مثلت مع فريد الأطرش وفيروز ولن أفرط بتاريخي أبداً.
قال لي كمال الشيخ "وحدك ستمثلين دور الشاذة بشياكة" فنجحت.
هكذا صار اسمي إيمان وقدمت أجمل ستة افلام مع عادل امام.
في "عيون القلب" لامست وجع الأرملة المجروحة وفي "الخطيئة" مثلت باللبنانية.
تنتمي الممثلة اللبنانية ليز سركسيان او إيمان (كما تُعرف في هوليوود الشرق بمصر) الى جيل الأصالة الموهوب الذي يعبق بالفن الراقي ويعشقه ويتعامل معه على أنه رسالة سامية وليس مجرد بروز وشهرة ونجومية، بدليل أنها ما زالت نجمة حتى اليوم ، وقد حقق مسلسلها الأخير "عيون القلب" نسبة نجاح كبيرة رغم انه عرض خارج الماراتون الرمضاني، لسبب أنها تقمصت الدور الذي يليق بها شكلاً ومضموناً وقدمته بتلقائيتها المعهودة بعيداً عن عقدة النجم الأوحد.. معها في القاهرة كان هذا اللقاء.
عهدناك تعملين بالفن بالنوعية على حساب الكمية حتى لو طالت غيبتك؟
صحيح، وقد تعمدت هذا الأمر منذ بداية دخولي الفن وتحديداً عندما ركزت نشاطي في مصر، لأبرهن أني ممثلة مجتهدة، لا أحب الفن فقط بل أذوب عشقاً به، ولا أركز على شكلي، بدليل أني نوعت في أدواري حيث قدمت الرومانسية والكوميديا والجاسوسية والاجتماعية.
أيضاً لا تمانعين من الظهور كضيفة شرف؟
إطلاقاً خصوصاً اذا كانت الاطلالة محورية، كظهوري بفيلم "أولاد العم" الذي كنت فيه ضيفة امام النجمة منى زكي والنجم شريف منير الذي لعبت دور والدته الاسرائيلية، هذا المشهد صورته برؤيتين الاولى كما طلبها المخرج شريف عرفة الذي اوجه له تحية كبيرة حيث اتكلم مع منى زكي بلؤم وانظر اليها وانا عابسة اذ لعبت دور زوجة ابني المصرية التي أكرهها وارفضها، ثم أعدت تصوير نفس اللقطة لكن من وجهة نظري اذ عندما أكلمها أتعامل معها بفوقية ولا أنظر اليها البتة .
وبالفعل في اليوم الثاني كلمني المخرج وأقتنع بوجة نظري وقال لي إنه سيضع المشهد الذي بنيته برؤيتي ضمن أحداث الفيلم لسبب أن من يحتقر الآخر لا ينظر اليه حين يكلمه، وبالفعل رغم ظهوري كضيفة الا أن المشهد علق بذهن الجمهور، حتى منى زكي حبيبة قلبي كلمتني وقالت لي وهي تضحك "بقى انا اشتغل طول الوقت بالفيلم وحضرتك تطلي وتاخدي مني كل الاطراءات؟" (تضحك ليز وتقول) منى نجمة جميلة وممثلة رائعة للغاية والمستقبل كله أمامها.
آخر أعمالك الفنية بالدراما كان "عيون القلب" والناس عشقوا دورك فيه هل ترددت بقبوله؟
جسدت دور والدة ماجد المصري وقبلت هذا الدور لأننا لم نعد في عهد امينة رزق الفنانة القديرة رحمها الله، فأمهات اليوم اختلفن على الشاشة كونهن يحافظن على جمالهن ورشاقتهن، وقد أحببت الشخصية جداً كوني أجسد دور زوجة يتوفى زوجها ويعود ابنها الوحيد من أميركا ليتسلم عمل والده ومع الوقت تتعرف إلى شاب أصغر من ابنها وتتزوج منه بغية استعادة سنوات شبابها الذي ولى، خصوصاً أن ابنها تزوج وانهمك بحياته وانشغل عنها لذا كان لزواجها مبرر وهو الفراغ القاتل الذي تعانيه المرأة التي تترمل وتعيش وحيدة وتعاني من عقدة وتكون اختياراتها خاطئة ويلومها الجميع .
بالنسبة لي أحببت الشخصية وتعاطفت معها كون لديها كل المبررات لتقدم على خطوة الزواج غير المتكافئ، فصار العريس يبتزها ليعالج زوجته المريضة، (وتعلق) كان الدور مركباً من حيث الحب الكره والانتقام والعلاقة التي تتغير مع ابنها لاسيما بمشهد زفافها من العريس الشاب حيث الدموع كانت تترقرق بعينيها لحزنها على فراق ابنها، هذا العمل عُرض خارج السباق الدرامي الرمضاني وحقق نجاحاً كبيراً وأعيد عرضه للمرة الثانية على التوالي وكثر التقيت بهم وأثنوا على دوري بالعمل وتعاطفوا مع الشخصية لاسيما ممن يعشن ظروفها وما أكثرهن في مجتمعنا العربي.
وفي مسلسل "الخطيئة" مثلت باللهجة اللبنانية؟
(تضحك كثيراً وتقول) إلتقيت بأشخاص كثر عقب عرض المسلسل وقالوا لي اني اتكلم اللبنانية بطلاقة لأنهم لم يكونوا على دراية بأني لبنانية الاصل، و"الخطيئة" تتمحور أحداثه حول العلاقات الانسانية وما يتخللها من مشاكل وصعوبات وآمال وانكسار وهو من اخراج احمد سمير فرج، أريد أن أنوه بأنه عندما أتيت الى مصر كنت باقية على إسمي ليز، لكن المنتج الكبير رمسيس نجيب قال لي إن اسمي "خواجاتي" قد يُشكل حاجزاً بيني والناس فكان الاختيار على اسم إيمان، واليوم أحب الاسمين فكلاهما يعنيان لي الكثير.
كنت أول فنانة لبنانية في مصر تكسر التابو وتحديدا بدور الجاسوسة الشاذة بفيلم "الصعود إلى الهاوية" والسادية في مسلسل "الثعلب"؟
فعلا، كنت أول ممثلة تكسر التابو، ففي فيلم "الصعود الى الهاوية" كنت مقتنعة بالقصة المأخوذة من ملف المخابرات المصرية العامة وبالمخرج وايضاً بالشخصية وكل العناصر الفنية التي حولي كانت مكتملة، هنا وثقت من أني سأكون بحمايتهم، فالمخرج كمال الشيخ لا يظهر نجومه بشكل مبتذل، وفي الدراما قدمت شخصية السادية في "الثعلب" أمام نور الشريف وعبدالله غيث الذي عرض برمضان ولم يحذف منه ولا مشهد ، وافقت على تلك الادوار لأقول للمشاهد إني لست سيدة جميلة فقط بل أنا فنانة موهوبة.
(تتذكر وتعلّق) أذكر أن المخرج كمال الشيخ عندما أحضر لي سيناريو "الصعود الى الهاوية" قال لي إنه دور جاسوسة وطلب مني قراءة الشخصية بتمعن وذهب، وعندما قرأت اتصلت به وقلت له إن الشخصية فيها شذوذ فقال لي "عارف وكنت عايزك تكتشفي ده بنفسك" وهنا خجلت، وسألته بصراحة لماذا وقع اختياره علي أنا بالتحديد خصوصاً اني كنت حينها ببدايتي الفنية وشكلي ليس مسترجلاً، فقال لي"انا عايز الناس تتفاجئ وانت تملكين كل عناصر المفاجأة ثم انك ستقدمين الدور بشياكة والناس لن تشمئز بل ستتساءل لماذا هي شاذة رغم جمالها وانوثتها؟" وفعلا اقتنعت وقمت بالدور ونجح العمل.
لكن اليوم يوجد ابتذال في تناول الموضوعات الحساسة؟
فعلا أغلبها يُطرح بشكل فج ومبتذل بل مقرف، والمشكلة بالتصوير وتناول الحكاية، صدقيني يمكن بالفن تقديم علاقة جنسية بين اثنين بمنتهى الرقي، لكن للاسف الموضوع اختلف والمتفرج سيقرف، لكن عندما نأخذ الزوم على تعابير والوجه والايحاء ستكون العملية راقية.
مثلت مع عادل إمام ستة افلام اليوم نفتقدك بأعماله الدرامية لماذا؟
عادل صديقي وربما ليس لي دور مناسب بأعماله، وكلما ألتقيه يقول لي لقد مثلنا معا يا ايمان أجمل ستة أفلام بحياتي الفنية وطبعاً كلامه يسعدني جداً.
أيضاً الممثل الكبير جميل راتب يحبك جداً؟
أستاذ جميل نجم عالمي من الطراز الرفيع، ودائما كنا نمثل معاً أدوار الشر، وفي الاستراحة من التصوير كنا نتحدث سوياً بالفرنسية كونه عاش بفرنسا سنوات ولا يجيد التحدث بالعربية بطلاقة كما الفرنسية، وهنا كان العاملون ينادوننا بالخواجات وكنت أضحك من كل قلبي بينما جميل راتب يستغرب الأمر وردة فعلهم، أطال الله بعمره فهو فنان حقيقي ومن أسرة ارستقراطية وقدم أجمل الاعمال الفرنسية والاميركية والعربية على السواء.
أعلم أنك ضد السير الذاتية لكنك شاركت مؤخراً بمسلسل "أهل الهوى" عن حياة الشاعر بيرم التونسي؟
صحيح، ولي وجهة نظر حول هذا الموضوع أولاً الشاعر بيرم التونسي لا غبار عليه على الاطلاق والعمل برمته يتناول حب الشعب المصري لوطنه إبان العشرينات من القرن الماضي، كما ظهرت بالمسلسل شخصيات لعمالقة عدة مثل سيد درويش ونجيب الريحاني وبديع خيري، يعني المسلسل من أعمال السيرة الذاتية التي لا تركز على بيرم فقط إنما يستعرض جميع فئات وطوائف المجتمع المصري، أما لماذا أرفض السير الذاتية فلسبب مهم جداً هو أنها أصبحت تجارية
تباع فيها الشخصيات العامة وتشترى من هنا ابتعدت تماماً عن الهدف في تقديمها وأقصد تعريف الجمهور بالشخصية العامة التي يتحدث عنها المسلسل، وإبراز جوانب النجاح فيها لتكون رمزاً وقدوة للأجيال، لكن بالمقابل تشدني السير الشخصية الخاصة بالرواد والمناضلين والمثقفات.
مي زيادة مثلاً؟
مي كانت جميلة ومثقفة، وللاسف ما زال البعض يعتبر الجميلة امرأة غير مثقفة، وعندما تبدأ بفرض شخصيتها يبدأ الرفض لها من طرف الرجال تحديداً، وقد مررت بتلك المرحلة اذ ليس من المعقول ان اتكلم طوال الوقت على الجمال والموضة.
أنت بعيدة عن البروز لأنك ترفضين مجاراة الزمن؟
أنا لم اتغير أعتبر نفسي انتمي لجيل المثقفين الكبار، بدايتي كانت مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والموسيقار فريد الاطرش بفيلم "الحب الكبير" ومع المطربة الكبيرة فيروز بفيلم "بنت الحارس"، كنت صغيرة وتأثرت بهؤلاء العمالقة جداً وصرت لا أجالس الا الكبار والمثقفين والنجوم وكانت تربطني صداقة جميلة جداً بالراحلتين فايزة احمد وصباح، لا شك بأن سنوات عمري سرقت لكنها عادت علي بفائدة وأنا سعيدة وفخورة بمشواري الفني ومن أني شرفت وطني وعائلتي.
ألم تشتاقي للدراما اللبنانية؟
الدراما اللبنانية صارت رائعة جدا لكن يلزمها بعض التكنيك فقط، وبصراحة مشتاقة للمشاركة بالفن اللبناني لكن للأسف لم يعرض عليّ دور مهم، لا تهمني المساحة أريد مضموناً قوياً وشخصية تستفزني، وآخر أعمالي كان "الليل الأخير" مع الفنان عبد المجيد مجذوب قبل سنوات وتحديداً في عز الحرب اللبنانية وهو من اخراج يوسف شرف الدين، أزعل أحيانا عندما أشاهد أعمالاً لبنانية اذ أدرك أنه بخبرتي بالإمكان كان أن أضيف للعمل لو كنت من ضمن فريقه، لكن بالنهاية كل شي قسمة ونصيب، وبالمناسبة سيرين عبد النور فنانة مجتهدة جداً.
تزورين أميركا دائماً؟
أذهب لزيارة ابني وعندما أكون غير مرتبطة بتصوير أغتنم الفرصة وأزور لبنان الحبيب ولو لأيام قليلة.