من البداية، من البوابة التي توصلك الى واجهة بيروت البحرية وما قبل البوابة حتى، عندما تصل الى وسط بيروت تجد امامك ارتالاً من السيارات وجهتها واحدة، واجهة بيروت البحرية وزياد الرحباني، وكلما تقدمت على مهل كلما اكتشفت حجم جمهور هذا العبقري الكبير، تتخطى الزحمة وتدخل حرم الواجهة البحرية وصولا الى موقف السيارات، وانت تردد "زحمة يا دنيا زحمة".
امام المدخل الرئيسي للمسرح المزين بديكور بسيط جداً تجد جماعات وجماعات منهم من يتكلم في السياسة والوطن، ومنهم من يتكهن عن الربرتوار الذي سيقدمه زياد الرحباني ومنهم من ينشد البعض من اغنياته.
ليلة الخميس في السابع من اب وكأن الناس ارادت ان تنفس عن غضبها فلجأت الى زياد الرحباني لتنتفض معه عبر اغنيات وموسيقى وقفشات ملغومة وصريحة وواضحة يقدمها برفقتة فريقه من موسيقيين ومنشدين وممثلين.
"راجعة باذن الله" كانت شعلة من الاغنيات التي قدمها زياد الرحباني في الحفل الذي اطلق عليه اسم "وليس غداً" تيمناً بالاغنية التي الفها الاخوان رحباني وقدمتها السيدة فيروز في معرض دمشق الدولي بالعام 1966، ويقول مطلعها "الان الان وليس غداً اجراس العودة فلتقرع، سيف فليشهرفي الدنيا ولتصدع ابواب تصدع، الان الان وليس غداً اجراس العودة فلتقرع".
الحفل تالف من فصلين قدمه زياد بطريقة رائدة حيث تولت الممثلتان ندى ابو فرحات وريما قديسي تقديم بعض الاسكتشات التي تضحكنا عل مصابنا فبرعتا في التعليق على وضعنا وبين الضحك حينا والدموع احيانا نجحتا في الاختبار، وتولى الانشاد في هذا المهرجان من سورية منال سمعان، ومن مصر شيرين عبده وحازم شاهين، ومن لبنان ماري تريز، وتينا يموت. وبمشاركة العازف العالمي المعروف شارلز دايفد.
اضافة لاغنيات زياد الانتقادية وموسيقاه الرائعة، السيدة فيروز والدة الرحباني كانت حاضرة وبقوة عبر عدد كبير من اغنيات زياد والاخوين رحباني، ولعل اكثر المتفاعلين مع زياد اضافة إلى جمهوره الواسع الذي ملاء مدرجات مسرح "اعياد بيروت" كان ابن عمه اسامة الرحباني التي لم تفارق الضحكة وجهه طيلة الوقت.
كنّا سوى، اهو دا اللي صار، ضاق خلقي، فايق ولا ناسي، بكتب اسمك يا حبيبي، يارا، لا والله، يا شاويش الكاراكون، راجعة باذن الله التي تم تاليفها بالعام 1978 وهوتقرير مستوحى من الاوضاع السياسية في تلك الحقبة من تاريخ لبنان كما شرح زياد الرحباني بنفسه، شالك رفرف، حبيتك لنسيت النوم، موسيقى اسعد الله مسائكم، ومقدمة صح النوم، وغيرها من المقطوعات الموسيقية من تاليف المبدع زياد الرحباني، والختام كان في اغنية "ماشي مع الشعب المسكين" حيث وقف جمهور زياد وانشدها مع الفرقة والمنشدين.
وحسبما اعلن زياد الرحباني انه كتب كلمة كان من المقرر القاؤها في هذه الليلة الكبيرة ولكنه عاد والغاها فقال: " كنت مقرر قول كلمة ولكن بعد ما راجعتها لقيت انه ما حدا بيعرف شو في عند الثاني، ونحن بمنطقة الشرق الاوسط في مناسبات عديدة هالفترة، الموضوع يللي بدو يحكي عنه الواحد كبير كتير ع ليلة مثل هالليلة ولكن رح حاول انشره بكل الطرق يللي ممكن توصل فيه الكلمة للكل".
لبيروت من قلبي سلام لبيروت، وليل الخميس 7 اب كان سلامٌ من بيروت وصل عبر زياد الرحباني وفرقته الى كل لبنان تلاطمته الامواج القابعة تحت اقدام مدينة الحياة وحملته عبر رذاذها الى كل لبنان.