مرت فترة الصوم المبارك وها نحن اليوم نحصد ثمار التوبة والصبر والجهاد الروحي، فرحاً بقيامة السيد المسيح.
انها القيامة التي يجب أن تبقى نصب أعيننا في كل يوم لأننا نعيش من أجلها ونموت على رجائها.
أسبوع "آلام السيد المسيح من اجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا" يحمل الكثير من الأحداث والعبر التي على كل مسيحي مؤمن ان يقف عندها مرة وألف مرة لكي يدرك فعلاً حقيقة وقيمة وجوده على هذه الأرض.
يبدأ "اسبوع الآلام" في أحد الشعانين، أي بعد أن دخل الرب إلى أورشليم. ويقول مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) جاورجيوس (خضر) ان "يسوع بدخوله إلى اوراشليم طهّر هيكلها وطرد منه الباعة والصيارفة ليكون بيتُ الله طاهرا من كل تجارة. ونحن أبناء الكنيسة المقدسة يريدنا الله غير متاجرين بالدين وغير متاجرين بالأخلاق وغير متاجرين بأولادنا. إذا لم نحافظ عليهم بحسن التربية نكون كالتجار في الهيكل. علينا ان نحافظ عليهم بطهارة صحيحة وبانتباه طيّب، الانتباه إلى ما نقول وإلى ما نفعل وإلى ما نبصر، الانتباه إلى أقوالنا حتى تكون مستقيمة صادقة".
خميس الأسرار
يعتبر خميس الاسرار الذي يسبق الفصح بثلاثة أيام من أهم الاحداث في عمل تأسيس الكنيسة الأولى ، لأنه في هذه الليلة، كسر السيد المسيح الخبز (علامة جسده) وناول تلاميذه الخمر (علامة دمه). لذلك تحيي الكنيسة ذكرى العشاء السري صباح الخميس العظيم لنشارك الرب عشاءه السري، أي لنتناول جسد ودم السيد ليثبت فينا ونحن فيه. فهل يليق بالمسيح أن يسكن جسداً فاسداً ؟ من هنا، كل واحد منا مدعو إلى ان يجعل نفسه وجسده مكاناً طاهراً ليدخله ملك المجد ويستقر فيه.
وعند المساء نعيش آلام السيد التي تقرأ علينا من خلال 12 مقطعا انجيليا. وفي هذه الخدمة أيضاً نرتل "اليومَ عُلِّقَ على خشبة". "اليوم" يتألم السيد نتيجة آثامنا .."اليوم" يموت السيد من اجلنا لنحيا". وهكذا نتدرّج من عشاء الرب إلى رؤيته مرفوعا على الخشبة من أجل خلاصنا.
الجمعة العظيم
تعيد الكنيسة المقدسة يوم الجمعة العظيم لموت المسيح مصلوباً على الصليب. موت المسيح هو التعبير الأقصى عن طاعته الكاملة لله الآب ومحبته للجنس البشري. المسيح أتى ليخلِّص العالم من الخطيئة وبموته وقيامته صار للموت قيمة إيجابية. لم يعد الموتُ المحطةَ الأخيرة للبشر بعد حياتهم على الأرض، بل صار لنا باب عبور من الموت إلى الحياة.
نلاحظ أن الخدمة الليتورجية التي تقام يوم الجمعة المرتكزة على قراءات متنوعة من الكتاب المقدس، ترفع حدث موت المسيح وآلامه إلى مراقٍ عالية وتجعل هذه الذكرى ممتزجة بالحزن والفرح في آن من دون انفصال.
سبت النور
السبت هو اليوم الفاصل بين الحزن العميق والفرح الأبهى. إنه وقت الانتظار والشوق إلى القيامة التي هي ليست فقط انتصار المسيح، بل انتصار كل المسيحيين على الموت والفساد ورباط الخطيئة. انتصار المسيحيين على الخوف من الشيطان.
صباح السبت هو آخر يوم من الصيام العظيم. إنه يوم نشعر فيه باستباق الفرح، ولكنه أيضاً يوم تأمل وصلاة وتهيّؤ للعيد العظيم، عيد قيامة ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح. فيه نعيّد لنزول ربنا إلى الجحيم ونتحضّر للاحتفال بقيامته.
كذلك يوم السبت تحدث "اعجوبة" النور المقدس في القبر المقدس في القدس. ينبعث النور المقدس في القبر كل سنة، وتحديداً في "سبت النور" في عيد الفصح الشرقي الارثوذكسي، في الزمان والمكان نفسيهما، اذ ما يزال النور "يفيض" من القبر في كنيسة القيامة، حيث صلب المسيح ودفن، في ظاهرة متجددة منذ القرن الميلادي الاول.
أحد الفصح – القيامة
"قيامةُ المسيح هي قيامتُنا من قبرِ الخطيئة والموت"، هذا ما قاله القدّيس سمعان اللاهوتي الحديث. لقد قام المسيح بعدما كسر قيود الظلمة وداس الموت.
ويقول القديس غريغوريوس النيصصي " ان فصح المسيح جعلنا اناسا جددا. كنا نولد أبناء للبشر، واليوم نولد أبناء لله. بالامس كان الموت سائدًا بسبب الخطيئة، واليوم يملك العدل بفضل الحياة. إنسان واحد فتح لنا قديما باب الموت، والمسيح اليوم أعاد لنا الحياة. بالامس اخذنا الموت من الحياة واليوم أبادت الحياة الموت. بالامس طردنا العصيان من الفردوس، واليوم يُعيدنا اليه الايمان بقيامة المسيح. قدم لنا المسيح ثمرة الحياة لكي نتلذذ بها كما نشاء وجرى من جديد ينبوع الفردوس الموزعة مياهه بأربعة أنهار الأناجيل، لكي يُنعش وجه الكنيسة".
اثنين الباعوث
بعد قيامة المسيح من بين الأموات ظهر على النساء اللواتي أتين لزيارة القبر، وطلب منهن الذهاب لإعلان خبر قيامته للتلاميذ. لذلك تركز الكنيسة في هذا اليوم على البشارة بالقيامة ويتلا لهذه الغاية الانجيل المقدس بأكثر من لغة .