طال الإنتظار والدقائق الست في كليب: "عكس اللي شايفينها"، للنجمة إليسا، لم يتوقعها عقل عربي اعتاد على نمطية الكليبات وتكرار الموضوعات والقصص بصورة أكثر جمالاً.
يخطف الكليب أنفاس المشاهد منذ لحظة البداية حتى ظُهور إسم المخرجة المبدعة أنجي الجمال، حيث ترجمت أغنية "كلمات أمير طعيمة وألحان وليد سعد" التي كانت حديث الناس في الأشهر السابقة لفيلم لبناني قصير مقتبس عن قصة الراقصة الراحلة داني بسترس بالكثير من الجمال والإحساس والإبداع.
تُحفة إليسا وأنجي الجمال أخيراً أبصرت النور، والمشاهد نعيدها مرة تلو الأخرى دون ملل أو كلل، وفي كل مشاهدة نكتشف جديداً يُبهرنا في زمن شحّت فيه الإفكار الخارجة عن المألوف لتتمكن إليسا الأم أن تهزّ عرش العالم وتُثبت أنّ الفنان الحقيقي لا يعيش على أمجاده وعليه أن يُدهشنا بكل عمل يصدره.
إليسا ملكت الأضواء وخسرت أغلى الناس
في سابقة من نوعها، نقلت إليسا وأنجي الجمال قصة حياة الراقصة اللبنانية داني بسترس التي انتحرت بعد تأثرها الشديد على وفاة إبنها إلى كليب أغنية، وأعادت إحياء قصة الراقصة الجميلة مرة جديدة وأظهرت صورة داني الإنسانة.
يبدأ العمل المصوّر بحضور صحافي أجنبي إلى بيروت ليستذكر مقابلة أجراها قبل عشرين عاماً مع الراقصة الأرستقراطية التي تحدّت كل القيود لتحقيق أحلامها، ورغم كل نجاحاتها فاجأته بقصتها التي تُبكي القلوب. وعلى كلمات الأغنية: "وقالوا سعيدة في حياتها"، خرجت إليسا بكامل جمالها وأناقتها إلى الحفل تُلقي التحية على الموجودين وتمسك السيجارة لإظهار المرأة القوية والمتمردة من ثم تثمل فيمسكها شريكها بيدها ويجبرها على الدخول إلى البيت.
أداء إليسا في الكليب كان النقطة الأقوى، وكما تُفضّل دائماً أن تُظهر هذه الموهبة حصراً في كليباتها، فعلت في "عكس اللي شايفينها"، لتستيقظ من نومها وهي تصرخ بطريقة موجعة، "ماما"، وتذهب إلى النافذة لرؤية إبنها يسبح فلا تجده وتنهار أمام زوجها بمشهد لم ولن يتكرّر يجعلك تنحني أمام فاجعة هذه الأم.
وكما في القصة الحقيقية، تُطفئ إليسا الشموع بإصبعيها وتدخل إلى غرفتها، تضع خلفها كلّ القيود، تُقفل الباب وتُقرّر إنهاء تعاستها..بالإنتحار.
ماذا لو لم تكن إليسا "عكس اللي شايفينها"؟
في هذا العمل لا يمكنّنا أن نمر أمام هذا الكم من الرسائل مرور الكرام، فماذا لو لم تكن هذه النجمة عكس اللي شايفينها؟ حتماً لن تكون النهاية بطلقة مسدس.
نعيش في هذا العالم أمام مجموعة من الضغوطات، نحاول أن لا نكون أنفسنا إرضاءً للمجتمع والعادات والتقاليد، نرتدي القناع منذ أولى خطواتنا وندّعي الراحة والسعادة كي لا نفسح المجال أمام باقي أفراد المجتمع لجدلنا ألف مرّة ومرة.
وفي قصة الكليب، كانت إليسا بحاجة إلى أشخاص يقفون إلى جانبها ولا تضطر أن تعيش مع مشاكلها لسنوات بصمت، لشريك لا يمسكها في يدها ويدخلها إلى الغرفة بقسوة ويقفل الباب لكي لا تُظهر حالتها النفسية المتدهورة، ولناس لا يرون فيها النجمة التي حققت النجاحات وقادرة بشخصيتها القوية أن تتخطى هذه الفاجعة.
لم تكن بحاجة إلاّ لعائلة تقف إلى جانبها ولا تنكرها لأنّها تحدّت العادات والتقاليد وامتهنت الرقص الشرقي، وإلى رجل بصفة إنسان، وأصدقاء حقيقيين..هل هذا كثير عليها؟
كلّ هذه الرسائل أدخلتها أنجي بسلاسة في الكليب وأقنعتنا إليسا بنجاح كبير بأنّ داني بسترس كانت "عكس اللي شايفينها".
من تكون داني بسترس؟
إليسا وأنجي أحيتا قصة داني بسترس فمن تكون؟ هي إبنة عائلة ارستقراطية وثرية جداً، قرّرت دخول مجال الرقص الشرقي لكن عائلتها حاربتها في البداية بسبب النظرة الدونية لهذه المهنة في السابق.
داني قدّمت العديد من الأعمال وقامت ببطولة مسرحية "ومشيت بطريقي" مع الموسيقار ملحم بركات، وذكرتنا وقتها بناديا جمال عندما كانت ترقص على أهم المسارح.
عاشت حياة عاطفية غير مستقرة وانفصلت عن زوجها، والصدمة الكبيرة في حياتها كانت بوفاة إبنها الوحيد غرقاً، فعاشت حياة تعيسة إلى أن قرّرت إنهاء حياتها بطلقة مسدس.
والملفت في قصة داني، أنّها كانت تردد أكثر من مرة أنّ قصتها شبيهة بقصة النجمة العالمية داليدا التي كانت تبحث عن الحب في حياتها ولم تجده.
على هامش الكليب
لم تكن فكرة الكليب الجرأة الوحيدة التي قامت بها إليسا، بل التحدّي الذي قامت به النجمة العزباء بلعب دور أمٍ هو الجرأة بحد ذاتها خصوصاً أنّه أمرٌ لم نعتده كثيراً من نجمات جيلها رغم أنّها سبق ولعبت دور أم لشاب وصبية في كليب "يا مرايتي" وفي بداياتها الفنية بكليب "حبّك وجع".
لم تتخلّ إليسا عن فكرة عارض الأزياء الجميل، لكنّها اختارته هذه المرة أكبر سنّاً في خطوة Out of the box.
ومن المعروف أنّ إليسا غير مدخنة، بل إنّها لا تقبل أن يدخنّ أيٌّ من أصدقائها السجائر في منزلها، إلاّ أنّها ظهرت في الكليب وهي تقوم بما لا تطيق فعله في حياتها العادية.
في بداية الكليب أظهرت أنجي صورة بيروت الجميلة، ليكون عملاً في خدمة السياحة الوطنية أيضاً.
بعد دقائق من إطلاق الكليب..تصدّرت مواقع التواصل الإجتماعي!
لكل مجتهد نصيب، ولإليسا في "عكس اللي شايفينها" نجاح تخطى التوقعات بعد دقائق من إطلاق الكليب، فتمكنت من احتلال مواقع التواصل الإجتماعي كافة وتصدّر الترند في معظم الدول العربية، رغم صدور الأغنية قبل أكثر من 9 أشهر وتحقيقها أكثر من 45 مليون مشاهدة عبر اليوتيوب.
كما أعرب العديد من النجمات عن إعجابهنّ بالعمل مثل سيرين عبد النور، نادين نسيب نجيم، شكران مرتجى، ماريتا الحلاني، وغيرهنّ.