تحل الذكرى الثالثة لرحيل وردة الفن العربي وردة الجزائرية.
.. وكأن الزمن والسنوات الثلاث مضت كوميض البرق وكأن الوردة حية ترزق بيننا نابضة بلغة الحياة التي لم ندرك أنها وفي يوم من الايام انتابها شعور بالغيرة من صوتك الشجي الذي رسم ملامح جديدة للأغنية في العالم العربي ومن صورتك البهية التي لم تفارق مخيلتنا ولو لبرهة.
في الذكرى الثالثة لرحيل الفنانة وردة الجزائرية لا يسعنا الا ان نستعيد الذكريات المحفوفة بالحب والمجبولة بنسمات الفرح التي وان استعدناها ترتسم على شفاهنا ابتسامة مشعة نابضة بالامل.
وردة التي لم توفر يوما إلا واعربت فيه عن محبتها للبنان وشعبه ليس فقط لأن والدتها لبنانية بل لأنه ثمة قواسم مشتركة عديدة بينها وبين الشعب اللبناني. فهي تشربت العصامية من والدتها والحب والحنان والقوة... وكيف لنا ان ننسى عبارتها الشهيرة "انا بموت في لبنان". وردة التي احبت لبنان ابت إلا ان تبدأ مشوارها بأغنية بتوقيع الشاعر اللبناني الكبير توفيق بركات وحملت حينها عنوان "ع مفرق درب الحبايب".
وفي هذه الذكرى بالذات لا يمكنني إلا أن أستعيد ذكريات جميلة جمعتني بالفنانة القديرة التي توطدت يومها وبلغت مرحلة متقدمة من الصداقة يوم اصدرت اغنيتها الشهيرة "بتونس بيك" وقصدني حينها السيد أحمد موسى مدير شركة "ريلاكس ان" لندعم الاغنية في لبنان، فحققت نجاحاً يفوق التصور حتى باتت من أكثر الاغنيات طلبا على الاطلاق. كيف يمكنني نسيان اللقاء الاول الذي أجريته معها وخرجت منه بجعبة امتلأت فرحا وحبا وطيبة... وكيف لي أن انسى يوم أعجبت بحواري فكتبت لي على البوستر "A Hala que j’aime". لا يمكنك ان تحاور كبيرة كوردة إلا وتعجب بشخصية اثقلتها الحياة بالتجارب فجعلت منها سيدة مثقفة محترمة مبدعة وموهوبة.
تميزت الفنانة ورد الجزائرية بابتسامة ساحرة لم تفارق ثغرها يوما رغم قساوة الدهر وطعنات الحياة فأنجبت عائلة وربتها على اصول المحبة والاحترام. وهنا لا بد من الاشادة بأخلاق ابنها رياض الذي تشرب دماثة الخلق منها والاحترام في التعاطي مع الناس والصحافة والاعلام. ذاك الشاب الشهم الذي وقف إلى جانب والدته في السراء والضراء حتى في رحلة المرض كان ذاك الشاب النبيل الذي يدعو لصحة والدته على الدوام.
في الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الفنانة وردة نشعر بلوعة الفراق وكيف لا وصاحبة أغنية "حرمت أحبك" تركت فراغاً كبيراً على الساحة الفنية خصوصاً أنها احد الوية العصر الذهبي الذي ابدع فناً حقيقيا انتج مكتبة موسيقية تضج رقيا وطربا. فمن بعدها لن يكون للفن وردة تفتحت على ايقاع اجمل الالحان والكلمات التي حفظناها ورددناها ونقلتنا من واقعنا الاليم في العالم العربي إلى فسحة من الحلم والخيال هناك حيث تذوقنا طعم الحب وعايشنا الم الفراق وعشقنا حتى الرمق الأخير.
الف رحمة على روح وردة الجزائرية... نفتقدك في كل حفل طنّ فيه ابداع موسيقي... نفتقدك في كل مهرجان إمتلأ جمهورا وصفق عاليا... نفتقدك في كل مرة نستمع فيها إلى "العيون السود" ، "في يوم وليلة" ، و"مالي" و"لولا الملامة" و"أيام" ... وردة الجزائرية ستبقى دوما تلك الوردة التي لونت حياتنا بالفرح والحب والعطاء من دون حدود.