عاد الممثل المصري أحمد العوضي إلى الشاشة الرمضانية بمسلسله الجديد "فهد البطل"، ذلك المتألق الذي أصبحنا لا ننتظر أعماله الموسمية فحسب، بل نتتبع كل شخصية يُجسدها بشغف، سواء أكان الشاب الصعيدي المتمسك بالمبادئ أو الخارج عن القانون الباحث عن العدل بطريقته الخاصة.
فتارةً نراه الابن المخلص لعائلته، وتارةً أخرى يجسد شخصية المتمرد، الذي لا يهاب أحداً في سبيل الوصول إلى هدفه.
في "فهد البطل"، يقدم العوضي شخصية فهد، الطفل الذي تيتم بسبب ظلم عمه، ووجد نفسه مشرداً في الشوارع مع شقيقته.
شخصية تحمل عبء الألم والكرامة، وتُسجن ظلماً دفاعاً عن شرف الأسرة، يُجسد فيها العوضي رجلاً تتحكم فيه ردود أفعاله قبل التفكير، لكنه لا يتخلى عن مبدئه في أصعب الظروف.
العوضي يبرهن من جديد على مكانته المميزة في الساحة الدرامية، وسط منافسة شرسة بين نجوم كبار وصاعدين، مثبتاً أن حب الجمهور له ليس وليد الصدفة، بل نتيجة اجتهاد مستمر وحضور طاغٍ.
أما القدير أحمد عبد العزيز، الذي جسد شخصية "غلاب"، فقد أبدع كعادته في تقديم دور رئيس المافيا، رجل تحكمه المصالح وتلازمه صفة الغدر، ينهار فقط أمام حبٍ مستحيل، حين يتزوج زوجة شقيقه في نهاية المطاف، في مشهد يختلط فيه الانتصار بالخيانة.
محمود البزاوي تألق بدور "توفيق التمساح"، حيث برز بأداء متزن، حافظ فيه على رباطة جأشه في أصعب المواقف، وقدم شخصية عميقة بين الحكمة والقسوة، جعلت منه أحد أبرز وجوه العمل.
ميرنا نور الدين لعبت دور "كناريا"، الزوجة التي تتأرجح علاقتها بين الشك والحب، فتارةً تُتهم، وتارةً تراقب، لكنها في النهاية تسلم للحب. أداؤها الرصين وجاذبيتها العالية جعلا منها إضافة مهمة لهذا العمل.
أما شقيقتها في المسلسل، التي أدتها ريم عامر، فقد جسدت شخصية تعاني من غياب النضج والاتزان، تلعب دور المحرّضة وتثير الفتن، وبرعت في تقديم شخصية "الماكرة" بأسلوب احترافي لافت.
القصة حملت الكثير من الحزن والألم، حيث يفقد "فهد" والده، وتُغدر والدته، ثم تموت بعد لقائه بها، لتتوالى المآسي مع تعرض شقيقته للاغتصاب، وتنتهي حياتها كذلك. ومع النهاية، يلقى "فهد البطل" حتفه، في عمل درامي خالٍ من أي بصيص أمل، كأن الموت والظلم كانا قدر كل من ظهر على الشاشة.
شخصية "المرأة الغامضة" ، الممثلة لوسي، التي تدير عصابة من خلف الستار، لعبت دوراً مركباً، إذ كانت تارة نصيرةً للضعفاء، وتارة أخرى شرسة حين تُمس عائلتها، ما جعلها تتأرجح ببراعة بين الخير والشر.
أما "ريكو"، الذي قدمه عصام السقا، فكان بمثابة نسمة هادئة وسط العاصفة. شاب مرح، طبيعي، مدرك لذاته، أضفى توازناً محبباً على أجواء العمل المشحونة.
أما الممثل حمزة العيلي فأبدع في تجسيد شخصية 'نادر التمساح'، حيث امتاز بأداء رفيع وخامة صوتية متميزة أسهمت في إبراز أبعاد الشخصية بصورة مؤثرة.
مسلسل "فهد البطل" هو عمل درامي متكامل، حمل المعنى الحقيقي للمأساة، ولم يترك للفرح أو الأمل مكاناً في ختامه. في وقتٍ تنتصر فيه الدراما عادةً بإبقاء شعاع من النور، اختار هذا المسلسل أن يواجه المنطق البشري بقسوة الحياة، حيث يكون السجان هو شقيقك، والعدالة قاسية بقدر ما هي ضرورية.
في الختام، لا بد من توجيه التحية لكافة صناع العمل والممثلين الذين قدموا أداءً احترافياً عالياً، مؤكدين قدرة الدراما المصرية على طرح قضايا شائكة بعمق وواقعية، ونأمل أن يُعاد تقديم مفهوم "الثأر" بعيداً عن القتل والدماء، ليكون قضية إنسانية ذات هدف مجتمعي ناضج وواعٍ.