أصبحت الصحافة المكتوبة اليوم على شفير الهاوية، وأصبحت اليوم أحد أعلام السلطة الرابعة محطة لا يُفتخرُ بها، وأصبحت واقعاً أليماً يعيشه كل من عاش أيام الصحافة المكتوبة وأحب كُتابها الذين يجلسون خلف الكواليس من أسمائهم.
بعد أن كانت جريدة "السفير" قد توقفت لفترة زمنية وصلت إلى حدود الشهر، بسبب سوء الأحوال المادية، وعدم توفر المردود المادي الكافي، وصرف 150 موظفاً من المؤسسة من دون سابق إنذار، خطت جريدة المستقبل أمس خطوة على نهج من سبقتها، لتطرد 50 موظفاً، إضافة إلى تداول بعض الأحاديث حول صرف غيرهم خلال شهرين، فأصبح الجميع يسأل نفسه، هل سأكون أنا التالي.
إضافة إلى هذا الأمر، فإن العديد من الأشخاص الذين تم صرفهم اليوم لديهم عائلة، ناهيك عن شغفهم الكبير بالصحافة، لدرجة أن بعضاً منهم أغمي عليه من وقع الخبر.
هل سألت إدارة كل من الجريدتين في حينها، مع الإلتفات إلى أن جريدة السفير عدلت عن قرارها بعد شهر عن حال موظفيهما، هل سأل القيمون على هاتين الجريدتين عن تأثيرهما في الساحة الإعلامية، أم أنهما محطة عابرة في تاريخ الصحافة المكتوبة؟.
ومن هنا لم تعد القضية مجرد شخص تم طرده، فكل عامل هو جزء من جسد الصحافة بخاصة المكتوبة، واليوم يجب أن نسأل، هل إنتهى عهد تلك الصحافة ؟، أم أن الدعم المادي أصبح هو الأساس ؟
لكن كمجرد رأي "الحفر على الصخور لم يكن يحتاج سوى إلى العزم، وورق البردى لم يكن يحتاج سوى إلى الرقة والذكاء، وما تبعهما لم يكن يحتاج سوى إلى الحكمة والمنطق، وفي كل هذا التاريخ لم يكن الإنسحاب أو الإلغاء هو الأساس".