في أعماق مياه جنوب شرق آسيا، تعيش قبيلة الباجاو، المعروفة بلقب "بدو البحر"، والتي حافظت على نمط حياة فريد يمتد لأكثر من ألف عام، قائم على الغوص الحر وصيد الأسماك وجمع المحار. أفراد القبيلة قادرون على قضاء ما يصل إلى خمس ساعات يومياً تحت الماء، من دون استخدام أجهزة تنفس، بفضل تكيف جسدي نادر يشمل تضخماً في الطحال يساهم في تخزين الأكسجين لفترات طويلة.
لكن هذا الإرث الإنساني والاستثنائي بات مهدداً اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالتغيرات البيئية، وعلى رأسها التلوث البلاستيكي الناتج عن الأنشطة الصناعية وأنماط الحياة الغربية، باتت تفسد النظم البحرية التي تعتمد عليها القبيلة في معيشتها. وأمام غزو المخلفات والشباك المهملة، أصبحت رحلات الغوص والصيد التقليدي أكثر خطورة وأقل مردوداً.
إلى جانب الكارثة البيئية، تواجه الباجاو ضغوطاً اجتماعية وتشريعية متزايدة. فمع السياسات الحديثة التي تقيد حرية التنقل والصيد، ومع صعود السياحة المنظمة، تفقد القبيلة تدريجياً صلتها بجذورها الثقافية. ويُحذر خبراء في علم الإنسان من أن اختفاء هذا المجتمع قد لا يكون مسألة إن، بل متى.
قبيلة الباجاو لا تملك أرشيفاً مكتوباً، ولا وثائق تحفظ تاريخها، فكل ما تملكه هو ذاكرتها الحية. وإذا ما اختفت، سيختفي معها فصل فريد من فصول التكيف البشري والعيش بتناغم مع البحر.