"وحياة اللي راحوا واللي صاروا الحنين".
. منصور الرحباني صار الحنين بأغانينا بوطننا بمواقفنا الاساسية بمبادئنا الوطنية ، وما زالت أضواء ثورته تلمع حتى الآن حتى أصبحت كما النشيد الوطني، ثماني سنوات مضت على رحيل منصور الرحباني بالجسد ، لكنه ما زال خالداً في ذاكرتنا ووجداننا كلبنانيين، لا تكفينا فيه مجلدات لنفند سيرة حياته الحافلة بالأمجاد والإنجارات ، فالحق يقال إنه وضع مع أخيه الراحل عاصي الرحباني لبنان على جبين التاريخ فأصبحت أغنياتهما ومسرحياتهما مدرسة في الإبداع.
ولد منصور الرحباني عام 1925 في بلدة أنطلياس بلبنان، ووالده هو حنا الياس الرحباني ، ومنصور هو واحد من إثنين شكلا في تاريخ الموسيقى العربية ما عرف بالأخوين الرحباني مع أخيه عاصي ، عاشا معاً طفولة بائسة قبل أن يشتهرا في عالم الفن، حيث قال منصور حول ذلك "تشردنا في منازل البؤس كثيراً. سكنا بيوتا ليست ببيوت ، هكذا كانت طفولتنا".
حظي الأخوان عاصي ومنصور الرحباني بشهرة كبيرة على امتداد الوطن العربي، ولدى المغتربين اللبنانيين بأعمالهما الموسيقية الراقية التي لامست كل مفردات الحياة اليومية للإنسان العربي، ودغدغت كلماتهما وألحانهما مشاعر الحب والوطنية واستعادت الأمجاد من تاريخ لبنان، ثم إنضمت إليهما المطربة فيروز ، زوجة عاصي الرحباني، بصوتها الساحر الرقيق وحضورها الأخاذ أمام الجمهور، فمثّلت الإضافة النوعية إلى مشوارهما الفني.
قدم الأخوان الرحباني الكثير من المسرحيات الغنائية من وحي القصص الشعبية والتراثية ضمن عروض مسرحية حققت نجاحاً وشهرة كبيرة لهذا الثنائي الرائع ، وكانت فيروز هي البطلة المطلقة في جميع مسرحياتهما ، ولا يزال بعض هذه المسرحيات يعرض على شاشات القنوات العربية، بما حوته من أصالة في الألحان والأداء الغنائي ولوحات راقصة بأزياء تراثية.
له أربعة مؤلفات شعرية: القصور المائية ،أسافر وحدي ملكاً، أنا الغريب الآخر، بحّار الشتي (شعر لبناني).
وفي السينما قدم مع عاصي ''بياع الخواتم ''، ''سفر برلك ''، "بنت الحارس'' ومئات الحلقات التلفزيونية والإذاعية من برامج ومسلسلات ومنوعات وتمثيليات واسكتشات، وآلاف الأغاني المنوعة في لبنان والدول العربية بأصوات عشرات المطربين والمطربات.
وبعد وفاة عاصي في العام 1986 ظهر اسم منصور الرحباني منفرداً لأول مرة في مسرحية صيف 840 ، وإستمر في الإنتاج بمسرحية أخرى وهي "الوصية" ، وقدم كذلك مسرحيات "ملوك الطوائف" ، و"أبو الطيب المتنبي"، "حكم الرعيان"، "آخر أيام سقراط "، "جبران والنبي" (المأخوذه عن نص جبران خليل جبران) و زنوبيا، وشاركه إبنه أسامة مسرحيات "آخر يوم" و"قام في اليوم الثالث" و"طائر الفينيق" ، عرضت مسرحياته في لبنان، وبأهم المهرجانات الدولية، وفي بعض البلدان العربية منها الإمارات وقطر وغيرهما .
شارك في بطولة مسرحيات منصور الرحباني تمثيلاً وغناء هدى حداد ، غسان صليبا ، كارول سماحة، أنطوان كرباج، رفيق علي أحمد، غسان الرحباني، عاطف العلم، أسعد حداد، سيمون عبيد، نادر خوري، بول سليمان، أماني السويسي، ورد الخال، لطيفة التونسية، يوسف الخال، هبة طوجي ، جيلبير جلخ وزياد سعيد وغيرهم .
نال منصور الرحباني جائزة كمال المر عن إبداعاته ، كما وروى سيرة حياته الدكتور فاروق الجمّال في كتاب بعنوان "منصور الرحباني...الموسيقار المتمرّد" والذي يقع الكتاب في 425 صفحة، وفيه صور تنشر لأول مرة.
توفي منصور الرحباني في مثل هذا اليوم من العام 2009 ، وكان قد أوصى بأن يوضع جثمانه في تابوت مصنوع من خشب المسرح .
يقول المثل "من خلف ما مات"، وهو ينطبق على أبناء منصور ، فكانوا خير خلف لخير سلف ، ونحن متأكدون من أنهم على العهد باقون، وسيحملون المشعل الرحباني ويتابعون مسيرة الأخوين التي تخطت شهرتهما كل حدود وآفاق.