من يعرف المسرح جيداً، يعلم تماماً أن خشبته لطالما كانت خشبة خلاصٍ لشعوبٍ قابعة تحت ظلم الديكتاتوريات والإقطاعيات. هكذا تربّى المبدعون في مدارس المسارح العالمية من موليير، تشيخاف ، تولستوي ، دافدوفسكي و شيكسبير. أما اليوم، فيبدو أن "حرية" العولمة و العلمنة و العلمية الدينية، أبت إلا أن تحوّل خشبة الخلاص هذه إلى خشب توابيت يدفنون بها أخلاقاً ورثناها وإكتسبناها.
صحيح أن المسيحية هي ديانة سلام وغفران، إلا أن السيد المسيح نفسه، عند دخوله إلى الهيكل ، كسّر بعصاه عجرفة التجّار وجشعهم المضني. وبما أننا نذرنا من أول ميرون الطفولة حياتنا جنوداً له، فعلى خطاه نمشي إلى أبد الآبدين، رغماً عن أتباع "لوسيفر" وجنودهم الحمر. وبما أننا على هذه الأرض اللبنانية، خلقنا سفراء لسماء الناصري، لذا كسفراء حق سنكتب ونقول ونعمل ولن نسكت على أفعال ما تبقى من أتباع لينين الإلحاد بلون الدم وثورة الخداع.
المخرجة لينا خوري، تنتمي طبعاً إلى تيار "الحرية الإلحادية" وحزب "أحمر الوشاح وأسود الضغينة" وما بين الإثنين أمثلة تاريخية لغلق الكنائس وتدمير النفوس. ولعبّاد الإلحاد طقوسهم، مسرحية "لماذا" للكاتب عصام محفوظ، والتي أعادت اخراجها لينا خوري كتحية له، عرضت الشهر الماضي في الجامعة اللبنانية الاميركية، والمسرحية تتدعي النقد السياسي والإجتماعي. إلا أنها إختصرت المواضيع المنتقدة في مشهد الكنيسة بحيث تقوم شابة بطرح أسئلة سخيفة على الكاهن حول "خطيئة تعاطي الحشيش"، ومن بعدها يتحوّل القداس إلى تعاطي طقوس العهر والتفاهة ، مستخدمين ألحان الترانيم وأدوات المباخر.
ولما حصل نعلّق و نقول: اسمعي يا من أتيتِ من حطام جدار برلين، إستفيقي وتذكري أن أفكاركم قد بصقها التاريخ، وداستها حرية ليبيرالية ، أنتم اول من إستفاد منها. احتفظي برأيك لنفسك، فأنتِ حرةٌ بيسارية بارات شارع الحمرا ، أنت حرّة بأوهام وهلوسات عقاقير "ماوتسي تونغ" و "ماركس". أنتِ حرةّ بأفكارك النسائية ، المتنسونة. لكنكِ لست حرة بالمس بحريتنا. فالدين المسيحي ليس مكسر عصا لعبّاد الفودكا ، الدين المسيحي لا تمسه مطرقة ولا يخاف منجل.
ولن نقبل من اليوم وصاعداً بأن يتطاول أحد على معتقدات الناصري الذي هزّ عروش الطغاة. لن نقبل من أيّ كان بأن يستوطي حيطنا، فحيطنا بعلو جلجلةٍ وحدود أكليل الشوك، حيطنا بناهُ حجرٌ مدحرج بثلاثية الأيام وثالوث الحق. أما حيطكم فقد سحقته أرجل الرأسمالية بعد أن كنتم مخمورين من معاقرة خمر الأوهام. إسمعي جيداً وافهمي، ما تقدمينه ليس بفن ولن يجعل منكِ مخرجة بمرتبة الصف الأول، بل سيبقيك في مرتبة صفوف الراسبين أبداً. أين المجلس الكاثوليكي؟ أين ذهب صوت المجلس الوطني للإعلام؟ أين إختفى القضاء؟ أين تقبع وزارة الثقافة ؟ أين الضمير، الحق، الأمن، القانون؟؟؟ أين الحياء و الحياة؟
إسمعي جيداً وإفهمي، أننا من وطنٍ صنّع قديسين، أنتج مبدعين ، وصدّر شهداء إلى مرافئ علياء الحقيقة. اسمعي جيداً، واعرفي أننا متأهبون أبداً لحملاتنا الدفاعية عن معلّم الحق الحق، و أقول لكِ، اعتذري عن هذه الشعوذة المسرحية، وإلا حاسبك الناس، وادعى عليك الضمير ، وحاكمك التاريخ. اسمعي جيداً، فحلف الشيطان، كسرناه بجروحٍ خمسة، وصليب مغروس، حلف الشيطان قد خنقناه بمسبحة وأحرقناه بشموع النذورات....إسمعي جيداً ، فإلحادكِ لكِ، وشمسنا لنا.