سجل مهرجان "الزمن الجميل" خطوة ثقافية فنية ربطت الماضي بالحاضر وسلطت الضوء على نجوم سطروا في تاريخ الفن علامات من ذهب، مضاءة بالابداع، فكانوا الذاكرة المؤرشفة.
من بين الضيوف المكرمين النجمة اللبنانية الممثلة الفيرا يونس التي اثرت المكتبة الفنية بالعديد من الاعمال الدرامية على الشاشتين الصغيرة والفضية والمسرح. موقع الفن تصفح على هامش المهرجان معها حديث الذكريات والحنين عبر هذا اللقاء.
صور وحنين
مبارك درع التكريم في هذا المهرجان؟
الله يبارك فيك، هذه الجائزة لها مدلولها الخاص والحميم عندي لأنها عربون وفاء وتقدير على عطاءاتي الفنية الذي أفخر بها، وأود أن اشكر الدكتور ه راتش منظم الحفل على هذه المبادرة التي كان من المفروض أن تتخذها الدولة اللبنانية. كما اشكر كل القيمين على هذا المهرجان.
ما الذي تبدل ما بين الزمن الفني الجميل والزمن الفني اليوم؟
ثمة أمور كثيرة تبدلت وتغيرت، أولها المشهدية الحوارية بالنص. فالنصوص الدرامية في أيامنا كانت تخضع للرقابة التي من مسؤولياتها ضبط النص وعباراته لكي لا يؤثر سلباً على ذهنية المشاهد. ثانياً كان الإنضباط الإخلاقي نابعاً من رحم المسؤولية عند الممثل تجاه الكاركتير الذي يلعبه خصوصاً أن إطار العمل كان اسيراً لشاشة موحدة هي تلفزيون لبنان، أما اليوم فالصورة تبدلت لأن القرار بات بيد المنتج وباتت مساحات العرض أكثر اتساعاً بفضل تعددية الشاشات.
بالرغم من بدائيات التقنيات التي كانت تستعمل في الأعمال الدرامية بالماضي الا أنها كانت الأكثر جذباً للمشاهدة. برأيك لدينا خلل ما في محتوى الدراما اليوم؟
كان النص الدرامي بالماضي قائماً على المحتوى وأسلوب تنفيذه بعيداً عن التكلف والبهرجة، وكانت الأعمال الدرامية تأخذ الوقت الكافي من المناقشة والدراسة قبل البدء بتصويرها.
لأي مدى الدراسة الاكاديمية أثرت على ميكانيكية العمل الدرامي اليوم بينما عصركم كان معتمداً على الفطرة؟
لم تكن معاهد الفنون موجودة في أيامنا وكان الفنان يعتمد على موهبته وإحساسه في الأداء، فكانت مناخات التمثيل مختلفة عما هي اليوم، أنا شخصياً لا أنكر دور الدراسة الاكاديمية لأنها تكسب الموهبة تمرساً وتقنية لكننني مصرة على أن الدراسة وحدها لا تصنع ممثلاً والموهبة هي الأساس.
لماذا لم تكمل الفيرا يونس مشوارها السينمائي في مصر؟
بصراحة معظم الأدوار التي طرحت علي في تلك الفترة لا تلائم شخصيتي وقناعاتي لأنني ضد استعمال الجسد وسيلة في الفن ولم أقبل التصوير بالمايو أو التقاط المشاهد الساخنة، فالتمثيل عندي مثل الشهب يخترق ذاتنا معبراً عن مضمون المشهد الذي نؤديه بلا استعارات جسدية والنظرة أحيانا تعبر عن مشهد بكامله.
لم يكن الفن في الزمن الجميل مكسباً للثروات والاموال؟
(تضحك)كنا أحيانا ندفع من جيوبنا لتكون صورتنا كاملة وغالباً ما كنت أصرف مني على الاكسسورات المكملة للشخصية التي ألعبها أو بدل تنقلات أثناء التصوير.
لماذا سمي الفن بالزمن الجميل؟
لأنه بالفعل كان زمناً جميلاً بالرغم من ضيق الظروف فيه وكان الشارع الفني حاضنا لمواهب أصيلة بنت نجاحاتها بالكفاح والمرارة والعذاب .. فهو زمن الكلاسيكيات والرومنسية.
ما كان شعور الفيرا وهي تستلم جائزتها؟
شعرت بالإمتنان وشكرت ربي على أنني نلت كلمة شكر ولم يذهب تعبي سدىً، كما علمت بأن الأعمال الخالدة وإن غطاها غبار الزمن تبقى قيمتها، تماما مثل حبة الالماس المغمورة تحت التراب تبقى ثمينة مهما ظلت مغمورة.
ماذا تغير بداخلك ما بين الأمس واليوم؟
فنياً ما زلت أشعر بالرهبة نفسها عندما أقف في بلاتو التصوير فالفنان يا عزيزي هو التزام وصدق مع ذاته وأداؤه مرآة تعكس ذاتيته في عيون الناس.
لماذا هذا الغياب المتقطع عن الشاشة الصغيرة؟
بصراحة لا أقدم عملاً لا يمسني بمضمونه من الداخل، وبالتالي الدراما هي معالجة مرئية ليومياتنا وتفاصيل حياتنا، أي هي الشاشة التي تعكس خبايا مجتمعنا ومشاكله.
لا يؤثر الغياب على نجومية الفنان؟
الفنان الأصيل يبقى الزرع الذي زرعه من أعمال جيدة مورقاً في مشواره الفني وتبقى صورته في أذهان المشاهدين محاطة باللهفة والمودة لأنه محصن في الذاكرة.
أيهما الأكثر حظاً نجوم الأمس أم نجوم اليوم؟
شوف ..نجوم الأمس عاشوا مرارة العذاب والحرمان قبل الوصول الى نجوميتهم، كنا نصور مباشرة على الهواء في بدايات التلفزيون كأننا على خشبة المسرح، فلم تكن المناخات المتوفرة اليوم موجودة على أيامنا. نحن جيل عانى ما عانى حتى وصل الى ما هو عليه.
إلى أي مدى مساحة الدور تفرض نجومية الفنان؟
انا لا أتوقف عند هذا الأمر ولا أجادل على مكان اسمي المدرج على تيتر العمل، بل يهمني الدور الذي يضيف رصيداً الى رصيدي العملي ويجعلني أشعر بمتعة أثناء أدائه.
ما هو جديدك الفني؟
اليوم انا في فترة إجازة منتظرة الدور الذي يعيدني للعمل والملائم لشخصيتي الفنية.
إلى أي مدى ملامحك الرومنسية جعلتك رمزاً لنوعية معينة من الادوار؟
كسرت طوق الانحسار في أدوار معينة ونوعت كثيراً في الكاركتيرات التي لعبتها وكنت دوماً تواقة للتجدد والتطور.