بحضور نخبة من الباحثين والأكاديميين من كل أنحاء العالم: آسيا ، أفريقيا، اوروبا وشمالي أميركا، افتتحت كليّة الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة البلمند مؤتمراً دولياً بعنوان "أثر الانتفاضات العربية على المواطنة في العالم العربي".
تكلم في الجلسة الافتتاحية منسّق المؤتمر الدكتور سامي عفيش مشيراً إلى الأنظمة السياسية التي تولي الأهمية للواجبات على حساب الحقوق في العلاقة بين المواطنين والدولة. ثم تطرّق إلى عملية التغيير التي تعصف بالعالم العربي منذ بعض الوقت في محاولة لتحديد العلاقة بين الانتفاضات - التي طالبت بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية - والمواطنة في العالم العربي من خلال دراسة الجوانب المتعدّدة الأبعاد للمواطنة.
اما عميد كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة الدكتور جورج دورليان، فتحدث عن غياب المواطنة ومفهوم الدولة، والعلاقة بين الانتفاضات والمواطنة التي يشوبها الغموض مشيراً إلى أن مسار الانتفاضات لم يبلغ هدفه المنشود، فالانتفاضات لم تؤدّ إلى ترسيخ دور الفرد و فكرة المواطنة بل غرقت في متاهات الصراعات حيث تفرّق المنتفضون أفراداً و جماعات، فاسحين في المجال لقوى لا تقيم للمواطن مكانة ولا للمواطنة موقعا أن تنتهز المناسبة وترتفع على أكتاف المواطنين. و ختم قائلا إن مجتمعاتنا ما تزال مكوّنة من "جماعات"، و الجماعات هي الصفة المخفّفة التي نطلقها على المجموعات البشرية التي تعود بناها إلى القبائل.
ثم كانت الكلمة لخطيب المؤتمر الدكتور جيلبير الأشقر، الذي طرح موضوع الانتفاضات العربية مشيراً إلى أن الإحباط الحالي لهذه الانتفاضات هو على قدر التفاؤل المفرط الذي ساد في السنة الاولى في عام 2011. وأضاف أنه تمّ إسقاط نموذج الثورات الملوّنة على الواقع العربي مشيراً إلى أن هذا النموذج يتنافى مع خصوصية المنطقة. كما وأضاف أن "الانفجار الثوري التي شهدته المنطقة العربية ناتج عن إعاقة اقتصادية لعقود عديدة أدّت إلى الغليان والإنفجار الذي حصل". وختم مداخلته قائلا إننا أمام سيرورة ثورية طويلة الأمد بسبب الحركات الرجعية الدينية التي باتت في تناحر مع النظام القديم.
اختتم اليوم الأول بحلقة نقاش شارك فيها الدكتور مضر قسيس، عبر السكايب، الذي قال إن الدولة في العالم العربي تحولّت من حامية لحقوق المواطنين إلى حامية للنظم النيوليبيرالية، ولمقاييس التجارة العالمية، حيث أصبح معنى المواطنة غير واضح.
بدوره، عرض الدكتور غسان خالد إشكالية المواطنة في الفكر السياسي العربي مشيراً إلى طغيان مفهوم القبليّة السياسية، حيث استمرّت الأنظمة في استخدام مفهوم متناقض مع فكرة المواطنة وهو فكرة الرعيّة الموروثة من الفكر الديني.
أما الدكتورة نجلا حمادة، فتطرّقت إلى وجود فكر رجعي ضدّ فكرة القومية والمواطنة. من ناحيته، ربط الدكتور خليل خير لله كلمة المواطنة بمفاهيم الحقوق في ما وصفه بالدولة-الأمّة، وميّز بين الدولة الدينية والدولة المدنية مشيراً إلى أن مفهوم الدولة المدنية الضامنة للمواطنة قد غاب أو غُيّب في الانتفاضات لصالح دولة دينية.
وفي حلقة النقاش الأخيرة، تكلمّت كل من الدكتورة كارولين سنغنبش والدكتورة نورا عسّاف على تأثير الانتفاضات على المواطنة في لبنان.