من السوق الأثري القديم تمرّ لتصل إلى المدرّجات الرومانية في زوق مكايل، مكان يلفّه سحر خاص، وكأنك عندما تصل إليه تكون قد إنتقلت في الزمان وليس فقط في المكان.
هذا الزمان أيضاً إنتقلنا اليه مع عازف الكمان المبدع جهاد عقل، في حفل موسيقي باهر بإختتام مهرجانات زوق مكايل الدولية للعام 2016 مساء أمس الخميس، تُرافقه الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية بقيادة المايسترو أندريه الحاج، وبحضور وزير الثقافة روني عريجي والسيدة منى الهراوي والسفير البريطاني، وحشد كبير من الجمهور الذي ملأ المدرجات.
إفتتاح الحفل كان عبر مقطوعة "ويبقى الوطن" للمايسترو أندريه الحاج، لينطلق بعد ذلك "جنون" عقل عازفاً على أوتار قلوبنا بين آهات الكمان.. بين مقطوعة وأخرى كان عقل يتنقل بخفة وإبداع يأخذنا الى عالم ساحر يُنسينا هموم أيامنا، ومشاهد الخراب التي تلف شرقنا.
بين أنغام أغاني السيدة فيروز وأم كلثوم وغيرهما، أشعل كمان عقل حماس الحاضرين، الذين راحوا يغنون ويرقصون ويصفقون بحرارة للحظات مبهرة، عاشوها مع عقل وكمانه.
هذا الإبهار الموسيقي الذي جسده عقل في حفل أمس، ترافق مع أوركسترا قادها أندريه الحاج بإحترافٍ عالٍ، فبدا واضحاً التناغم بين كمان عقل والأوركسترا والإنتقال السلس بين مقطوعة وأخرى.. فبتنا أمام رياح موسيقية آتية من الشرق والغرب، لفّت الحاضرين في المدرج الروماني في زوق مكايل.
إنه سحر المكان وسحر الكمان، مزيج جسده عقل من بداية الحفل الى آخره.. تنظر اليه من مكان جلوسك على المدرّج تراه يتنقّل على المسرح كالعاشق، وتحاول إكتشاف سر العلاقة بينه وبين كمانه.. لكن جمال عزفه يكفي، أطفأ لهيب ليلة صيفية حارّة.
لا كلام يوصف إبداع عقل ليل أمس، الإبداع يرفع له القبعة .. إنها فعلاً ليلة من العمر.