بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين وفي خطوة نوعية تعكس التزامًا راسخًا بصحة المجتمع، نظّم مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، برعاية معالي وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين، يومًا توعويًا مفتوحًا يوم أمس في حديقة المستشفى.

شكّلت المناسبة محطة مفصلية بإعادة افتتاح مركز الإقلاع عن التدخين (CST)، بعد تحديث شامل طال بنيته، منهجيته، وخدماته، ليعود اليوم بدور فاعل في التصدي لآفة التدخين، عبر مقاربة علاجية متكاملة تجمع بين المرافقة الطبية والصحية، والدعم النفسي، والإرشاد الغذائي.

وحضر الافتتاح الرسمي شخصيات من المجتمع، وقد تخلل البرنامج كلمات لكل من ضيف هذا الاحتفال السيد ريكاردو كرم، البروفسورة زينة عون، البروفسور إيلي نمر عميد كلية الطب في جامعة القديس يوسف، السيد نسيب نصر المدير العام لشبكة مستشفيات USJ-HDF، السيد غابريال نوفيلو ممثل منظمة الصحة العالمية، واختُتم بكلمة للدكتور فادي سنان ممثلًا وزارة الصحة.

في البداية كانت كلمة المسؤولة عن مركز الاقلاع عن التدخين، السيدة ريتا نصراني، التي رحّبت بجميع المشاركين، مشيرةً إلى أهمية اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، ومؤكدةً على ضرورة التكاتف لمواجهة هذه الآفة التي تودي بحياة ملايين الأشخاص سنويًا حول العالم.

وشدّد السيد ريكاردو كرم في كلمته على أهمية التصدي لآفة التدخين، وقال: "أنا لست طبيباً ولا خبيراً في الصحة، لكنني إنسان شهد على أشخاص أحبّهم، امتلأوا بالحياة، ثم انهاروا أمام إدمان التدخين. ليس لأنهم أرادوا الموت، بل لأنهم لم يستطيعوا الإقلاع. التدخين ليس عادة، بل إدمان يسرق ببطء ويقتل بهدوء. نفتتح اليوم مركزاً يجرؤ أن يقول: كفى صمتاً، كفى تطبيعاً مع التدخين. هذا المركز هو بداية. الوقاية وعي وشجاعة، وحماية الحياة مسؤولية وطنية. هذه الحملة ليست لإدانة أحد، بل لتقديم الأمل والحل. فلنسقط القناع اليوم، ولنتحدث بصدق. فالحقيقة تنقذ الأرواح".

ولفتت البروفسورة زينة عون إلى أن إعادة افتتاح هذا المركز يمثّل تحقيقًا لحلم شخصي ورسالة إنسانية، مؤكدة أن كل من يسعى للإقلاع يستحق الدعم، وأن الشراكة بين الجامعة والمستشفى تعزز هذا الالتزام نحو مجتمع أكثر صحة.

البروفسورة إيليان أيوب، ممثلة عميد كلية الطب، أشارت إلى أن افتتاح مركز الإقلاع عن التدخين يشكّل خطوة متقدّمة في مجال الصحة العامة، مؤكدة أهمية العمل التشاركي في تقديم رعاية متكاملة قائمة على الوقاية والابتكار، ومشيدة بدور الطلاب كحملة لرسالة الطب المجتمعي.

بدوره، أبرز السيد نسيب نصر، أهمية تعميم ثقافة الوقاية من التدخين على مستوى الشبكة، مؤكدًا أن دعم وزارة الصحة شكّل ركيزة أساسية في إعادة تفعيل المركز رغم التحديات. كما دعا إلى تشديد الرقابة على منع التدخين في الأماكن العامة، معتبرًا أن لأوتيل ديو دورًا أساسيًا في ترسيخ هذا النهج على مستوى الوطن.

وأوضح ممثل منظمة الصحة العالمية، السيد غابريال نوفيلو، أن حملة هذا العام تسعى إلى كشف أساليب شركات التبغ والنيكوتين في استهداف الشباب، مؤكدًا أن التدخين لا يزال من أبرز أسباب الوفاة عالميًا، وداعيًا إلى تعزيز السياسات الوقائية وتقديم الدعم للإقلاع كخطوة أساسية لحماية الصحة العامة خصوصًا في لبنان.

واختتم الدكتور فادي سنان، ممثّل وزير الصحة العامة، مشددًا على أهمية إعادة افتتاح عيادة الإقلاع عن التدخين في مستشفى أوتيل ديو، واصفًا الخطوة بالرمزية والوطنية في مواجهة إحدى أخطر الآفات الصحية. وقال: "نعمل في الوزارة على تفعيل قانون الحد من التدخين رقم 174، من خلال تعزيز التعاون مع مختلف الجهات، وإطلاق استراتيجية شاملة تشمل فتح عيادات، وتفعيل الرقابة، وزيادة الوعي، ورفع أسعار منتجات التبغ، وتقديم الدعم الكامل لكل مبادرة تهدف إلى حماية الصحة العامة".

وتخلّل هذا الاحتفال أداء موسيقي مميز وفيديو خاص عن مركز الاقلاع عن التدخين. وبهذه المناسبة، نظم المستشفى يومًا تفاعليًا غنيًا، شمل تمارين تنفّس موجهة للطلاب، فحوصات مجانية بإشراف أطباء مقيمين، ألعابًا تعليمية، إضافة إلى أنشطة توعوية تفاعلية أقامها طلاب من كليات الطب والتمريض. كما أتيح للحضور المشاركة في جلسة مفتوحة للأسئلة والأجوبة مع اختصاصيين في الصحة العامة. وقد شاركت خمس مدارس من مختلف المناطق اللبنانية في هذا النشاط.

أما البُعد الإبداعي، فتجسّد في عرض فني حي، حيث قام فنانان برسم لوحات مباشرة، بالتفاعل مع الزوار، مستوحين أعمالهم من شعار هذا اليوم "لننزع القناع، ولنحافظ على صحتنا "، مضيفين بعدًا فنيًا تواصليًا إلى الرسالة الصحية.

جاء هذا اليوم ليعكس رؤية متجددة في العمل الوقائي، ويؤكّد موقع مستشفى أوتيل ديو دو فرانس كمرجعية رائدة في تعزيز ثقافة الامتناع عن التدخين، ومواكبة الأفراد بخطوات عملية نحو نمط حياة أكثر صحة خالية من التدخين.