لم تنفع الاعذار التي تقدمت بها الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب إلى الشعب المصري في مسامحتها على هفوة أو زلة لسان او لحظة طيش من طفولة ما زالت نجمتنا متعلقة بها.
وما لم يكن في الحسبان، ان تثير الفنانة شيرين عبد الوهاب من خلال الفيديو الذي انتشر لها وهي تقول في حفل لها في الشارقة ردا على احدى المعجبات التي طلبت منها تقديم أغنية "مشربتش من نيلها"، فردت بأن الشرب من مياه النيل يؤدي إلى الإصابة بمرض "البلهارسيا"، موجهة نصيحة لها بشرب نوع آخر شهير من المياه المعدنية الفرنسية.
شيرين التي اعتذرت واعتبرت ان الأمر لا يعدو كونه دعابة في غير محلها منها للجمهور لم تشفع لها على الاطلاق، فقد قررت نقابة المهن الموسيقية المصرية توقيفها عن الغناء والتحقيق معها ومنعها من الحصول على أي تصريح لإقامة الحفلات.
وقد أقام محام مصري دعوى قضائية ضد شيرين، مشيرا إلى أن تصريحات المطربة المذكورة تمثل إهانة للدولة المصرية، وإفسادا للجهود التي تقوم بها الدولة لتنشيط السياحة الخارجية.
وحددت محكمة جنح عابدين 23 كانون لأول المقبل موعدا لأولى جلسات محاكمة شيرين بتهمة بث دعايات مثيرة.
في تعليق أولي على كل تلك الزوبعة التي اثارتها شيرين ينبغي الاضاءة على نقاط عدة:
اولا: مما لا شك فيه ان الفنانة شيرين عبد الوهاب تعتبر من أكثر النجمات العربيات عفوية وغالبا ما يسبق لسانها تفكيرها وبالتالي فنجدها ككل مرة في ورطة نتائجها لا تحمد عقباها.
ثانيا: ان ما خرج عن شيرين لم يكن عن سابق تصور وتصميم وبالتالي لم تكن لديها نية في الاساءة إلى النيل ومصر والشعب المصري.
ثالثاً: ان الحملة التي شنت على الفنانة شيرين عبد الوهاب جراء الفيديو هذا جاءت على قدر كبير من المبالغة ، خصوصاً ان الجميع يجمع على نوايا شيرين الطيبة. فالظلم الذي لحق بها من جراء الانتقادات القاسية من الشعب والنجوم والجسم الاعلامي والصحافي جاء على قدر كبير من المبالغة غير المقبولة على الإطلاق.
أما وبعد استطلاع هذه الوقائع لفتتنا هذه النخوة المصرية، لا بل القومية المصرية الجدعة التي وحدتها يد عدم الاساءة لمصر أو اهانة شعبها او نيلها على الرغم تعرض شيرين للظلم من جراء هذه الحملة.
فالشعب المصري والنقابات الفنية والجسم الاعلامي بكوادره كافة توحد في وجه الاساءة التي الحقتها شيرين بمصر عن غير قصد. ولم يتوقف عند هذا الحد بل منع نجمة مصر الأولى من الغناء واحالها إلى التحقيق على الرغم من اعتذراها لتكون عبرة لمن اعتبر وكي لا يتجرأ احد من بعدها على المساس بمصر ونيلها وشعبها.
ماذا لو قررنا ان نعكس وقائع هذه الحادثة على واقع الساحة الفنية حتى لوجدنا أنفسنا أمام هوة من التناقضات والترهات.
هنا كل شيء مباح لأن كل واحد منا يعتبر فوق القانون وما عاد للقانون قوة ملزمة.
كم من مرة تمت الاساءة إلى هذا البلد من خلال التطاول على رموزه ولم نحرك ساكنا ولم تتحرك اي من النقابات الفنية في اتخاذ الإجراءات اللازمة.
كم من مرة تمت الاساءة إلى السيدة فيروز خلال السنوات الأخيرة سواء بالنسبة إلى خلافها مع ابنها زياد او مع عائلة الكبير منصور الرحباني أو حتى الانتقادات المجرحة التي طاولت عملها الغنائي الاخير ولم يحرك أحدهم ساكنا لمحاسبة من يسيء إلى فيروز الارزة التي تختصر لبنان .
كم من مرة تمت الاساءة إلى الشحرورة صباح وخصوصا خلال السنوات الأخيرة من حياتها والتطاول على كرامتها والتشهير بها مرات عديدة أمام هيبة صمت النقابات والمسؤولين والمعنيين.
والامر نفسه بالنسبة إلى أميرة البادية سميرة توفيق حين انتقدت على الكثير من الأمور ولسنا في وارد تفصيلها اليوم.
ما اردنا قوله في نهاية المطاف أننا من اشد المعجبين بالنخوة المصرية في التصدي لاي محاولات تهدف إلى الاساءة لمصر وشعبها ورموزها ، سواء أكانت عن قصد او عن غير قصد. وليتنا في لبنان نتعلم ولو قليلا من نخوة اخواننا في مصر لمنع كل من تسوّل له نفسه الاساءة إلى بلدنا العظيم وشعبه ورموزه الفنية والادبية والثقافية والفكرية.