إنها حقاً أمسية فنية موسيقية فريدة من نوعها.
. إبداع، رقي، أجواء ساحرة.. هكذا كانت ليلة أمس الأربعاء عند واجهة بيروت البحرية، على إيقاع نسمات الصيف الجميلة إجتمع محبو الموسيقى الراقية في حفل ضمن فعاليات مهرجان أعياد بيروت 2015.
لأول مرة يجتمعان.. حفل المؤلف الموسيقي اللبناني المبدع ميشال فاضل، والموسيقي العالمي الأرجنتيني Raoul Di Blasio، حمل عنوان The Piano Duel، الذي حضره أكثر من ثلاثة آلاف شخص، من مختلف الأعمار، ليستمتعوا ولو لمدة ساعتين، بأمسية أقل ما يقال عنها أنها تخطت مرحلة الإبداع، لتتداخل الرومانسية بالروح الكلاسيكية والشبابية العصرية.
الحفل تأخر ساعة عن الإنطلاق في موعده المحدد، نظراً للأعداد الكبيرة من الجمهور التي كانت تتوافد، حيث إمتلأت مدرجات المسرح بأكملها، وهو الحفل الذي نفذت جميع بطاقاته قبل أسابيع عديدة ، حسب ما ذكر ميشال فاضل قبل بداية "المعركة" الابداعية الموسيقية بينه وبين Di Blasio، وقد عبّر فاضل عن سعادته الشديدة لأنه إستطاع أن يكسب الرهان في تقديم أمسية موسيقية تجمعه مع Di Blasio في لبنان.
إفتتحت الأمسية بمعزوفة لـ Di Blasio قدماها سوياً وسط تفاعل جماهيري لافت، لينطلق الحفل في جو من البهجة والفرح، تقاسم Di Blasio وفاضل المسرح وتبادلا الأدوار فعزف فاضل موسيقى Di Blasio اللاتينية، وقدّم Di Blasio موسيقى فاضل اللبنانية. وبين "خطرنا على بالك"، "Hasta Que Te Conoci"، "Corazon De Nino"، "Sugar Mountain"، "انت عمري" ، "يا عاشقة الورد"، "نقيلي أحلى زهرة" و بتونس بيك" اندمج الجمهور في مناخ فني عالمي محلي مشترك، نادراً ما يحصل في المهرجانات العربية.
Di Blasio الذي كان يتمايل ويرقص على المسرح، ويقف بين مقطوعة موسيقية وأخرى، ليتحدث ويمزح مع الجمهور ويضفي على أجواء الأمسية اللطيفة روحه المرحة، أظهر مدى حبه وتعلّقه بلبنان، فكان قلبه وروحه يعزفان، أبهر الجمهور بأنامله السحرية وأخذنا الى أبعد مكان حيث علا صوت الموسيقى على كل ما عداها، هو الذي أعلن لكل الحاضرين أنه فخور جداً ليكون بيننا اليوم في لبنان، وخصوصاً مع ميشال فاضل، وقال: "إن كنتم تريدون أن تستمعوا فقط للبيانو فعليكم الرحيل، ولكن إذا أردتم الإستماع الى قلبي وروحي فهنا مطرحكم".
وبمناسبة هذا الحفل المشترك الذي تخطى حدود الجمال والأبداع، والتعاون الفني المهم الذي سيجمعهما في المستقبل القريب، فاجأ فاضل، بتقديمه مقطوعة موسيقية خاصة لـDi Blasio، تكريماً له، ليختتم الحفل الذي شارك فيه ما يزيد عن عشرين عازفاً وعازفة، بمقطوعة ميشال فاضل المعروفة "ليالينا"، والذي عزفها Di Blasio بمشاركة فاضل.
خلطة لبنانينة أرجنتينية، تداخلت فيها الروح الكلاسيكية بالموسيقى الشبابية العصرية، "من الأرجنتين الى لبنان مع الحب" هكذا يمكن أن نصف ما شاهدناه ليلة أمس، Di Blasio، الإحتراف والرقي وميشال فاضل الإبداع الشبابي والروح اللبنانية، التي تثبت يوماً عن يوم أن بإستطاعتها التحلّيق عالياً في سماء الجمال والإبداع الموسيقي، ومن مهرجان الى آخر يثبت اللبنانيون أن ثقافتهم الحياة والفرح، وبرغم كل ما نعيشه وما يحيطنا من حروب وويلات، تبقى فسحة الأمل، طالما أن اللبنانيين مصرون على إبقاء وإحياء مشهد البارحة في وجه مشاهد المآسي والأحزان.. ميشال فاضل إستطاع أن يكسب الرهان وقدّم لنا أمسية لا حدود لإبداعها، فاقت كل توقعاته.
تعريف عن ميشال فاضل
ولد في (10 فبراير 1976) هو ملحن وعازف بيانو لبناني، عمل مدرب الغناء في برنامج ستار أكاديمي لعدة مواسم، وعمل مع عدة فنانين مثل نانسي عجرم وإليسا ونوال الزغبي وجوليا بطرس ونبيل شعيل وشيرين عبد الوهاب، كما كتب الموسيقى التصويرية لعدة مسلسلات وأفلام وإعلانات.
تعلم فاضل العزف على البيانو منذ سن الثالثة، وحصل على ماجستير في العزف على البيانو من الكنسرفاتوار الوطني اللبناني بدرجة ممتازة في 1998، ودرس في فرنسا التأليف الموسيقي وقيادة الأوركسترا في كنسرفاتوار بولونيا.
فاز ببطولة العالم في الفنون الجميلة عن فئة التأليف الموسيقين التي اقيمت في هوليوود وحاز على الجائزة الأولى عن هذه الفئة.
تعريف عن Raoul Di Blasio
ولد الموسيقار الارجنتيني راؤول دي بلاسيو في العام 1939 بقرية اسمها "زابالا" واقعة على جبال الأنديز، وبدأ العزف على البيانو بسن السادسة متأثرا بموسيقى بيئته التقليدية، لا سيما الفلكلور الأرجنتيني والبرازيلي فضلاً عن تأثره بأعمال كبار المؤلفين الموسيقيين الأوربيين مثل موتسارت وبيتهوفن وشوبان وليست.
وفي العام 1949 انتقل للعيش في عاصمة وطنه «بوينس آيرس» وبدأ بدراسة الموسيقى الكلاسيكية وفق برنامج مكثف كان يصل الى 12 ساعة تمرين يومياً، وقد شكّل في تلك الفترة فرقة موسيقية تؤدي موسيقى الروك أسماها "لوس ديابوليكوس" التي لاقت شهرة لا بأس بها في أميركا اللاتينية وأعانته في دراسته واقامته حتى العام 1973، حين قرر الانتقال الى "تشيلي" حيث عاش وعزف الموسيقى الكلاسيكية والتقليدية لمدة خمس سنوات في منتجع سياحي حتى العام 1978، وفي تلك الفترة بدأ بتأليف موسيقاه الخاصة إلا أنه لم يتمكن من تسجيلها لأن ما كان يحصل عليه من نقود لا يغطّي سوى تكاليف معيشته.
وفي العام 1981 بدأ بتسجيل موسيقاه وأنتج اسطوانته الأولى، بالاعتماد على إمكاناته المادية الخاصة، ولم تحصد مجموعته الاولى النجاح الذي كان يبغيه، ثم شاءت الظروف ان يدعوه أحد المنتجين التشيليين لتسجيل اسطوانة لصالحه، فأخرج مجموعته الثانية "عازف الشعب"، التي لاقت نجاحا كبيرا وكانت بدايه الإنطلاق نحو العالمية.