هو الصوت الرصين الذي إعتدنا سماعه منذ عقود عبر الإذاعة اللبنانية، وهو صاحب القلم الموضوعي الذي ينتقد عن وعي وبخبرة كبيرة.
هو أيضاً الناشط في القسم الثقافي بقناة "الميادين"، وعضو لجنة تحكيم "مهرجان بيروت الدولي للتكريم Biaf" .
إنه الإعلامي والناقد الفني محمد حجازي الذي يحل ضيفاً على "الفن" في هذا الحوار، بعد أن شارك في ندوة لمنظمة الصحة العالمية حول التبغ والتدخين، وبعد عودته من ستوكهولم حيث كان يرافق كورال "الفيحاء" في أعمالهم الفنية هناك.
عدت أخيراً إلى لبنان بعد مشاركتك في ندوة لمنظمة الصحة العالمية أخبرنا أكثر عن هذه المشاركة
تلقيت دعوة من منظمة الصحة العالمية للمشاركة بندوة بلقاء تشاوري حول منع الترويج للتبغ والتدخين في كل وسائل الإعلام في منطقة الشرق الأوسط لأن هذه المنطقة هي الوحيدة التي تناقض وترفض أن تلتزم بقرار الأمم المتحدة القاضي بعدم الترويج للتدخين خصوصاً في الدراما.
كم كان عدد المشاركين في هذه الندوة؟
ثلاثة وثلاثون باحثاً إجتمعوا في هذا اللقاء الذي تم في القاهرة على مدى يومين في 24 و25 من آب/أغسطس، حيث طرح كل واحد منا أبحاثاً وحاضر كل باحث في موضوع معين.
ما هو الموضوع الذي حاضرت فيه؟
أنا حاضرت بموضوع مقدار إساءة الدراما لصحة الناس من خلال إيراد التدخين في المشاهد التمثيلية، فإذا قَتل البطل يدخّن بعد إرتكاب جريمته، وإذا أدى مشهداً عاطفياً يدخن سيجارة، وإذا قام بأي شيء تحضر السيجارة دائماً معه، هذا هو المناخ الذي تحدثت عنه ضمن اللقاء.
ماذا أثمرت الندوة؟
في ختام اللقاء التشاوري، قُسّمنا إلى خمس مجموعات عمل، وأنا كنت في المجموعة التي لها علاقة بالسينما يعني "أثر الدراما في السينما"، وأثمرت التوصيات التي أصدرناها نحن في لجنة السينما أن يتم على الأقل وضع عبارة "التدخين مضر بالصحة" في كل الصالات في منطقة الشرق الأوسط حتى ولو مرت السيجارة ضمن الأفلام التي تشاهدونها في الصالات" هذه أُقرّت، إضافة إلى أنّنا تمنينا على كتّاب الدراما عدم إيراد مشاهد فيها تدخين وخصوصاً للذين هم في سن السادسة عشرة من العمر بمعنى ألا يظهر أبداً "ولد بأي مشهد درامي عم بيدخّن".
هل هناك إلتزام بهذه التوصيات التي أصدرتموها؟
سبب إنعقاد هذا اللقاء التشاوري هو عدم الإلتزام أصلاً في منطقة الشرق الأوسط قياساً على كل المناطق في العالم، فقد لاحظت منظمة الصحة العالمية أن منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص لا تلتزم بعرض إعلانات ضد التدخين، لذلك عُقد هذا اللقاء التشاوري وأصدر توصيات، وربما سيكون هناك ملحق لهذا اللقاء في جدّة أو ستكون هناك قراءة جديدة لهذه التوصيات وهل نُفّذت أم لا؟ يعني هو نوع من متابعة للتوصيات ماذا أثمرت؟ وهل إلتزمت وسائل الإعلام؟ هل إلتزم كتّاب الدراما؟ هل إلتزم أصحاب الصالات بوضع اللافتات التي قلت لك عنها؟
كيف كانت ردة فعل الكتّاب تجاه توصياتكم؟
أكثر من كاتب شاركوا باللقاء وقالوا إن الكتّاب يجب أن يبادروا، ولكنهم يعتبرون أيضاً أن المشكلة ليست عندهم بل هي عند المنتج لمعالجة هذا الموضوع، وهم يقولون إن المنتج يحتاج إلى نسبة مئوية من الميزانية يأخذها من شركة السجائر التي لديها ماركة معينة فتحاول أن تقول للمنتج إنها تدفع مبلغاً مادياً كبيراً مقابل أن يشعل الممثل سيجارة من هذه الماركة، فكان المطلوب أن نوجد بديلاً لهذا التمويل "يعني يعرف المنتج إنو عم بيضر، هلأ كيف بيقدر يجيب مصاري من باب تاني ؟ هون هوي لازم يدوّر".
هم يعلمون أن هناك مشكلة إنتاج وأن المنتج بحاجة إلى أحد يدعمه سواء بإعلان أو بأي شيء "بيعملّو ماتراكاج"، ولكنهم يقولون للمنتج إن ما يستفيد منه مادياً ينعكس سلباً بموضوع الترويج لشيء مضر بصحة الناس.
أقيم منذ فترة قصيرة مهرجان بيروت الدولي للتكريم Biaf وأنت من ضمن لجنة التحكيم، أخبرني على أي أساس يتم تكريم أسماء معينة في Biaf ؟
في كل لقاءات Biaf البداية تكون أن يطرح كل عضو في هذه اللجنة 30 إسماً من مختلف المجالات يعتبرها أهلاً للتكريم، من لبنان والعالم العربي والعالم، هذه الشخصيات على كثرتها ندخل فيها واحدة واحدة وندخل على كل عضو في اللجنة لنرى أسماء الشخصيات التي لديه، والشخصية التي تلفت تُطرح للتصويت، وعندما تأخذ نسبة عالية من التصويت توضع جانباً على لائحة خاصة وهكذا دواليك مع كل زميل وصولاً للاسم الأخير لتصل إلى 20 إسماً، بين الـ18 والـ20، وهذا العام كانوا 18 إسماً.
هناك دائماً نقاشات "مع وضد ودايماً في ناس عندها حدا بتدافع عنّو"، عادة عندما يُطرح إسم فنان ويحدث إختلاف حوله تنظر اللجنة إلى الأقرب للمناخ الفني ويُسأل هذا المرجع سواء أكان فناناً أو ناقداً مثلاً أكان أسامة الرحباني أو محمد حجازي، عن هذه الشخصية، وإذا كانت هذه الشخصية ملتسبة على بعض أعضاء اللجنة، يعني أنا أقول ما لدي من معلومات عنه وأطرح المعلومات بشكل رحب كي أقول إن هذا مهم أو غير مهم فإما أن أعتبره جيداً وإما غير جيد.
التصويت منحصر باللجنة، لماذا ليس هناك تصويت من قبل الجمهور؟
لا أبداً، وهذه هي أهميته.
لماذا؟ هل التصويت مشكوك بأمره؟
أنا من الذين يشككون بكل هذه الأجواء التي يفعلونها للناس التي تسمع أو تقرأ أو أي جمهور، أشكك لأنه لا يمكنك حصرها، لا يمكنك أن تضمن مصداقيتها لأنهم في النهاية يقولون لك "صار هيك" ولكن "كيف صار؟" هذه التفاصيل لا أحد يعرفها، ولا شك بأنه بعض العناصر وبعض الأجواء تَفرض أحداً ضد أحد أو تميز أحداً عن آخر .
وعندكم أيضاً في Biaf هناك أفضلية
لا، نحن في Biaf ندافع عن شخصية لتنال جائزة وهذا لا يعني أن يقبلوا بها، ربما أنك دافعت عن أحد ولكنهم قالوا لك في النهاية أن هناك تصويتاً في لجنة بياف "ما مشي الحال" يُفترض منطقياً ألا أزعل، لكن حدثت نقاشات على بعض الأسماء وهناك أحد زعل والإسم المُختَلَف عليه كان موجوداً في الجلسة ولم يرد أبدا "سمع كلام مش منيح عنو وسمع كلام منيح عنو" وفي النهاية كُرّم وظهر بهذه الدورة الخامسة واحداً من المكرمين.
لا أريد أن أدخل أكثر في الموضوع حتى لا أكشف لأن المجالس أسرار، ولكن دائماً ما تحدث نقاشات حادة على بعض الأسماء، وفي النهاية من يطرح إسماً يدافع عنه لأنه يعرفه، وإحدى الزميلات لم تقبل بهذا الأمر وإنسحبت لأنه طُرح إسم وقالت هي إنه لا يستأهل التكريم وقلنا نحن إنه يستأهله فطُرح للتصويت وكان التصويت لصالحي أنا لأنني أنا من طرح الإسم "ما عجبها وإنسحبت بكل بساطة"، ولكن أن أعتبر أن مثل هذا التصرف لا يليق بأعضاء لجان، يعني "إنت بتبقى مفكّر هالقد وهالقد راسك صح ما بتوصل لمحل إنو إذا ما بيمشي رأيي بيقوم بيقول باي باي، ما هيك، هيدا منو شغل"، أنا مثلاً أقول إن شخصاً لم يعجبني وإذا أتى تصويت اللجنة لصالحه لا أقول شيئاً "في أكترية أنا مع الأكترية".
هل من الممكن أن يكون الإسم المطروح للتكريم غائباً ومنسياً منذ سنوات أم أنه يجب أن يكون فاعلاً وموجوداً ؟
مثلاً جوزيف برباري ووليم حنا اللذان إبتكرا 70 شخصية بالكرتون منها "توم وجيري" كانا تقريباً منسيين "هول عاملين إنجاز مهم ولبنانيي ومنسيين" ، كانت فكرة "كتير لذيذة" أن يتم تكريم هذا الثنائي وأن يقال أن هذين اللبنانيين قاما بإنجاز كبير جداً، وهذا الإنجاز ما زال فعله والمناخ الجيد له موجوداً لغاية الآن "هول الـ2 ما كان بدّن حدا يدافع عنن ليمشي الحال".
إضافة إلى ذلك أحلام مستغانمي لم تقل نعم لأحد و"لا لمهرجان ولا لأي تكريم"، أبداً، والكلام معها كان أنها قالت "عطوني سنتين"، "هيك بالعربي، طيب ليش سنتين يا ستنا؟" قالت "بدي شوف شو عم تعملوا بس"، فتابعَت وإقتنعَت ثم قبِلت بكل بساطة، ولكن طبعاً كان شرفاً للمهرجان أن أحلام مستغانمي موجودة فيه، هذا الوزن الأدبي والقيمة الفكرية أن تقول نعم، كذلك السيدة هدى حداد، شقيقة السيدة فيروز، أيضاً أنت تدرك وأنا أعرف "إنو ما قالت نعم لحدا ليكرمها، يعني كتير بيعرضوا عليها"، طبعاً عندما شاهدَت أن المناخ محترم لم تقل لا.