"لنتذكر" نعيد من خلالها نشر لقاءات ومقالات بقلم الزميلة الراحلة رنا بو رسلان شوي .
التاريخ ليس سطورا مدونة فقط ولا قصص مجمدة في الخزائن المقفلة. التاريخ هو الحياة، هو الأمل الذي يكتب بدم الكبار الذين آمنوا بأن الشعوب هي التي تصنع واقعها وتاريخها. فحملوا الراية وناضلوا في سبيل كرامة الانسان والأرض والوطن.
وجبران تويني من أولئك الكبار الذين ناضلوا لإنقاذ لبنان وشعبه ووحدته. فكانوا شرارة لا تخمد، ويشهد له بأنه كان من أعلام الحرية والديموقراطية في عصرنا هذا. حياته قامت على الاستقامة في العمل والاستقلال في الرأي والحرية في الضمير. قلمه كان قدره ولكنه قدر الأحرار.
رحل جبران حاملاً معه أحلام بتوحيد اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، وبإعطاء كل شهيد حقّه في الوطن.
ولأن الأفكار خالدة لا تموت. ولأن الوفاء كنز أورثه جبران لأولاده من بعده، كان التكريم.
تحقيقاً لحلم جبران ووفاء لشهداء لبنان، اطلقت مؤسسة جبران تويني كتاب "لنا ولكم الحياة" يتناول مسيرة نضال 62 شهيد سقطوا من أجل ان يحيا لبنان ويبقى حراً سيداً مستقلاً. الكتاب أطلق خلال حفل فني بعنوان "الذاكرة الجماعية" أقيم في قصر المؤتمرات في ضبيه. وحضره حشد من الشخصيات منهم السيدتان الأوليان جويس الجميل ونايلة معوض، والوزراء والنواب الحاليون والسابقون نقولا صحناوي، ميشال فرعون، زياد بارود، مروان حماده، محمد رحال، نديم الجميل، سيرج طورسيركيسيان، روبير غانم، ليلى الصلح حماده، قاسم عبد العزيز، سليم وردة، ابرهيم كنعان، جان أوغاسبيان وغيرهم من أهل الاعلام والصحافة والفن وذوي الشهداء.
افتتح الحفل بقسم جبران تويني الشهير وبكلمات له يدعو فيها الى احترام كل انسان دفع دمه على ارض لبنان وإلى استذكار الشهداء الذين سقطوا في الحرب اللبنانية كي لا تكرر الأخطاء والمآسي التي ارتكبت.
وومن ثم القت رئيسة المؤسسة ميشال جبران تويني كلمة شددت فيها على ان الشهادة لا طائفة لها ولا دين، قالت: "عذرا لان عدد الشهداء المسيحيين لايتساوى مع عدد الشهداء المسلمين، فعندما بدأنا اختيار الشهداء لم نعر اهتمامنا لطائفة هذا الشهيد او ذاك لان الشهادة لا طائفة لها ودينها الوطن الذي يستاهل كل الشهادة".
وتساءلت:"نختلف في السياسة وفي الموت ايضا، اي وطن هذا حتى الشهادة فيه لا تجمعنا؟ اما الله والموت والحياة الجميع متساوون".
وتابعت تويني: "يمكنكم ان تقسموا كل شيء لكن على الاقل اتركوا الشهداء متى سنتعلم ان من ليس له تاريخ وذاكرة لايمكن ان يكون له مستقبل وامان، مؤكدةً "ان توحيد الذاكرة والشهادة لايمكن ان يكون الا لمصلحتنا وحماية الاجيال المقبلة".
ومن ثم رحّبت بالعائلات الـ 62 وأكدت على ضرورة أن نبني وطنا بأمان، بالاختلاف والاحترام. وختمت بتوجيه تحية "الى مدرسة الايمان والقوة الكبير غسان تويني".
ثم أدى عازفون من لبنان وكوبا فقرة موسيقية من إنتاج ميشال الفتريادس. من بعدها كرّمت المؤسسة 3 سيدات من المجتمع المدني كان جبران يؤمن بطاقاتهم وبأنهم اساس الوطن لبناء دولة سليمة فقدمت لهم الدروع. وهن "حياة صدقة التي فجعت باستشهاد زوجها الطيار في الجيش اللبناني، ثم ابنها بالطريقة نفسها، الفنانة زينة دكاش لنشاطاتها التاهيلية داخل السجون من خلال الدراما المسرحية، وايفون شامي مؤسسة جمعيتي "سيزوبيل" و"انت اخي" لعطاءاتها في المجال الانساني والاجتماعي.
وبعد اغنيات تراثية وطنية أداها كورال من الأولاد بقيادة طوني البايع، أطل جوزف بونصار يقرأ علينا نصوص اختارها من كتابات غدي الرحباني، وتبعته أمسية موسيقية غنائية لأسامة الرحباني وهبة طوجي.
انطلقت هبة، وعلى الشاشة من خلفها صور لشهداء سقطوا، وبقوا في الذاكرة، وناشدت طوجي النسيان "عامهلك عالأحبة اللي صاروا صور"، وانتقلت في تدرج يعرض الواقع الأليم وبعض العجز "ما عندي قدرة تغيير، أنا مش قادر غيّر وطني لازم غيّر النظام". ومع كلمات من جبران تويني عن تشي غيفارا والثورة، غنت طوجي لغيفارا مع صور من بلاده ومن حركته وثورته. ثم إستنجدت بالسماء وبسيد القوة.
وبعد فاصل مع جوزف ابو نصار مسح سماء كآبتنا وألمنا، تبدل بدأت أبواق الثورة تلمع فغنت طوجي "لمعت أبواق الثورة" و"لا بداية ولا نهاية"، وفيها تحية الى الكبير منصور الرحباني، وأخيرا "وحياة اللي راحوا" تأكيد الاصرار على مواصلة المسيرة.
يذكر أن الحفل قدّمته الشاعرة والصحافية جومانا حداد والاعلامي ماجد بوهدير، وأخرجه سمير عبد المسيح. وأعلن فيه عن ولادة موقعين الكترونيين يعرفان بمسيرة الشهيد جبران تويني النضالية وبهوية واهداف ونشاطات المؤسسة.
ميشيل تويني للنشرة: لأول مرّة في تاريخ لبنان يقام حفل تكريمي لكل الشهداء
في ختام الحفل كان لموقع النشرة حديث مع إبنة الشهيد المناضل جبران تويني ورئيسة المؤسسة ميشيل تويني قالت: لأول مرة في تاريخ لبنان يقام حفل تكريمي ويطلق كتاب يتناول شهداء في لبنان من كافة الطوائف دون تفريق. وهذه كانت فكرة أطلقها جبران بعد الحرب الأهلية. لذا أردنا تحقيق حلمه هذا فأصدرنا كتاب "لنا ولكم الحياة" وهو كتاب يتضمن سيرة حياة 59 شهيدا" سقطوا بين 2002 و2016 خلال حربي" نهر البارد" و"تموز2006"، اضافة الى قافلة شهداء ثورة الارز وذلك بالنصوص والصور من خلال مقابلات اجريت مع ذويهم. ويتضمن قصص الشهداء الاحياء الثلاثة:الوزير والنائب مروان حماده، الوزير الياس المر، والاعلامية المناضلة مي شدياق. وشاركت في كتابة التقارير الواردة فيه مجموعة كبيرة من الصحافيين، وعدد من المصوّرين منهم : ريمون يزبك، ميشال صايغ، رودي أو شبل، اميل عيسى، سيدة جبرا، وجنى يونس.
وعن معايير إختيار شهداء نهر البارد قالت: لم تكن هناك معايير معينة لإختيار الشهداء كان هدفنا إيصال رسالة معينة. فإخترنا عدد من الشهداء كنموذج. لم نستطع جمع أكثر من 3000 شهيد في كتاب.
وعن مؤسسة جبران تويني قالت: أنشئت المؤسسة في كانون الأول 2010 وكان هدفها الأول والساس إكمال مسيرة جبران تويني في كل المجالات عبر إقامة معارض ومحاضرات وندوات وطاولات مستديرة بهدف تشجيع المواهب في مختلف الميادين من خلال التمارين والدراسات وإحياء الذاكرة لجميع شهداء الصحافة والوطن وتوفير أماكن تنمي الذاكرة الجماعية.
تابعت: تنسق المؤسسة مع منظمات أخرى لمساعدة الشباب في التوعية على المشكلات التي تواجههم ولتحفيزهم على القراءة والحوار والتفاعل مع المدارس والجامعات، وتشجيع الفنانين منهم كما كان يفعل جبران بإقامة حفلات موسيقية ومسابقات.
أضافت: مؤسسة جبران تويني ستكون الى جانب "النهار" و"نهار الشباب" والعائلة والأصدقاء لتخليد ذكرى جبران وتطبيق مشاريعه الى أبد الآبدين.
ختمت: أتمنى أن نكون على قدر كل آمال الشهداء وعائلاتهم وأن نكون قد حققنا جزء من حلم جبران.