شعرت الكاتبة ، ندى المر، بحاجة إلى الرجوع بالزمن إلى الوراء وتقييم ما فعلته في حياتها ، فأدركت أن أهم حدث في حياتها هو الحرب في لبنان والتي غيّرت كل شيء بحيث لم يعد لبنان كما كان في السابق فكتبت تجربتها في Leur Guerre Mon Combat «حربهم معركتي» الكتاب الذي هو باكورة إصداراتها، وتعود به المر إلى مرحلة قاسية من الحرب اللبنانية، حيث تروي بالتفاصيل والتواريخ ما واجهته من صعاب كما أغلب اللبنانيين حينها ، هي قصة حب وحنين ووطن لم تهزمه الحروب.
الكاتبة إبنة المفكّرين ألفرد ومي مر ، تروي كيف إنضم شقيقها الأكبر، كمال ، إلى الميليشيات وعاشت الأسرة على وتيرة ذهابه وإيابه إلى مراكز التدريب وساحات القتال ، ما دفع بالكاتبة إلى الإلتحاق بمعسكر تدريب ، وبعد النقاش مع أهلها إستطاعت إقناعهم وبالتالي أصبحت أول إمرأة مقاتلة في الميليشيا اللبنانية "حراس الأرز" حيث تسرد المر ذكريات القتال .
ووصلت الكاتبة في كتابها إلى مرحلة إنتشار الجيش السوري في مناطق بيروت الشرقية، ومعركة "المئة يوم" لتحرير الأشرفية ، كل ذلك بالتزامن مع دخول الكاتبة إلى كلية العلوم في الجامعة اللبنانية ، وإستعرضت المر بمرارة فقدان رفاقها وإصابة شقيقها كمال والأوقات الصعبة التي عاشتها عائلتها حتى شفاء كمال.
الكاتبة إضطرت الى الإلتحاق بجامعة ستراسبورغ في فرنسا في تشرين الأول 1980 لنيل شهادة الدكتوره في الكيمياء ، وبعدها تزوجت في فرنسا من ضابط بالجيش الفرنسي ورزقت بستة أولاد .
المر وقّعت كتابها «Leur Guerre Mon Combat« «حربهم معركتي» خلال معرض «Lire En Francais» السبت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر في مكتبة أنطوان في «البيال» وكان لنا معها هذا اللقاء .
مبروك كتاب "Leur Guerre Mon Combat" أي "حربهم معركتي" ، هي حرب من ؟ حرب السياسيين أم حرب الدول الكبيرة لدينا ؟
شكراً ، ممكن هي حربهم كلهم لانهم جميعاً قرروا في يوم من الايام ان لبنان لا يجب ان يعيش ونحن حاولنا ان نعمل بشكل ان يبقى لبنان عائشاً .
من تقصدين بـ نحن ؟
نحن كل هؤلاء الشباب الذين نزلوا الى الساحة وحملوا السلاح ، وكان أغلبهم بالمدارس والجامعات ، ليدافعوا عن الوطن .
اليوم هم أيضاً مستعدون ليحملوا السلاح مع الجيش ضد الإرهاب ، ماذا تقولين لهؤلاء الشباب ؟
أنا معهم ، وإذا الجيش إحتاجني سأعود وأحمل السلاح لأجله .
تتركين فرنسا وعائلتك وأولادك وكل شيء وتعودين ؟
طبعاً أعود لان لبنان بلد له تاريخ منذ 4 آلاف عام ويجب أن نحاول إعادة لبنان لتاريخه ونعرف ان لبنان لديه امجاد .
هناك من ينتقدنا لاننا نعود الى تاريخنا ونقول "ان اصلنا فينيقي" ، ماذا تقولين لهم ؟
اقول لهم ان المؤرخة مي مر ، التي هي والدتي ، علّمتنا وقضت كل حياتها تبحث عن براهين من أشخاص كتبوا منذ ثلاثة آلاف عام ووصلتنا كتاباتهم ويقولون اننا فينيقيون وان الفينيقيين اكتشفوا العالم وانتشروا فيه وبَنوا ، نحن يجب ان نفتخر والا نخجل بان نقول اننا فينيقيون .
والدك ألفرد المر كان كاتباً وترجم العديد من مؤلفات والدتك الأديبة مي مر وكتاب جبران خليل جبران لوهيب كيروز ، ووالدتك كتبت الكثير من الكتب الشعرية والادبية والتاريخية، هل تأثرت بالاكثر باسلوبهما ام بتربيتهما ام بافكارهما السياسية في هذا البيت الذي أحب الله أولاً وبعده لبنان ؟
أستطيع القول اني تأثرت بداية بتربيتهما وبعدها بجو البيت لان الكل في المنزل كان يحكي عن التاريخ ويقرأ كتباً ويبحث ليثبت ان لبنان عظيم .
كنا ننتظر ان تكتب ابنة مي مر باللهجة اللبنانية او اللغة العربية ، لماذا كتبت بالفرنسية ؟ على الرغم من انك تعملين على ترجمة احد كتب مي مر
كتبت بالفرنسية لاني سافرت إلى فرنسا منذ ثلاثين عاماً حيث لم أعد أتكلم العربية وأكتبها فأصبح لدي صعوبة في الأمر ، وكتاب مي مر أترجمه للفرنسية وهو بعنوان "لبنان فينيقيا عملاق التواريخ".
لنعود الى كتابك ، هل يروي حقبة زمنية معينة ، حقبة حرب أم هو رواية حب في قلب الحرب ؟
الكتاب من عدة مراحل ، في بداية الكتاب رويت ، بشكل مختصر ، كيف بدأت الحرب وما الذي تسبّب في حدوثها وكيف كانت الأجواء ، بعدها تحدثت عن تجربتي عندما حملت السلاح ونزلت مع "حراس الأرز" وحاربت معهم ، أتحدث في الكتاب عن السنتين اللتين حاربت خلالهما وعن قصص طريفة حدثت معنا ، وقصص مأساوية حين توفي رفاقنا وسقط الكثير من الشهداء ، وأحياناً نتساءل "هل إستشهدوا لأجل لا شيء؟".
لماذا لديك تساؤلات بعد ، ماذا ترين في حالة اليوم ؟
كل واحد من الحكام يتطلع للخارج أو لجيبه ، اذا الشباب يقرأون كتابي الموجه لهم يقولون "مبلا لبنان بيحرز الواحد يدافع عنه" ، ربما مرّت أيام البارودة ، فليحاولوا أن يتعاطوا السياسة ليصبح لدينا حكام "نظاف يتطلعوا بلبنان بدل ما يتطلعوا لبرا".
كتابك موجه للشباب فقط أم أيضاً للسياسيين أم للارهابيين ؟
أظن اذا قرأه الارهابيون لن يحبوه و"السياسيين مفروض يكونوا مثقفين اذا قرأوا الكتاب يمكن بيتطلعوا شوي اقل لبرا وبركي بيقولوا نحنا غلطنا".
لو أن الارهابيين مثقفون ويقرأون "ما بييشقفوا ناس وبيقطعوا ناس ، هل كان هناك إرهاب لهذه الدرجة في الماضي ؟
نعم "كان في يشقفوا ناس ويقطعوا ناس ويكبوهم عالطريق ت يخوفوا الباقيين" ، كان هناك الكثير ولكن ليس على هذا المستوى .
على الرغم من عيشك 30 عاماً بفرنسا هل ما زلت متعلقة بلبنان الذي هو وطنك ؟
اكيد لبنان بقلبي ان كنت هنا او في فرنسا ، لبنان ما زال بقلبي وفكري واعمل لاجله حتى لو لم اكن هنا .
باسكال صقر أحضرت زوجها من استراليا وعاشت معه ومع اولادها بلبنان ، هل تفكرين بأن تفعلي مثلها ؟
"لحد من كم سنة" كان غير ممكن لان زوجي كان ضابطاً بالجيش الفرنسي وكان ممنوع ان يأتي الى لبنان .
لماذا ؟
لان لبنان "أرض ارهابية" ، ممكن انك لا تعلمين ولكن علينا صيت ، الفرنسيون منعوه وقالوا له ذلك .
ما الكلمة التي توجهينها للشباب اللبناني وانت التي عشتِ الحرب وحاربتِ ورأيتِ بعينيك اشياء نحن لم نرها ؟
مثلما قلت لك إني أحب أن يبدأ الشباب اللبنانيون بتعاطي السياسة وألا يفكروا بأن السياسة هي للآخرين ، اذا الشباب تعاطوا السياسة ممكن أن يتغير لبنان ويعود مجيداً.
ماذا تقولين للبنانيين الذين ما زالوا لغاية اليوم يفكرون بالهجرة وهم يائسون ؟
انا افهم ان يكونوا يائسين ولكن يجب ان يعلموا أنه "اذا كلنا قلنا بدنا نروح لبرا لانو العيشة ما بقى تنعاش بيبطل في حدا يعمّر لبنان ، بيصير لبنان مش للبنانيين".
وللجيش اللبناني ماذا تقولين ؟
أقول له اني فخورة به جداً وأدعمه بكل قوتي وقدرتي و"اذا بقدر ساعد انا بتمنى ساعد".
ماذا تخبرين أولادك عن لبنان ؟
أولادي يعرفون كم احب لبنان ، وعلمتهم ان يحبوا لبنان حتى لو انهم يعيشون في فرنسا.
موقع "الفن" واكب المر خلال توقيع كتابها وعاد بالتصريحات الآتية .
النائب ناجي غاريوس : إسم "حراس الارز" يعني أموراً كثيرة وأن الناس يجب أن يكونوا "بهالحراس للارز" ، وعندما بتحمي الارزة كانك تحمي كل اللبنانيين معاً ، واذا هناك بعض اللبنانيين لا يريدون أن يشتركوا بهذ الشيء يعني أنهم يقصرّون بواجبهم .
الكاتبة عندما كانت بـ"حراس الارز" كانت تدافع عن قضية وهناك غيرها أيضاً إشترك معها ويدافع عن قضية والقضية تشعبت ، وانت تعلم انه في لبنان كل القضايا تتشعب ولكي نحد من هذا الشيء يجب ان يتفق اللبنانيون ويعرفوا أنه كي تحمي الارزة الآن يجب أن يكون هناك مساواة بين كل مكونات الشعب اللبناني "اذا ما في مساواة ما بيمشي البلد وليصير في دولة بلبنان لازم نعمل من الشعب مواطن ، اذا بعدو شعب بتشتريه وبتبيعو كل النهار ، اما اذا بتعمله مواطن ساعتها هو بيصير يقرر مصير لبنان كلن سوا".
العضو المؤسس في "التيار الوطني الحر" د. ناجي حايك : ندى قدوة ومثال لكثير من اللبنانيين حين كان الوطن بخطر هبّوا "شباب وبنات" للدفاع عن لبنان ، وليس فقط النساء الكرديات يدافعن عن وطنهن فالنساء اللبنانيات كنّ اول المدافعات عن وطنهن وكانت لديهنّ الكفاءة القتالية والفكرية .
وطبعاً ندى كانت لديها الجهوزية الفكرية التي ورثتها من ام واب كبيرين ومن عائلة كبيرة ومحترمة أعطت للبنان ولقضية الامة اللبنانية ، والتي مثّلتها ندى بنضالها ، وأوجّه تحية لندى ولكل شهداء المقاومة اللبنانية وخصوصاً شهداء "حراس الارز".
الكاتبة لينا المر نعمة : تجربة ندى في الكتابة عشناها سوياً ، ونحن قادمون من بيت كُتُب ومن الطبيعي أن نكتب ، الكتاب جميل أنصح الجميع بأن يقرأوه .
وعما إذا كانت الكتابة أهم ما أخذته عن والديها قالت "أظن أن أهم ما أخذناه عن والدينا أكثر من الكتابة ، أخذنا عنهما القيم والروح الوطنية وهذا ما أشكر عليه أهلي".
وإن كانت ستكتب عن والدتها مي مر قالت لينا "هناك أشخاص يكتبون عن الاديبة مي مر ، لا تستطيع أن تكتب جيداً بقدر ما هي كتبت عن نفسها".
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغط هنا .