حلّ المخرج، الكاتب والممثل جيرار أفيدسيان والممثلة ندى أبو فرحات ضيفين على برنامج "دراما" عبر أثير إذاعة لبنان مع الإعلامية رلى أبو زيد.
تنقّل الحديث بخفة دم، وعمق نظرة، ومعلومات شيّقة بين "عودة الست لميا" و"أسرار الست بديعة"، بين بيروت الأمس واليوم، وبين المسرح بأسراره وتقنياته.
غرفت رلى من خبرة افيديسيان الذي اعتبر ان سر نجاح المسرح هو في كيفية توزيع الدور حيث يبدأ مع الشخصية، ومن ثم كتابة النص تليها نوعية التمثيل والإخراج وحتى ايقاع العمل، إذ يجب أن يتفاعل الجمهور مع الشخصية فإمّا أن يحبّها جداً أو أن يكرهها جداً.
أما عن "أسرار الست بديعة" فقال ان ميترو المدينة هو الأنسب لعرض هذه المسرحية نظراً للمسافة القريبة من الجمهور، وصرّح بأنّ "الست بديعة" هي مزيج من نساء تعرّف عليهنّ وقد استلزمه ثلاث سنوات لانتهاء كتابة النص، معتبراً أن هذا الدور الجريء يلزمه ممثلة تتمتع بجاذبية مهمة، وتقنية كبيرة لأن الدور متعب وفيه ايقاع سريع جداً ينتقل بين الشابة اللعوب والسيدة العجوز في ثوانٍ معدودة، وهذا ما أتقنته ندى أبو فرحات.
أمّا عن ارتباط "الست بديعة" بالراقصة "بديعة مصابني" فقال أفيديسيان انه مجرّد تشابه اسماء وليس لمصابني اي علاقة بالقصة والدور، وعن ارتباط شخصيته الأخيرة بالعاصمة بيروت فقال أنّ بيروت هي مدينة الحرية الشخصية والفكرية، حرية الكتابة، مدينة الإغراء والجمال، وكذلك بديعة التي لا تخاف الموت، ولكن تخاف من مخاض الإضمحلال، مما يحوّل لبنان بأسره الى "وهم جماعي" يبحث فيه الناس عن صورة معيّنة هي اقرب الى الوهم وليس الى الحقيقة، حيث اصبحت بيروت مدينة أشباح تخلو من الحياة، يتألم شعبها ويرفض الرضوخ وحتى الإفصاح عن ألمه، ربما لأنّه قد اعتاد على هذا الألم، وهو ليس بالأمر الصحي.
الممثلة ندى أبو فرحات الرقيقة بمشاعرها، المرهفة بحأسيسها، تعرت من جمالها، وتخلت عن زينتها، امتلكت المسرح بطوله وأسرت الجمهور بأدائها المنفرد، وبتحولها السريعبين شخصية بديعة المغناجة، معبودة الرجال وبديعة العجوز الهرمة التي تتخبط بين عز الماضي والذكريات والمشاعر الملتهبة.
قالت ندى أبو فرحات انها كانت حاضرة نفسياً وجسدياً لهذا العمل المتعب، لأنها ابنة المسرح، فهي تحافظ على صحتها وعلى وزنها، وبعد جلسات طويلة تستمع وتنهل من ذكريات وخبرة المخرج جيرار أفيديسيان.
أمّا عن المستقبل فقالت انها لا تخاف الإبتعاد عن الأضواء بل تخاف من المرض، وأردفت قائلة انها وضعت نصب عينيها جدتها وخالها المريض عندما قامت بتركيب دور "الست بديعة"، وكل من تقدّم في العمر ولا يوجد من يمد له يد العون.
وردا على سؤال حول بعض الكلام المبتذل في المسرحية، دافعت معتبرة أنبين الإبتذال والتعبير الصريح والعفوي بخفة دم، لعبة ذكية يجب المحافظة عليها، ومن لم يتلقف ذلك في مشاهدته الأولى للمسرحية عليه أن يعيد الكرّة، وتعترف بأن لولا المزاح خلال العروض، لما كانت استطاعت اكمال مشاهدها الصعبة والمركبة.
في ما خصّ التعاون مع افيديسيان صرّحت ان كثيرين طلبوا منها التواجد معهم على خشبة المسرح او في اعمال تلفزيونية وسينمائيّة، ولكنها قبل اعطاء موافقتها تطلع على قيمة الشخص الأدبيّة وعلى نصه، لذلك وافقت من دون تردّد على "اسرار الست بديعة"، بسبب عمق النص ومضمونه الغني.
في نهاية الحلقة، اتفق افيديسيان وابو فرحات على أن المسرحية من دون نهاية، تنتهي من حيث تبدأ، لأن "بديعة" في حالة من المناجاة الدائمة، تريد الهروب من الحياة ولكن ذكرياتها الصاخبة هي الدواء لها والنشاط الذي يعيد لها حياة ويعيدها الى الحياة، ويجعلها متشبثة بها، وهنا الدوامة.
"دراما" اعداد وتقديم رلى أبو زيد، الرابعة من عصر كل اثنين على اذاعة لبنان 98.5 FM.