هي أمسية "التحية" لعاشق بيروت.. لزواريبها وأحيائها وأطفالها، بيروت الروح التي قاومت وما زالت تقاوم اليأس والحزن، لتبقى مدينة الفرح والأمل. الفنان أحمد قعبور الذي غنى الوطن والحب، وغنى بيروت التي ستبقى "قصة في صندوق فرجة كبير".
بين هذه المدينة وأحمد قعبور حكايات كثيرة وأحلام وخيبات، وسيظل يغني للناس ويناديهم ويشدّ على أياديهم لتحيا مدينتهم.
في الساعة الثامنة من مساء أمس الأربعاء، كان لبيروت وللناس موعد مع من يناديهم دائماً، هي أمسية "التحية" لأحمد قعبور، التي قدّمتها الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية، بقيادة المايسترو أندريه الحاج بمشاركة كورال خالد بن الوليد، وبرعاية وزير الثقافة ريمون عريجي، على مسرح قصر الأونيسكو في بيروت.
تضمّنت الأمسية تقديم الأوركسترا والكورال أهم أعمال قعبور موسيقياً، كمقطوعتي "الليل المفتوح، وتفاريح"، واستدعى إعداد برنامج الأمسية الكثير من العمل على التوزيع الموسيقي، الذي وقّعه هاني ومازن سبليني، بالاضافة الى وليد بو سرحال، كما وزّع أندريه الحاج إحدى القطع.
من الاغنية الوطنية الملتزمة الى محاولة إحياء التراث الشعبي البيروتي، مسيرة قعبور غنية بالأعمال التي قدّمتها الأوركسترا، وهي "بيروت يا بيروت، أناديكم، صبح الصباح، من طلب العلا، أهل الكلام، تنين تنين، خليّنا مع بعض، يا رايح صوب بلادي"، إضافة الى أغنية للفنان الراحل عمر الزعني. وتركّزت الأمسية على الأداء الغنائي للكورال الذي أسسه العازف طارق قاطرجي.
وقبل ختام الأمسية صعد قعبور على المسرح ليستلم درع الكونسرفتوار من وزير الثقافة، ورئيس الكونسرفتوار د. وليد مسلم.
وبدروه قدّم قعبور "التحية" لبيروت وللناس، فغنى مع الأوركسترا والكورال "أناديكم" و"بيروت يا بيروت"، وسط تصفيق حار من الجمهور، ليقول: "تمسكوا بهذه المدينة لأنها عصية على الموت".
موقع "الفن" كان حاضراً في هذه الأمسية، وإلتقينا بالفنان أحمد قعبور والمايسترو أندريه الحاج، في الحوارين الآتيين .
الفنان أحمد قعبور
أهلاً وسهلاً بك عبر موقع "الفن".
شكراً وأهلاً وسهلاً بكم.
ماذا يعني لك هذا الحفل وأن تعزف لك الأوركسترا الوطنية؟
إنها لحظة جميلة بالنسبة لي، خصوصاً أنني كنت أشعر أنه في بعض الأغاني هناك نقص في البعد الموسيقي لها، فأن تعزفها الأوركسترا الوطنية فهذا يوصلني الى الأفق الموسيقي الذي أحتاجه، هذا من الناحية التقنية والفنية، والناحية الثانية أن هذه المدينة (بيروت) ما زالت تغني، وفيها مساحة للتلاقي والحب والأمل، في زمن عزّ فيه الأمل.
كيف تنظر الى نشاطات الكونسرفتوار في الأونة الأخيرة، وما أهمية دوره على الصعيد الوطني؟
ما يقوم به الكونسرفتوار ممتاز، وهو مؤسسة رائدة بالمؤسسات الوطنية في إعلاء شأن الذوق الفني، وتسليط الضوء على فنانين كبار قد يكون الإعلام ظلمهم أو ظروفهم ظلمتهم، ولكن الكونسرفتوار في إدراته وفرقته يقوم بجهد كبير في إيصال رسالة وفاء للناس الذين قدّموا أعمالاً مهمة، لكن خوفي من أن يبقى من الأوطان أغانيها فقط.
ماذا عن أغنيتك الجديدة "بيروت زهرة"؟، وهل هي صرخة بيروت أم حسرة تطلقها على المشهدية المأساوية التي تعيشها معظم العواصم العربية؟
الأغنية من كلماتي وألحاني وغنائي.. هي تحية لمن صنعوا ذاكرتنا الفنية، ومزيح من الفرح والحزن والحسرة والأمل، والتمسك بمدينة عصية على الموت.
ما سر حبك الكبير لبيروت؟
لأنها مدينة قاومت وحضنت الجميع، قاومت اليأس والإحتلال والإستبداد، وأنا مدمن على هذه المدينة وتعني لي الكثير، خصوصاً في ظل الحرائق المشتعلة من حولنا وفي العالم العربي، نرى الناس يأتون للإستماع الى أغاني الفرح والحب والوطن، وفي أسوأ الظروف والأوقات وحتى في ظل حصار المدن والبلدات يظل الأطفال يغنون، ومثلما قال جبران خليل جبران "الغناء سر الوجود" ومثلما قال بيرم "المغنى حياة الروح"، وهي أمسية لمواساة الناس الذين يتحملون المآسي والظروف الصعبة والنفايات والمجهول السياسي، لنعيش لحظات جميلة ونتذكّر إنسانيتنا.
هل هناك أمل في عودة الحياة والفرح إلى البلد؟
أعتقد أنه للأسف قد يكون هناك أسوأ من مشهد النفايات على الطرقات، فبيروت وكل المشرق في حالة مخاض، ونحن غنيّنا أحلامنا وأحزاننا، وعندما تسقط الأحلام إما ننكفئ أو نحاول إثبات إنسانيتنا على الأقل، وليس لدي إحساس واحد مطلق، هو مزيج بين اليأس والحزن والفرح، الذي يطلّ أحياناً، وحلم مكسور يرفض أن يموت.
كلمة أخيرة للناس ولبيروت..
ليس هناك كلام أخيرة، يجب أن تكون الكلمة هي الكلمة الأولى، لأن الكلمة الاخيرة لم ننضج بعد لنقولها، والذي لا يعرف الحب لا يعرف أن يغني، وأنا خسرت كل شيء ولم يبقى لدي غير هذا القلب الذي يخفق.
المايسترو أندريه الحاج
ما أهمية هذا الحفل؟
كل حفل أقدّم فيه التحية لفنانين كبار ، إبتداءً من الأستاذ وديع الصافي، الياس الرحباني، إحسان المنذر، إيلي شويري، نصري شمس الدين وغيرهم، بالنسبة لنا جميعهم لديهم نفس القيمة الفنية الكبيرة، وهي فكرة بدأت منذ العام 2011، ولا يوم سمحت لنفسي بأن أقول إن ما نقوم به هو تكريم، هو فقط تحية وشكر لهؤلاء الفنانين، وهم كرّموا أنفسهم وأنا لن أزيد عليهم شيئاً، ونحن في النهاية نمثّل وزارة الثقافة والدولة اللبنانية.
لكن هناك جهداً شخصياً تقوم به أنت في هذه الناحية.
أنا أكمل ما بدأه وليد غلمية، ويجب أن نعطي هذا الشخص حقه في كل أمسية نقدّمها، فهو الذي أسّس الأوركسترا الوطنية، والحماس الذي لدي يعود أيضاً الى أنني أحب العمل رغم الإمكانيات التي تتفاوت بين الجيد والقليل، وعلى أمل أن يأتي أحد من بعدي يضيف أكثر.
ما هي الأفكار الجديدة التي تعمل عليها؟
أهم شيء بالنسبة لي أن لا تبقى هذه الأوركسترا فقط في لبنان، علينا أن ننتشر أكثر ، وهذا ما أقوله دائماً لوزير الثقافة، فنحن نمثّل لبنان وخصوصاً في أوروبا، ونحن قدّمنا حفلاً في قطر ولكن هذا لا يكفي، والآن أصبحنا في آخر أمسيات "التحية"، ومنذ يومين كنت في مصر وهناك تفاوض مع موسيقي مصري كبير ليكون معنا في مثل هذه الأمسيات.
لمشاهدة كامل ألبوم الصور إضغط هنا