ما أنبل العطاء وما أجمله، ما أنبل خدمة الآخرين وما أعمقها.

فالإنسان بحاجة إلى أخيه الإنسان ليصمد في وجه القدر خصوصاً إذا كان هذا القدر موجعاً ومؤلماً وسرطانياً، ينخر الجسد والعقل خبيثاً متخفياً والأكثر معذباً. هذا الإنسان الذي يواسيك ويخفّف من ثقل حملك هو نادرٌ وإذا وجد في دربك يجب أن تتمسّك به فهو نعمة وهبة من الله. هذا الإنسان متجسّد في شخص قرّر أن يصلّي لهم وأن يبوح بسرّ حبه فكان أن كتب سرّ الحبّ والألم. إنه هادي مرّ الحائز شهادة لاهوت من جامعة الروح القدس الكسليك الذي يصدر كتابه الجديد بعد ثلاثة مؤلفات روحيّة بالفرنسية كتاب عنوانه "رسالة لإختي المصابة بأوجاع السرطان" باللغة اللبنانيّة.

مع المؤلف هادي مرّ كان هذا اللقاء:

هل يمكن أن نعتبر أن هذا أول كتاب لك روحاني بعد ثلاثة كتب لاهوتية؟

لا فهذا هو الكتاب الروحاني الثاني لي بعد كتاب سيدة إيليج. أما السبب الذي دفعني إلى كتابة هذا الكتاب فهو لأنني تعرّفت إلى شخص مصاب بمرض السرطان لكنني هربت من الكتابة عن الموضوع إلى أن رأيت في حلم شخص يخصّه لكنه متوفى فطلب مني أن أصلي له مسبحة وبالمقابل سيعطيني أختاً. فرحت ابحث عن أقرباء لهذا الشخص وقدمت لهم مسبحة من صنعي وتفاجأوا. وصليت المسبحة لهذا الشخص كل أسبوع حبة والمسبحة 59 حبة وفكتبت الكتاب في 59 أسبوعاً.

من كاتب الرسائل ومن ما هي مستوحاة؟

أنا كتبت الرسائل لكن بهدف وغاية كتب عنهما في الإهداء. فهناك كثيرون يقولون ماذا فعل هذا الشخص ليصاب بالسرطان. أما أنا فأقول إن من يتألم بمرض السرطان يقومون برسالة ف"عذابهن شهادة وشهادتن رسالة ورسالتهن بطولة وبطولتهن قداسة. يعني عذابهن قداسة." كل شخص يتألم بالسرطان هو شاهد وشهيد.

كيف تفسر أن يكون الألم شهادة وتكفير؟ فالبعض يقول إن الألم مازوشية..

الإنسان لن يبحث عن السرطان ليعذب نفسه. لكن ما هو أكيد أن من يصاب بهذا المرض لا يكون قد بحث عنه لكن يكون قد أخذ على عاتقه هذه الشهادة. فالإنسان يمر في هذه الحياة رحلة حجّ وعذابنا مرتبط بأن لدينا وقتاً محدداً وسنرحل.

هل هذا الكتاب موجّه إلى مرضى السرطان فقط أم إلى جميع الناس؟

أتمنى ألا يصاب أحد بهذا المرض لكن أتمنى في الوقت عينه أن يقرأ الكتاب جميع الناس خصوصاً من هو موجوع جراء هذا المرض لأن الكتاب يعنيه. فهو يحتوي 40 رسالة هي مشوار منذ أن يبدأ هذا الألم حتى الإنتقال إلى الحياة الأخرى ولن أسميه الموت بل عبور إلى حياة أفضل. وفي البداية كنت أتهرب من كتابة هذا الرسائل لكن عندما بدأت بالصلاة رحت اكتب أفكاري كي لا أنساها وبدأت بكتابتها باللغة الفرنسية لكن بعد ذلك قررت أن أكتب هذه الرسائل باللغة اللبنانية لتكون أقرب إلى اللبنايين الذين أتوجّه إليهم.

إلى أي مدى أنت متأثر بوالدتك الأديبة والمؤرخة مي مرّ في كتاباتك وحياتك؟

طبعاً أنا متأثر بها لأن مي مرّ لم تكن شخصاً عادياً ويعود الفضل في هذا إلى والدي الذي كان يشجعها ويدفعها إلى الأمام وهي ايضاً في المقابل كانت تشجعه وتدفعه إلى الأمام فأكملا بعضهما وعطاؤهما كان مشتركاً. فزواجهما الذي دام 50 عاماً كان دسماً ومكثفاً وكان مركزاً على الحبّ والصلاة وهذا سرّ النجاح في العائلة. فالحبّ هو سرّ التغلّب على الألم والنجاح والتخطّي.

مي مرّ أعطتنا الإيمان الذي يتمناه الجميع. والرسائل كتبتها خلال سنة الرحمة الإلهية 2016. فالله رحمته واسعة. ويقول القديس إسحق السرياني إن رحمة يسوع مثل بحيرة كبيرة فيها مياه حلوة ونحن خطيئتنا كحبة ملح إذا رمينا في هذا المياه لن نؤثر فيها وهكذا هي رحمة الله.

كيف تفسّر لنا علاقة الحب بالألم مع أن الألم أحياناً يولد الكراهية والحقد والإنتقام؟

عندما تريد أن تبحث عن الصليب لا تبحث عنه من دون المصلوب. فلا صليب من دون مصلوب ولا مصلوب من دون صليب. فإذا أردت الصليب من دون المصلوب تذهب إلى جحيم وإذا بحثت عن المصلوب من دون الصليب تكون في الوهم والإثنان ليس مرغوب فيهما. والرحمة الإلهية لا تركز في هذا الضعف في الإنسان لأن كل معذب أو متألم سيشعر بالضعف في وقت ما فالرحمة الإلهية تستخدم ألمنا لتقديسنا.

متى توقيع الكتاب وكم ثمنه وأين يجده القراء؟

توقيع الكتب سيتمّ يوم السبت 25 آذار في قاعة كنيسة مار أنطونيوس الكبير في الجديدة المتن الساعة 7 ونصف مساءً والكتاب ثمنه 25 ألف ليرة لبنانية والقسم الأكبر من المال سيذهب لمحتاجين. وتجدون الكتاب في المكتبات العامة وفي المزارات. لكن الآن يمكن لمن يرغب في الكتاب الإتصال بي شخصياً على الرقم 03151401 أو 01580901 أو عبر إرسال بريد إلكتروني على [email protected]. وسيقوم بتقديم الكتاب الخوري جوزيف أبو غزالة والأديبة جيزال هاشم زرد.