ساحة جمعت صليب الكنيسة وهلال الجامع، رفع الممثّلون أصواتهم من صميم قلبهم لعلّه يوقظ ضمائر وسائل الإعلام وكاميراته الّتي حجبتها غيمة سوداء في واقع هو بأمس الحاجة إلى أقلام تنقذه من ظلم الـ "الرايتنغ" الّذي أصبح هدف معظم هذه الوسائل اليوم. وبرأي الفنانة كارين رميا "الرايتنغ" هو أخطر ما نواجهه اليوم.
أمّا الممثل يوسف الخال الّذي اعتبر أنّ هذه المسرحية "فشّت خلق"، استطاع أن يوصل صوت هذه القضية أمام مئات الحضور مُظهرا دور الإعلام في بناء وطن. وفي دردشة خاصّة مع المخرج والمؤلف فريد الصبّاغ، أكّد بأنّ المال هو صاحب السلطة اليوم، وأكثر ما يتمنّاه أن يقول الإعلام كلمة الحق. أمّا عن سؤال تعامله مع المسرح بشكل واسع، فإعتبر أنّه في ظل إهمال هذه الثقافة المهمة، يجب على أهلها أن يهتمّوا بها بشكل أكبر.
وأكثر ما دعا اليه هذا العمل قبل إغلاق ستارة المسرح، هو أن يتحرّر الإعلام من كل القيود المفروضة عليه، لأنّه يشكّل عنصراً أساسياً في نمو الحضارات.
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً،إضغط هنا.