أعلن باحثو "مايو كلينك" عن تطوير أداة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي تُدعى StateViewer، قادرة على التعرف على أنماط نشاط الدماغ المرتبطة بتسعة أنواع من الخرف، من بينها مرض ألزهايمر، باستخدام فحص واحد شائع يُعرف باسم FDG-PET، مما يمثل نقلة نوعية في تشخيص هذه الأمراض في مراحلها المبكرة وبدقة عالية.

وبحسب الدراسة التي نُشرت في مجلة Neurology في 27 يونيو 2025، نجحت الأداة في تحديد نوع الخرف في 88% من الحالات، كما ساعدت الأطباء على تفسير صور الدماغ بسرعة مضاعفة وبدقة تصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالأساليب التقليدية. وقد تم تدريب الأداة واختبارها على أكثر من 3,600 صورة دماغية لأشخاص مصابين بالخرف وآخرين غير مصابين باضطرابات معرفية.

ويواجه تشخيص الخرف تحديات معقدة، خصوصاً في مراحله الأولى أو عند وجود أكثر من حالة مرضية في الوقت نفسه. وتكمن أهمية StateViewer في قدرتها على توفير دعم تشخيصي دقيق، حتى في المراكز التي تفتقر إلى خبراء الأعصاب، ما يسهم في توجيه المرضى نحو العلاج المناسب في الوقت الأنسب.

ويُذكر أن الخرف يؤثر على أكثر من 55 مليون شخص حول العالم، مع قرابة 10 ملايين إصابة جديدة كل عام، ويُعد مرض ألزهايمر أكثر أنواعه شيوعاً وخامس الأسباب المؤدية للوفاة عالمياً. ورغم الاعتماد على سلسلة من الفحوصات والاختبارات الدقيقة، يبقى التفريق بين الأنواع المختلفة للخرف – مثل ألزهايمر، وخرف أجسام ليوي، والخرف الجبهي الصدغي – أمراً بالغ الصعوبة، حتى بالنسبة للمتخصصين.

قيادة المشروع:قاد تطوير الأداة الدكتور ديفيد جونز، اختصاصي الأعصاب في "مايو كلينك" ومدير برنامج الذكاء الاصطناعي في قسم الأعصاب، بالتعاون مع الدكتور ليلاند بارنارد، خبير البيانات المسؤول عن هندسة الأداة.

وقال الدكتور جونز: "كل مريض يدخل عيادتي يحمل قصة فريدة يعكسها تعقيد الدماغ، وهذا ما يدفعني للسعي وراء أجوبة أوضح. تمثل أداة StateViewer خطوة نحو فهم مبكر وعلاج أدق، وربما مستقبلاً تغيير مسار هذه الأمراض."

وأضاف الدكتور بارنارد:"طوال عملية تطوير الأداة، كنا نُدرك أن وراء كل صورة دماغ هناك إنسان يواجه واقعاً صعباً وأسئلة ملحّة. ومن المشجّع أن نرى كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث فرقاً فورياً في القرارات السريرية."

كيف تعمل الأداة؟

تعتمد StateViewer على تحليل فحص FDG-PET، الذي يُظهر كيفية استخدام الدماغ للغلوكوز كمصدر للطاقة. ومن خلال مقارنة نتائج الفحص بقاعدة بيانات ضخمة تحتوي على صور لأشخاص تم تشخيصهم مسبقاً بأنواع مختلفة من الخرف، تستطيع الأداة تحديد النمط المطابق لنوع محدد أو مزيج من الأنواع.

وتُعرض النتائج عبر خرائط دماغية ملونة توضّح مناطق النشاط غير الطبيعي، مما يتيح فهماً بصرياً دقيقاً، حتى للأطباء غير المختصين في طب الأعصاب.

ويخطط باحثو "مايو كلينك" لتوسيع نطاق استخدام الأداة وتقييم أدائها في بيئات طبية متعددة خلال الفترة المقبلة.