لم تكن ليلة الأحد عادية بالنسبة إلى البترون، كانت ليلة حلم صيفي رائع، امتزج فيها سحر المدينة وبحر مينائها وروعة أحجارها الاثرية، مع صوت كبير لن يتكرر، مع عملاق فني أبى إلاّ أن يكون من أهم عمالقة الفن في هذا الشرق، هو غسان صليبا.
هدف الحفل الذي شارك فيه ليس فقط أهل البترون، بل كل لبنان، حيث توافد الشبان والشابات من كل المناطق، بحسب ما وصفه الحاضرون من أبناء البترون "بالمهم والسامي، لأنه يتعلق في المساهمة بتسديد ثمن قطعة أرض لكنيسة القديسة ريتا".
أطل الفنان غسان صليبا من على مسرح مهرجانات البترون الدولية بحفل اكثر من رائع نظمته رعية مار إسطفان البترون، وقدمته الإعلامية يارا حرب، وحضره جمهور كبير تخطى الالفي شخص، من ضمنهم شخصيات سياسية وديبلوماسية.
وسحر الفنان صليبا الجميع بحضوره الآسر، وآدائه الخاص، وصوته الذي اجتاح كل قلب وكل احساس ليتغلغل في عمق الكيان، وأطرب الحاضرين بباقة خلابة من اروع اغنياته التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب، فكانت البداية مع "حيوا الزوار"، ثم ازدادت دقات القلوب مع "غريبين وليل" وتتالت الاغنيات القيمة والرائعة منها "واشرقت الشمس"، "ع الساحة قومي نزلي"، "بعيد الشر"، "يا حلوي شعرك داري"، "زينوا الساحة" و"سيجنا لبنان"، فلم يبق احد من الحاضرين جالسا على كرسيه، بل كانوا جميعا يهتفون بكلمات اغنياته معا بصوت واحد وقلب واحد، فغنوا ورقصوا وعقدوا حلقات الدبكة وامضوا اوقاتاً لا تنسى.
وحيا صليبا روح العملاق الكبير وديع الصافي وغنى له "رح حلفك بالغصن يا عصفور"، وروح الشحرورة صباح بأغنية "تعلا وتتعمر يا دار". ولم يخلُ الحفل من المفاجآت المميزة اذ دعا صليبا نجله الفنان وسام صليبا الذي كان من بين الحاضرين ليشاركه غناء "وطني بيعرفني" على المسرح فكانت لحظات مميزة بين الاب وابنه. اما الختام فكان مع اغنيتين رائعتين اضحتا بمثابة نشيد وطني هما "لمعت ابواق الثورة" و"يا اهل الارض".
وكان تخلل الحفل كلمة ترحيب وشكر لكاهن رعية مار اسطفان البترون الخوري بيار صعب، قال فيها: "لقد جمعتنا هذه الليلة شفيعتنا القديسة ريتا، لنساهم بتسديد ثمن قطعة الارض التي بشرائها نستطيع ان نحافظ على حرمة الكنيسة، وتفسح المجال امامنا للاحتفالات واللقاءات".
وشكر "كل من ساهم ولو بفلس ارملة"، داعياً إلى ان يعوض الرب عليهم بالخير والفرح، وان تشفع بهم القديسة ريتا، وتحقق لنا ولهم امنية السلام والازدهار لوطننا لبنان، و"تنير عقول مسؤولينا لكي ينتخبوا رئيسا للجمهورية فتستقيم امور الدولة ونغني كلنا مع غسان صليبا: "اذا راح الملك بيجي ملك غيرو، ولكن اذا راح الوطن ما في وطن غيرو".