اختتمت مساء أمس فعاليات الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
فبعد تسعة أيام من العروض واللقاءات، كشفت لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج الإيطالي باولو سورينتينو عن أسماء الفائزين بجوائز هذه الدورة.
فقد قررت منح النجمة الذهبية للمهرجان لفيلم "حكاية من شمرون" للمخرج الإيراني عماد الإبراهيم دهكردي. ومنحت جائزة لجنة التحكيم مناصفة لكل من فيلم "الروح الحية" لكريستيل ألفيس ميرا (البرتغال) وفيلم "أزرق القفطان" لمريم التوزاني (المغرب). فيما كانت جائزة الإخراج من نصيب فيلم "برق" لكارمن جاكيي (سويسرا). وآلت جائزة أفضل ممثلة لتشوي سونغ يون عن دورها في فيلم "رايسبوي ينام" لأنتوني شيم (كندا)، ونال أرسويندي بينينك سوارا جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "سيرة ذاتية" للمخرج مقبول مبارك (إندونيسيا).
بالإضافة إلى رئيسها، تكونت لجنة تحكيم هذه الدورة من الممثلة البريطانية فانيسا كيربي، والممثلة الألمانية ديان كروجر، والمخرج الأسترالي جاستن كورزل، والمخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي، والمخرجة المغربية ليلى المراكشي، والممثل الفرنسي طاهر رحيم.
وقد شاهدت اللجنة 14 فيلما مشاركا في المسابقة الرسمية، تمثل 14 دولة و 5 قارات (أستراليا، البرازيل، كندا، فرنسا، إندونيسيا، إيران، المغرب، المكسيك، البرتغال، السويد، سويسرا، سوريا، تونس وتركيا).
دورة استثنائية
تعتبر الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش دورة استثنائية على عدة أصعدة، فهي أولا تمثل عودة لهذه التظاهرة بعد توقف دام لسنتين بسبب الجائحة. كما أنها تؤكد الحماس الكبير للجمهور لمشاهدة مختلف أقسام المهرجان، حيث شاهد أزيد من 150 ألف مشاهدا عروض 124 فيلما في كل من قصر المؤتمرات بمراكش، وسينما كوليزي، وساحة جامع الفنا وكذا في متحف إيف سان لوران. كما تم اعتماد ما يقارب 20000 شخص حصلوا على بطاقتهم الإلكترونية لحضور مختلف أقسام المهرجان، أي ما يقارب ضعف الاعتمادات التي تم تسجيلها خلال الدورة الثامنة عشرة التي أقيمت سنة 2019. كما حضر ما يقارب من 5000 طفل ومراهق العروض المخصصة للجمهور الناشئ.
وعلى غرار الدورات السابقة، خصصت دورة 2022 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش مكانا خاصة للسينما المغربية من خلال برمجة تحتفي بجيل جديد من السينمائيين، والذين حظيت أعمالهم بالإشادة من قبل النقاد في المغرب وخارجه. هكذا إذن، لاقت أفلام "ملكات"، وهو أول فيلم طويل لياسمين بنكيران، والفيلم الطويل الثاني لفيصل بوليفة "المحكور ما كي بكيش"، و "شظايا السماء"، أول فيلم طويل لعدنان بركة، نجاحا كبيرا خلال عرضها في مراكش.
وكان قسم بانوراما السينما المغربية، الذي قدمت فيه خمسة أفلام، قد افتتح بعرض فيلم "أيام الصيف" للمخرج فوزي بنسعيدي، في أول عرض عالمي له أمام جمهور متحمس ملأ قاعة العرض بأكملها.
و عرفت هذه الدورة التاسعة عشرة مشاركة مهمة للمهنيين المغاربة الذه بلغ عددهم 350 شخص
تكريمات ومشاعر قوية
كما تميزت الدورة التاسعة عشرة للمهرجان بتكريم أربعة أسماء متميزة من السينما العالمية. فقد أعرب الممثل الهندي رانفير سينغ عن "فخره الكبير كسفير للسينما الهندية" من خلال الاحتفاء به وتكريمه في مراكش. وبتسلمه لدرع التكريم من يد الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار، أكد المخرج الأميركي جيمس جراي أن "المغرب ومراكش يحتلان مكانة خاصة في قلبه" قبل أن يوجه نداء إلى السينمائيين والفنانين بشكل عام: "نحن بحاجة إليكم لأنكم تفتحون أرواحنا وتساهمون في إمتاعنا ".
ولم تخف المخرجة المغربية فريدة بنليزيد تأثرها العميق عندما حظيت بالتكريم بمناسبة هذه الدورة التاسعة عشرة، بعد أن سبق لها المشاركة في عضوية لجنة تحكيم الدورة الأولى للمهرجان سنة 2001. "قبل بضعة أيام من انطلاق المهرجان في 28 شتنبر، بعد أحداث 11 شتنبر، طرح السؤال حول إمكانية إلغاء هذه التظاهرة، لكن جلالة الملك قرر بإرادته الخاصة أن ينعقد المهرجان". تصرح فريدة بنليزيد مذكرة بسياق تنظيم الدورة الأولى.
بدورها، شاركت الممثلة والمنتجة الاسكتلندية تيلدا سوينتون بتصريح قوي يهم الفن السابع : "تُظهر لنا السينما من نحن، في تنوعنا الكبير. إنها انعكاس لرغباتنا وإخفاقاتنا وإنجازاتنا وأحلامنا. تحيا السينما ويحيا الاختلاف! "
حوارات وتبادلات
لحظات أخرى لا تخلو من قوة ميزت الدورة التاسعة عشرة: سلسلة الحوارات مع شخصيات متألقة من عالم السينما. جلسات تبادل مفتوحة سمحت لجمهور المهرجان بالحديث مع مخرجين وممثلين ذوي شهرة عالمية مثل ليوس كاراكس، أصغر فرهادي، جيريمي آيرونز، جولي ديبلي، جوليا دوكورنو، جيم جارموش، روبن أوستلوند، مارينا فويس، رانفير سينغ والمؤلف الموسيقي غابرييل يارِد.
كما جمعت الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش 250 خبيرا دوليا حول مجموعة مختارة من 23 مشروعا وفيلما في إطار الدورة الخامسة لورشات الأطلس. فقد واكب برنامج الصناعة السينمائية للمهرجان منذ إطلاقه سنة 2018، 111 مشروعا وفيلما لمخرجين من العالم العربي والقارة الإفريقية، منها 48 مشروعا من المغرب.
بعد عامين من التوقف الاضطراري، تميزت عودة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بحضور قوي للجمهور وبحماس كبير للسينمائيين من أجل اللقاء وتبادل الآراء. كما سلط المهرجان هذه السنة مرة أخرى الأضواء على تنوع التجارب السينمائية في العالم، وأسهم في الكشف عن مواهب جديدة، مع منح عشاق السينما والجمهور فرصة اللقاء بشخصيات مرموقة من السينما العالمية.