رحل ليبقى حياً في ضمير الأجيال طالما بقي من الفسحة في وطننا رقعة للحلم والاقدام والتمرد.

رحل ليبقى سعادة الكلمة وعقل الادب وجوفه وفحواه.

رحل ليبقى ذاك الشاعر الذي رسم صورة وطن وذاع صيته في أرجاء المسكونة هو الذي بنى عمارة القصيدة الوطنية التي تشعرنا بالعظمة وفخر الإنتماء إلى هذا البلد.

في الذكرى الثالثة لرحيل الكبير سعيد عقل، نجد الاقلام منحنية أمام هيبة هذا العملاق الذي ما وفر نثرا ولا شعرا ولا معجما ولا كلمة الا وسخّرها في خدمة عظمته ونتاجه الادبي والشعري.

سعيد عقل الثورة والمقاومة... سعيد الفكر والشعر والادب ... سعيد المعلم والشجاع الذي صنع احلامنا من جارة الوادي آبياً ان يبددها لأنه كان على اشد ايمان ان هذا البلد العظيم سينتفض على غربانه ونعيقهم البائس.

مذهل شاعرنا وهو الذي طوع الابجدية ليخرج منها جداول ولوحات منمقة من الكلمات والجمال المطلق ليكون المصدر والمنهل والوحي الذي تسلسل إلى خدر الذكريات.

ما قبل سعيد عقل ليس كما ما بعده... لقد صنع في الادب لغة جديدة لا تشبه الا ذاتها. تلك اللغة التي فاقت اي تصور او تحليل نقدي وبقيت بمنأى عن تلك الزواريب التي حاولت ان تصوّب عليه من أعيرة العنصرية.

لقد جعل سعيد من لبنان في قصيدته منحوتة ربانية غافية على شلوح الارز... جعل منه منارة وقبلة للفكر والادب ورفع منه شأناً فوق اعتاب المصالح الصغيرة التي تتقاسم البلد كقطعة من الجبن وبخلاء الجاحظ في حق الشعب. نعم فسعيد عقل مجبول بالوطنية حتى ولو كان كالسيف صارماً في آرائه الصائبة والتي لا توارب بل تجدها ساطعة كالشمس أبية كعنفوان زحلة وشامخة بحب الوطن...

سعيد عقل، لو عاد من قبره اليوم لكان استل من جيبه الادبي نشيد الوطن من فحوى "لبنان ان حكى" لترتشف منه النفوس البائسة على قارعة فقدان الأمل دفعاً من حب الوطن لثمر اهازيج الانتصار.

في ذكرى الرحيل الثالت نفتقدك سعيد عقل نفتقد كل ما فيك من جنون وأدب وفكر ونشتاق صوتك ونبرته وتقاطيعه.

كل ما في هذا الوطن يناجيك ويستجديك العودة.

شعراء وكتاب وادباء وفنانون وسياسيون واقتصاديون واجتماعيون وحقوقيون يسألونك العودة.

نعم فلهذا الوطن بوصلة أضعنا توجيهها في المسار الصحيح.

انت الذي اجدت التحكم بأواصر الكلمة وصنعت مجدا للتاريخ والعالم لن ننساه، وان نسيناه فبتنا بحكم الخونة والتآمر على وطن ووجدان وذاكرة.

لن ننساك لطالما انت ذاكرة الوطن... وستبقى سعيد عقل ذاك العبقري الذي ادرك في الثنايا ان لمثل هذا البلد مكانة في العالم ذلك لانك انت من طبع وجهه الحديث والمعاصر.

سعيد عقل سعيد لبنان وعقله لن ننساك ما حييت وطنا وثورة ومجدا للبنان .