كشفت دراسة جديدة مفاجئة أن سلوكاً مالياً واحداً يرتبط بشكل مستمر بانخفاض مستويات القلق وارتفاع معدلات الرضا عن الحياة.
وقد نُشرت هذه الدراسة في مجلة Stress and Health (الإجهاد والصحة) التي تحمل اسماً معبّراً، وحرص الباحثون فيها على التحكم بعامل الدخل، ما يعني أنك لست بحاجة إلى راتب ضخم للاستفادة من هذه الآثار الإيجابية على الصحة النفسية.
ويبدو أن الإدارة المالية الجيدة مثل الادخار المنتظم وسداد بطاقات الائتمان في موعدها هي المفتاح الحقيقي للشعور بالطمأنينة والسعادة.
استندت النتائج إلى بيانات أكثر من 20,000 أسترالي على مدى 20 عاماً، وتم استخدام أداة علمية معتمدة لقياس القلق والاكتئاب تُعرف بـ Mental Health Inventory-5 (أداة الجرد العقلي للصحة النفسية - 5) لحساب النتائج.
أظهرت الدراسة أن زيادة بنسبة 1% في سلوك الادخار ارتبطت بتحسّن بنسبة 0.475% في مؤشرات الصحة النفسية، كما أدت زيادة بنسبة 1% في سداد بطاقات الائتمان بانتظام إلى تحسن بنسبة 0.507% وهي نسبة أكثر أهمية مما تبدو عليه.
الأهم من ذلك أن الأشخاص الذين يتقاضون نفس الدخل ولكنهم يتبعون أنماطاً مختلفة في الإدارة المالية، أظهروا مستويات مختلفة تماماً من السعادة وراحة البال.
وعلى الرغم من أن العديد من الدراسات أظهرت وجود علاقة بين مستوى الدخل والرضا عن الحياة، إلا أن هذه الدراسة تميّزت بإثبات أن العادات المالية الجيدة وليس الراتب المرتفع يمكن أن تحسّن بشكل ملحوظ الصحة النفسية.
وقد بقيت هذه النتائج ثابتة حتى خلال فترات الأزمات الاقتصادية الكبرى، مثل الأزمة المالية في 2008 وجائحة كوفيد-19.
ويعتقد الباحثون أن الالتزام المالي قد يساعد في التخفيف من "الضغوط المالية" وهي ذلك التوتر المستمر في الخلفية بسبب عدم اليقين حول القدرة على تغطية الفواتير أو الحالات الطارئة أو التكاليف غير المتوقعة.
كما يمكن لهذا الضغط أن يؤدي إلى سلسلة من العواقب السلبية.
قال راجابراتا بانيرجي، أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جنوب أستراليا والمؤلف المشارك في الدراسة: "عندما يواجه الأفراد ضغوطاً مالية، فإنهم غالباً لا يستطيعون الادخار أو الاستثمار، ما يجعلهم يفوتون فرص النمو وتحقيق الأهداف التي وضعوها للمستقبل.وقد يصبحون معتمدين على الاقتراض لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يؤدي إلى دفع فوائد عالية والدخول في دوامة دائمة من الديون."
ويأمل الباحثون أيضاً أن تُلهم هذه النتائج الناس لاتخاذ خطوات عملية للسيطرة على صحتهم المالية وبالتالي النفسية.
وأضاف بانيرجي:"لهذا السبب تعتبر السلوكيات المالية الصحية مهمة لبناء الاستقرار والأمان طويل الأمد، وتحقيق الأهداف، والاستقلالية، والوصول إلى الفرص، بالإضافة إلى تقليل التوتر وتعزيز الصحة النفسية."
ومن المثير للاهتمام أن الفوائد كانت أكثر وضوحاً لدى الرجال من حيث سلوك الادخار على الرغم من أن كلا الجنسين أظهرا تحسناً في مختلف مؤشرات الرفاهية، بما في ذلك المرونة العاطفية والوظائف الاجتماعية.