نظرًا لمحتواه من الإلكتروليت والكالسيوم والبروتين، يُعتبر الحليب مشروبًا يملك مواصفات عالية للترطيب. ولكن هل تتفوق مزاياه على الماء النقي الخالي من السكر والدهون في الترطيب؟ كشفت الدراسات التي أجرتها جامعات مختلفة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والتي نُشرت بين عامي 2007 و2020، أن الحليب هو الفائز في كل مرة.
معركة المشروبات
اختبرت الدراسة الأولى، التي يعود تاريخها إلى عام 2007، مشروبات مختلفة على متطوعين أصيبوا بالجفاف بعد المشاركة في نشاط رياضي. ووجد العلماء أن الحليب أنتج كمية أقل من البول مقارنة بالماء ومشروبات الطاقة. وظل ”توازن الماء“ أي الترطيب إيجابيًا بعد شرب الحليب لمدة تصل إلى 5 ساعات بعد الرياضة، خلال فترة التعافي. في حين أنه مع المشروبات الأخرى، عاد الترطيب إلى الصفر بعد ساعة واحدة فقط.
بعد مرور عشر سنوات تقريبًا أجرى باحثون في جامعة ليمريك في أيرلندا على سبعة شبان يمارسون النشاط البدني بانتظام. كان إسترداد توازن السوائل بعد الرياضة أكبر عند تناول الحليب. ويشير الباحثون إلى أن هذا نتيجة لتآزر العناصر الغذائية الموجودة في هذا المشروب. عام 2016، قامت دراسة نُشرت في المجلة الأميركية للتغذية السريرية بقياس مستويات الترطيب واحتباس السوائل لدى 72 رجلاً لمدة 4 ساعات دون أي نشاط بدني. اختبر العلماء مجموعة متنوعة من المشروبات أكثر من الدراسات السابقة: الماء، والحليب كامل الدسم، والحليب منزوع الدسم، والشاي، والقهوة، والكوكاكولا، والكولا دايت، وعصير البرتقال، والبيرة، ومشروب الطاقة الرياضي. النتائج؟ كان نوع الحليب كامل الدسم والحليب منزوع الدسم أكثر المشروبات ترطيباً وأكثرها احتفاظاً بالسوائل. وفي الآونة الأخيرة، أثبتت دراسة نُشرت في عام 2020 في مجلة Nutrients مرة أخرى أن الحليب له تأثيرات ترطيب أعلى من الماء.
ترطيب الحليب
كيف يمكن تفسير هذه النتائج؟ تتفاعل أجسامنا ليس فقط مع حجم الماء، ولكن أيضًا مع العناصر الغذائية الموجودة في المشروب. في الواقع، ترتبط قدرة المشروب على الترطيب ومستوى الاحتفاظ بالماء في أجسامنا بشكل كبير بتركيبته الغذائية. فما هي العناصر الغذائية الموجودة في الحليب التي تعزز الترطيب؟ الحليب هو مشروب غني بالصوديوم والبروتين والدهون وهو عنصر غذائي يعمل كإسفنجة سائلة. ونتيجة لذلك، فإنه يحتفظ بالماء في الجسم لفترة أطول. تساهم البروتينات والدهون في إبطاء فقدان السوائل مع مرور الوقت. وتوضح ميليسا ماجومدار، أخصائية التغذية المسجلة والمتحدثة باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية، التي لم تشارك في الدراسة، لشبكة CBSNews: ”تؤكد هذه الدراسة ما كنا نعرفه بالفعل: الشوارد، مثل الصوديوم والبوتاسيوم، تساهم في تحسين الترطيب، بينما السعرات الحرارية الموجودة في المشروبات تبطئ إفراغ المعدة وبالتالي إفراز البول“.
مستويات الترطيب
ومع ذلك، فإن هذه الدراسات لها حدودها، ويجب التعامل مع نتائجها بحذر. شملت الدراسات عدداً قليلاً جداً من المتطوعين. والأكثر من ذلك، قاموا بقياس مستويات الترطيب لفترات قصيرة جدًا (لا تزيد عن 5 ساعات). وكما يشير أستاذ كلية الطب في جامعة هارفارد في مجلة هارفارد هيلث بابليشينغ: "لو تمت متابعة المشاركين في الدراسة لفترة أطول، هل كان هذا الفرق [بين الحليب والماء] سيختفي؟ يواصل الخبراء ومهنة الطب الدعوة إلى الماء لترطيب الجسم. يجب مراعاة تناول السعرات الحرارية والسكر في المشروبات الأخرى للحفاظ على صحة جيدة. لذلك لا يزال الماء هو الكأس المقدسة للترطيب بشكل نقي وبسيط.