ودّع المعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان الفنان والموسيقار الكبير زياد الرحباني، في بيان حمل الكثير من الأسى والتقدير لمسيرته، واصفًا إياه بالقامة الفنية الاستثنائية، وصوت الحرية الذي لا يغيب، مؤكّدًا أن غيابه الجسدي لا يمكن أن يمحو حضوره العميق في الوجدان الموسيقي والثقافي اللبناني والعربي.

وجاء في بيان النعي الصادر عن رئيسة المعهد الدكتورة هبة القواس، وأعضاء مجلس الإدارة والأوركسترا الوطنية بجناحيها الشرقي والغربي، والهيئات التعليمية، أن زياد الرحباني لم يكن فنانًا عاديًا، بل صانع هوية موسيقية وفكرية متفرّدة، وشاهدًا دائمًا على وجع الوطن وضحكته المرة. فبأسلوبه الخاص، جمع بين النغمة والكلمة والموقف، وظل لعقود صوتًا للناس، ومرآةً للشارع، وأفقًا فنيًا لا يشبه أحدًا.

وأشارت القواس في رسالة مؤثرة نشرتها على حساباتها الخاصة إلى أنها كانت تُعد تكريمًا كبيرًا لزياد، حلمت بأن تراه جالسًا بينهم، يبتسم وهو يسمع الألحان التي تدين له بالكثير، لكنها قالت: "تأجّل الموعد… لكن الوعد لم يتأجّل، وسنُقيمه حتمًا، ولو في حضورك غير المرئي".

واعتبر المعهد أن فقدان زياد ليس خسارة لعائلته الفنية فحسب، بل خسارة وطنية بكل المعايير، لأن ما قدّمه خلال مسيرته لم يكن مجرد فن، بل موقفًا ثابتًا، وخطابًا صادقًا، وانحيازًا دائمًا للفقراء والمهمّشين، ورفضًا لكل أشكال التزييف والتجميل الزائف للواقع.

واختُتم البيان بكلمات تختصر المشهد: "زياد لم يرحل… بل غاب ليُعزف في مكان آخر. موسيقاه ستبقى معنا، وستقود نغماتنا، كما كان يفعل دائمًا بعينيه الثاقبتين وروحه التي لا تهدأ".