في وقت لا يزال فيه العالم يتلمّس خطواته الأولى نحو استيعاب قدرات شبكات الجيل الخامس (5G)، بدأت ملامح الجيل السادس (6G) تلوح في الأفق، حاملة معها وعودًا بثورة تقنية جديدة قد تغيّر كل ما نعرفه عن الاتصال والتفاعل الرقمي.
شركات تكنولوجية رائدة مثل كوالكوم، نوكيا، سامسونغ، وإريكسون، بدأت منذ الآن سباقًا محمومًا لتطوير هذه التقنية المستقبلية، التي لا تقتصر على تسريع الإنترنت، بل تهدف إلى إعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان، والآلة، والبيئة المحيطة.
الجيل السادس يُعد قفزة نوعية تتجاوز ما حققته الأجيال السابقة، فبحسب ما أورده موقع "androidheadlines"، فإن 6G سيعتمد على دمج الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، والتوأمة الرقمية لإنشاء شبكة ذكية قادرة على الاستجابة والتفاعل مع العالم بشكل لحظي.
الحديث هنا ليس عن زيادة السرعة فقط، رغم أن التوقعات تشير إلى إمكانية بلوغ سرعات تصل إلى تيرابت واحد في الثانية، أي أسرع بنحو 100 مرة من الجيل الخامس، كما أن زمن الاستجابة قد يصبح شبه لحظي، في حدود ميكروثانية واحدة فقط، ما سيحدث تحولًا جذريًا في تجارب مثل الواقع المعزز، والاتصالات الهولوغرافية، والألعاب عبر السحابة.
واحدة من أبرز مميزات الجيل السادس أنه سيولد مدمجًا مع الشبكات غير الأرضية، مثل الأقمار الصناعية، ما يعني تغطية كاملة دون انقطاع في أقصى المناطق النائية، وعلى متن الطائرات والسفن.
ولن تكون الشبكة ذكية فقط في الأداء، بل أيضًا في الإدارة، إذ سيكون الذكاء الاصطناعي المحرك الرئيسي لها، يتحكم بتوزيع الطاقة، تحسين الاتصال، وتقديم تجربة مخصصة لكل مستخدم، بالإضافة إلى إمكانيات استشعار دقيقة تتيح للشبكة رصد الأجسام والحركة دون الحاجة لأجهزة حسية تقليدية.
وعلى مستوى التطبيقات، فإن 6G يفتح الباب أمام آفاق جديدة يصعب تخيلها: من جراحات تُجرى عن بُعد بدقة متناهية، ومراقبة صحية لحظية، إلى مدن ذكية أكثر كفاءة، ومركبات ذاتية القيادة أكثر أمانًا، وتجارب ترفيهية تتجاوز حدود الواقع.
ورغم أن إطلاق هذه التقنية ما يزال بعيدًا، حيث تشير التقديرات إلى بداية التجارب الأولية في غضون ثلاث سنوات، على أن تُطرح تجاريًا بحلول عام 2030، فإن الاستعدادات قد بدأت بالفعل في دول مثل الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية، الصين، ودول أوروبية، وكلها تسعى لقيادة هذا التحول الكبير نحو المستقبل.