لكل عصر مرحلة ذهبية فيها الكثير من الازدهار والتطور وفي كل حقبة نشهد حالة من الانهيار والدمار على المستويات كافة. ومما لا شك فيه ان الدمار حين يكون على مستوى الكلمة والموسيقى والثقافة فحتما نحن على شفير نهاية الازمنة. اليوم سننتفض على واقع موسيقي مرير شابه الملل وندرة الانتاج. ننتفض من خلال من نعوّل عليهم في رفع الراية تجاه وابل من الإسفاف وسوء الاختيار.
إنه الريس ملحم زين، الذي وعلى الرغم من صغر سنه الفنيّ، نجد في محيّاه امتداد للعمالقة... امتداد لذاك الزمن الجميل من خلال صوت يقارب السماوات رحبا ومساحة.
صوت قادر ان يُخضِع قمم الجبال وان يُروّض وحوش الغاب وان يُفتّت الصخر. صوت هادرٌ مَنّ به الله عليه نعمة ووزنة لم يكن ليطمرها على الاطلاق بل وضعها في رحب الخِيارات الممتازة التي لاقت انتشارا كبيرا على امتداد العالم العربي.
بعد طول انتظار، أبصر عمل ملحم زين الجديد النور، وحمل عنوان: "الجرح اللي بعدو"، والذي تعاون فيه مع مجموعة من الشعراء والملحنين والموزعين.
الالبوم، و في فترة قصيرة على طرحه في الاسواق، حرّك الكساد السائد والركود الحاصل في سوق الالبومات الغنائية. وأتى هذا العمل في نفحة من الاصالة والشجن والشعبي والفلكلوري والاحساس، الذي تنحني له كل الاشعار والجمل الموسيقية وآلاتها، على حد سواء.
الالبوم تضمن مجموعة من الاغنيات لعل ابرزها :
"الجرح اللي بعدو"، هذه الاغنية تتوهج احساسا والقا بصوت ملحم. كلام رائع يصوّر الحبيب الخائن الذي خلّف جروح لم تندمل حيث تَملمُل المشاعر وخيبتها، معلقا الامال على الامل والمستقبل. لحن يتماشى مع الكلام الدرامي بإيقاع يتناسب مع اللحن والكلام في آن.
"اوراق الخريف"، تعتبر هذه الاغنية درامية وحزينة إلى حد كبير... تحاكي وبشجن صوت ملحم وجع الضمير وانهيار النفس المخدوعة التي تلملم طيفها كأوراق الخريف. إنه لغة العتاب والعتاب على قدر الحب. لحن الاغنية متناسب مع الكلام المميز فنجده خفيفا حزينا ليعود ويُظهر قدرات فائقة في اداء اعلى النوتات الموسيقية.
"كل شي الو نهاية"، لهذه الاغنية بالذات نكهة خاصة في الالبوم لا تشبه الا ذاتها. وهي تتحدث عن الحكايات والنهايات والملل في العلاقات، مُعوّلا على علاقته الاستثنائية المظلل بكنف الحب الذي كلما عتق اتسع تجددا. ويبلغ الكلام ذورة الاحساس حين يردد مع نهاية كل "كوبليه" كلمة "احساسي فيك واحساسك يوم اللي بينقص بزيد". اللحن رائع في ما يكفي من الشجن الذي يصور الاغنية في اجلى صورة ممكنة، ناهيك عن التوزيع المتميز.
"بعشقك كلك"، تعتبر من الاغنيات الايقاعية الفرحة التي يُبدع ملحم في تقديمها وتستحوذ على انتشار كبير بين الشباب. يبلغ فيها ملحم نوتات عالية من السلم الموسيقى. يُعوّل في هذه الاغنية على اللهجة الغزلية في الحبيب... فهو يعشقها بالكامل ووجودها بقلبه لا نهاية له على الاطلاق، اللحن فيه الكثير من الفرح يرافقه توزيع ايقاع صاخب.
"العدل يا حبيبي"، هذه الاغنية بالذات، انتظرناها بفارغ الصبر لأنها حملت توقيع القيصر كاظم الساهر لحنا. الاغنية بالفصحى، وكلماتها تُصوّر جموح الحب، ليجد نفسه أمام خيارين إما ان تخرج الحبيبة من قلبه او ان تعدل كي لا يبقى قتيلا هكذا. الاغنية وعلى الرغم من روعتها لم نحبذ توزيعها على الاطلاق كونه لا يناسب اللحن وحتى الكلام الذي جاء باللغة الفصحى وخصوصا الموسيقى الصاخبة الفاصلة بين الكوبليه والتي تليق بالملاهي الليلية وليس بأغنية من لحن القيصر وغناء الريّس.
"هيي الي"، اغنية ايقاعية فرحة، فيها الكثير من الصور الجميلة التي تُصور الحب في أجمل صور الغزل. لحن جيد وتوزيع متماسك يتناسب ولحن الاغنية.
نبارك لملحم زين عمله الجديد الموفق من النواحي كافة والمتماسك الذي احسن فيه الاختيار. فلمثل ملحم يليق النجاح والنجاح يبحث عن ملحم لأن فيه كل اواصر الاجتهاد والموهبة والتفوّق.