في زمن تنتشر فيه سمات الوحشية والعنف وقلة الاخلاق الحميدة بتنا نفتقد إلى المحبة وعمل الخير في حياتنا، ولكن هناك الكثير من الناس تمردوا على هذا الواقع المرير وعادوا إلى أعماق أنفسهم البشرية التي تحمل الكثير من صفات النقاء والجمال ونشروها في المجتمع ومن بينهم الأخت الراحلة إيمانويل العالمية التي سعت إلى العدالة بين الناس وأعطت بفرح واشتهرت بكرمها وتفانيها وتركت أثرا كبيرا يهز عرش الشر المسيطر . الأخت إيمانويل توفيت عام 2008 لكن مسيرتها لم تنتهِ هنا بل استمرت واليوم جاءت لتنشر المحبة والخير في لبنان من خلال مسرحية تجسد سيرة حياتها اسمها الأخت إيمانويل إعترافات راهبة .
وهذه المرة أدوات التوعية على المحبة ومساعدة الآخرين هي المخرجة ماريلين زرد مصابني التي أنتجت العمل والبطلة فرنسواز تورياس والمخرج مكايل لونسدال ولا ننسى فضل الكاتبة جيزيل هاشم زرد الداعمة للعمل ولكل ما يساهم في تقديم المصلحة التوعية والأخلاقية للمجتمع .
وقد أقيم ظهر أمس الجمعة مؤتمر صحافي في المركز الكاثوليكي للإعلام للإعلان عن مسرحية "الأخت ايمانويل اعترافات راهبة" وشارك فيه كل من الكاتبة السيدة جيزال هاشم زرد وإبنتها المخرجة ماريلين مصابني ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبده أبو كسم والسيد جان أبي غانم والسيد ملحم خلف .
بدايةً عبّر الأب أبو كسم عن تشرفه بالإعلان عن هذه المسرحية وشدد على أهمية هذا العمل الذي ينقل مسيرة الأخت إيمانويل ، ذاكراً أن الأخت إيمانويل يجب أن تكون نموذجاً لكل من يعمل لخير البشرية وخير الإنسان .
أما السيّدة جيزيل زرد فقد لفتت إلى أن إهتمام بعض وسائل الإعلام بالأمور الثقافية دليل على أن الدنيا ما زال يتواجد فيها الخير.
كما روت جيزيل قصة الأخت إيمانويل متأثرةً بها وشرحت كيف فقدت الأخت والدها في طفولتها وصدمها الأمر لكنها تمسكت بالحياة كما أكملت دراستها في عمر الـ55 .
وكان للسيدة جيزيل حديث خاص لموقعنا :
ماذا تقولين عن هذا العمل القيّم اليوم ؟
مسرح الأوديون يقدم مسرحية "الأخت ايمانويل اعترافات راهبة" بفرح لأن الأخت تحمل الفرح للناس والأمل وهي من حولت مكب النفايات إلى مكان نرى فيه الحياة ، هي شخص واحد تمكن من التغيير ، ودخلت في حلقة الحب وكبرتها ، فالأخت يإيمانيول تعني لكل شخص منا يرى الحياة فدعتنا إلى التواضع والتوجه صوب الآخر وأن نسلم أعيننا لله لنرى ما يحتاجه الآخر .
إلى أي مدى ترين تربيتك المبنية على الإيمان والإنسانية مزروعة في إبنتك ماريلين التي اختارت هذا العمل؟
أشكر الله على هذه النعمة ، وعندما سمعت ماريلين في المؤتمر شعرت بأني أسمع نفسي، هذا العنف والقتل الذي نسمعه يومياً يجرحنا ويجب محاربة الشر فنصلي لكن من المفروض أيضاً ان نحاربه بتربية جيل مليء بالمحبة "بهالزمن بدنا شمعة عطول مضواية".
بعدها كانت كلمة للدكتور جان أبي غانم الذي شكر السيدة جيزيل والمخرجة ماريلين على هذا العمل ، وشدد على انه كشخص مسيحي علمه المسيح أن كل عمل يقدمه يجب أن يشمل كل شخصية الإنسان من فكر وعقل وقلب وروح وجسد .
وتابع أبي غانم ان الأخت إيمانويل إنسانة وهي من القلائل ممن يتجرأن ويصلن إلى هذا الإلتزام ، وأضاف أنها تمردت على كل ما حولها من قوانين لتوصل رسالتها الإنسانية كما تريد.
كلمة مؤسس فرح العطاء ملحم خلف ورد فيها أن الشباب في لبنان هم مشاريع حقائب للسفر ، وتابع ان عمل الأخت إيمانويل هزّنا لأنه موجه للشباب حيث أنه رغم عمرها الـ63 وعدم امتلاكها المال آمنت بأنها يمكنها ان تحقق ما تريد ولا تقف غير مبالية وأسست حركة شبابية لا تفرق بين الجنسيات والأديان، كما انها لم تفرق بين الأديان "شافت بكل إنسان وجه الله فيه وأخدت هذا الوجه وطبعتو بقلبها."
وتابع أنه يريد أن من يأتي لمشاهدة المسرحية يقول "يلا ما في مستحيل" ولا يأتي لمجرد مشاهدة مسرحية فقط، وختم ملحم خلف بالقول إن قوة الإيمان هي أقوى من العنف وتعطي السلام .
السيدة ماريلين زرد مصابني تخلت عن دورها كمخرجة هذه المرة وتولت دور المنتجة للعمل ، وفي المؤتمر بدت متأثرة جداً بما تقدمه من عمل وفي نظراتها شغف أن تتمكن هذه المسرحية من إيصال الرسالة بكل عمقها الإنساني الكبير.
وقالت في كلمتها ان زوجها اقترح فكرة مشاهدة المسرحية في باريس وتأثرت بها كثيراً ودفعها الأمر إلى عرضها في لبنان وبمشيئة الله حضرت للعمل خلال ثلاثة أشهر ، بهدف تقديم مصلحة للمجتمع .
وتابعت ماريلين أنه ليس من المفروض ان يكون ما زال هناك أناس جائعون ، والمسرحية يجب أن توصل رسالة أن فكرة الحب قوية ويجب دائماً التجرؤ وعدم الخوف لعمل الخير ، وتمنت ماريلين لو أنها تمتلك مالاً أكثر لكانت قدمت المزيد من العروض من هذه المسرحية ، قائلةً أن كل سنة من المفروض ان يقدموا مسرحية لقديس –حيث انها اعتبرت الأخت ايمانويل قديسة- .
وأضافت ماريلين ان مسرح الاوديون للاطفال يصل لمئة ألف طفل في السنة ، ولكن الله يريدهم أن يوصلوا رسالة المحبة والعطاء للكون كله .
كما ذكرت ماريلين أن ريع المسرحية سيعود لجمعيات منها "فرح العطاء"، "نحنا لبعض"، كنيسة القديسة فيرونيكا جولياني واطفال السماء، ومن يريد أن يقدم ريع بطاقته التي يشتريها من الفيرجين ميغاستور لجمعية معينة يمكن أن يحدد ذلك .
وكان لنا حديث خاص لموقعنا مع ماريلين :
كيف كان لديك الجرأة الكبيرة للإنتقال من مسرح للأطفال إلى مسرح يقدم عمل "الأخت إيمانويل"؟
هذه الجرأة أخذتها من الأخت إيمانويل فلم أتخيل يوماً أن أقدم هذه المسرحية حيث أنني كنت أنتظر إنتهاء مسرحية "بيبي مريم" كي آخذ استراحة ، ولكن ما اروع هذا العمل المليء بالعطاء، فحين أشاهد الأخت إيمانويل أشعر بأن ما أقدمه قليل جداً أمام كم العطاء الذي كانت تقدمه ، فهي أقامت مدرسة للسيدات اللواتي يلدن على الطرقات ، وحوّلت مكب النفايات إلى مشروع إعادة التدوير، وتمكنت من شراء منزل في النيل واستضافت فيه كل أسبوع 100 طفلاً ليعيشوا السعادة .
حدثينا عن ممثلة العمل فرنسواز تورياس؟
هي ممثلة رائعة تعرفت عليها خلال سفري إلى فرنسا ونتواصل حالياً عبر الإنترنت ، لو لم تكن تمتلك الروح والإيمان لما كانت تمكنت من تجسيد هذه الشخصية وأثرت بي إلى هذا الحد ، فهي لديها شخصية رائعة وصوت رائع .
وهي عملاقة في التمثيل ، وكان لها أعمال كبيرة بينها تيريزا الأفيلاوية وتريز دي ليزيو .
ماذا عن المخرج مكايل لونسدال؟
هو إنسان رائع ومن كبار الممثلين ، استطاع أن يلعب شخصيات جيدة و شريرة وفي عينيه صفاء ومن يمتلك ذلك يمكنه أن يكتب بهذه الروعة ، وفي هذه المسرحية جسد الأخت أيمانويل على حقيقتها .
يذكر أن المسرحية ستعرض ايام الخميس 30 نيسان و1-2-3 أيار 2015 على مسرح الأوديون - جل الديب .