مع بدء كل موسم درامي جديد، يحسم الأمر مبكراً بعودة المعجزة الدرامية، إنه مسلسل "باب الحارة" الذي يدر على صانعه بسام الملا وقناة "MBC" أموالاً طائلة، فالعمل مستمر، طالما أنه يحقق نسب مشاهدة عالية، ويستقطب المعلنين، وتطلبه المحطات بناء على طلب الجمهور.
ورغم الانتقادات والأخطاء الإخراجية والقصص المفبركة والوقائع الخاطئة والأحداث المصفوفة واتهامات البعض بتشويه التراث الشامي العريق إلا أن مسلسل "باب الحارة" احتفظ بنسبة مشاهدة جيدة هذا العام أيضاً، وهي حقيقة علينا الاعتراف بها، ويعود السبب ربما بأن الأجزاء الأولى مازالت راسخة في الأذهان وما زال الناس يرغبون بمشاهدة ابن الشام الأصيل والقبضاي والست الشامية الرقيقة والحنونة.
ورغم كل ذلك، فإن العمل الشامي أصبح ظاهرة درامية لن تتكرر، باعتباره المسلسل السوري الأكثر عرضة للنقد والانتقاد والمتابعة في آن واحد، خصوصاً بعد تحوله إلى سلسلة درامية قد تتحول إلى فانتازيا وثائقية.
صحيح أن أعمال شامية أخرى شهدت متابعة جماهيرية كبيرة مثل "عطر الشام" و"طوق البنات" و"زمن البرغوت" لكنها لم تتلق حجم الانتقاد نفسه كما "باب الحارة".
وبكل الأحوال، ليس شرطاً أن يكون العمل الشعبي وصاحب الجماهيرية العالية ذو قيمة فنية وفكرية، خاصة أن المزاج العام بات يميل وينجذب نحو الأعمال المسلية حتى وإن كانت فارغة.
خلال الجزء الأخير، تصدر مصطفى الخاني "النمس" المشهد الدرامي إلى جانب ميلاد يوسف "عصام" متفوقان بخطهما الدرامي الجديد شخصية كبيرة أمثال "أبو عصام" وزوجته.
أما مصطفى سعد الدين صاحب شخصية "العكيد معتز" فبدا أكثر تمكناً من الجزء السابق، لكنه مازال بعيداً عن الأداء الممتع والمثير لوائل شرف الذي أدى الشخصية عبر سبعة أجزاء.
شكران مرتجى ومحمد خير الجراح "أم بدر وأبو بدر" كانا ملح العمل في الأجزاء السابقة بسبب المواقف الطريفة التي تصادفهما، لكن دخول شخصية "سكرية" شقيقة "أم بدر" لم يكن موفقاً فجاءت دخيلة بتركيبتها وخطها وأدائها، خاصة أن المخرج قدمها عبر شكران مرتجى أيضاً ولم يستعن بممثلة أخرى!.
وللعلم فإن معظم الفنانين السوريين يتمنون المشاركة في "باب الحارة" لأنه يمهد الطريق لهم نحو الشهرة العربية، لكن الغريب أن كل من خرج من العمل انتقده، آخرهم سامر المصري صاحب شخصية "العكيد أبو شهاب".
العمل منذ جزئه الأول بدّل الكثير من الشخصيات وأمات شخصيات أخرى، فخسر نجوماً لهم وزنهم الفني الكبير أمثال سلاف فواخرجي، ديمة قندلفت، ديمة الجندي، جومانة مراد، سامر المصري، بسام كوسا، قصي خولي، ليليا الأطرش، منى واصف، قيس الشيخ نجيب، سحر فوزي، وائل شرف، نزار أبو حجر، أناهيد فياض، تاج حيدر، دانا جبر، بينما فارق آخرون الحياة منهم وفيق الزعيم، سليم كلاس، محمد رافع، حسن دكاك، عصام عبجي، أدهم الملا.
إذاً، مسلسل "باب الحارة" مستمر لعام واحد على الأقل عبر الجزء العاشر، وربما يمتد لجزأين آخرين.