"عندما تفشل، فإفشل بصمت" وعندما تنجح، فإنجح بأعلى صوت".
هذه القاعدة الحياتيّة، يطبّقها من يعرف أن في فشله فائدة تعلّمه ومن نجاحه فوائد منها التواضع والمثابرة.
بعيداً عن روائح النفايات العابقة في أنوف صناديق الإقتراع المخدّرة، وجيوب السياسيين الطافحة، وبعيداً عن مقدمات نشرات الأخبار الموبئة موتاً، ومانشيتات الصحف المطبوعة بحبر الألم، نعتاش نحن اللبنانيون على مسكناتٍ من أنواعٍ فنّية، نلتهم مورفين السهرات، نواظب على حبوب فرح الحفلات، ولا نفارق أنبوب مصل المهرجانات، لكي نبقى أحياء في هذا الوطن، نقف بوجه تكشيرة الحياة بإبتسامةٍ زهرية بقوة 10452 على مقياس ريختر.
لفتنا جداً، عند مرورنا بكثيرٍ من القرى والمدن اللبنانيّة، الشحّ الملحوظ لصور السياسيين الأفاضل، الذين سئمت منهم جوارير التاريخ وأرشيفات الماضي والمضارع، وإستبدالها بصور الفنانين المشاركين بمهرجانات الصيف. ولعل أكثر الصور إنتشاراً هي تلك التابعة للفنان "ناجي أسطا"، الذي تربّع هذا الصيف على عرش العرض والطلب، فهو القريب إلى العقل بذاكرته والقلب بمحبّته. "صيدا- بلّونة- بصاليم-المجدل-زحلة...." هي مناطق تابعة لقضاء واحد، محافظة واحدة، جمهورية واحدة، إنها مناطق جمهوريّة ناجي أسطا، محافظة الأغنية الضاربة، قضاء النجاح الدائم.
يستحضرنا هنا وفاء الذاكرة ، الذي لا ينسى لهذا الفنان "وعيه" الفنيّ والإعلامي، عندما لبّى دعوة الجامعة اللبنانيّة الدوليّة في صيدا لدعم حملة التبرّع لمركز سرطان الأطفال، من دون أن يقيم مشاركته بأرقام شبابيك التذاكر، أو حسابات الدعم الإذاعي، أو معمعات الترويج الدعائي، فشارك بإندفاعٍ زحلاوي يشبه البردوني ، من الأرض يخرج ليسقي السماء ، على عكس الذين رفضوا المشاركة، لأنهم يختبرون نظريات "فرويد" عن الأنا الأعلى والإيغو المتضخّم، وربما يعيشون مرحلة "أوديب" بكل مفاصلها. وهم يصنفون أنفسهم منافسين لهذا الفنان، أما هو فلا ينافس إلا نفسهُ، هم ليسوا حتى في الحسبان.
ناجي أسطا، الذي يتحضّر لإطلاق ألبومه في الثامن من أيلول، سيكون ختام صيفه مسك، سيختتم موسم المهرجانات بألبوم، ويفتتح مواسم النجاح بفصولها كلها. ناجي أسطا، صوتٌ ذكي، وذكاء لا يعلو على صوته صوت. هو إبن "كورال نسروتو" أيّ إبن عائلة و إبن أصل، فمن يغنّي لله في البداية، لا يعرف لوجوده نهاية .
ناجي أسطا، صوره في معظم القرى والبلدات، معلّقة على الجدران والعواميد، كما أنها معلّقة على ذاكرة تاريخٍ لا ينسى، لا يتنكّر، لا ينام. هو ليس فناناً من الصف الأول أو الثاني أو العاشر، هو فنان صفوف الجماهير التي تنتظرهُ على أحرّ من الإعجاب، "إيه نعم" هو فنانٌ يليق به المسرح، تتزيّن بوجوده الأعراس، يعشقهُ الميكروفون ، ويتفاخر به هواء الإذاعات.
لقد إحتلّ الكثير من المهرجانات كما إحتلّ ذاكرتنا الفنّية، سعيدون بهكذا إحتلال.... إحتلال ناجي أسطا.